تعزز التطورات المتسارعة التي تشهدها تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة من إقبال المستثمرين من شتى أنحاء العالم على الاستثمار في أسهم وشركات التكنولوجيا، لا سيما في الشركات التي تطور خططاً وبرامجاً مرتبطة بالـ (AI) للاستفادة مما تقدمه من فرص وعوائد، بالنظر إلى وصف ذلك القطاع بـ "قاطرة المستقبل".
وبينما يُنظر إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي على أنها لا تزال في مهدها، رغم تطورها الهائل، فإن المستثمرين الذين يتحينون الفرصة لاقتناص المكاسب يضعون أسهم شركات الذكاء الاصطناعي نصب أعينهم لما لها من مستقبل يُنذر بعوائد ربحية واسعة سواء على المدى القصير والمتوسط والطويل، وبالقياس على ما تحققه الشركات من نجاحات واسعة في الفترات الأخيرة.
بالنسبة لعديد من "الأفراد" قد يبدو الأمر غامضاً، لجهة تحديد الفرص والمخاطر التي تتيحها شركات الذكاء الاصطناعي، وفي ظل مخاوف بشأن تكرار "فقاعة الدوت كوم" السابقة التي حدثت مطلع القرن الجاري.
في هذا السياق، رصد محللون في تصريحات متفرقة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، مجموعة من النصائح للمستثمرين (الأفراد) الراغبين في الاستثمار في شركات التكنولوجيا عموماً، ولا سيما تلك التي ترتبط بتقنيات الذكاء الاصطناعي، لجهة تحديد الفرص والمخاطر، على النحو التالي:
- دراسة جيدة للسوق: البحث والدراسة حول شركات التكنولوجيا وتلك التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي وفهم كيفية عملها ونموها المحتمل.
- تنويع الاستثمار: ينصح دائماً بعدم وضع جميع الأموال المتاحة بالنسبة للمستثمر في سهم واحد، إذ يتعين توزيع الاستثمارات على عدة شركات من أجل تقليل المخاطر.
- فهم التكنولوجيا: على المستثمر محاولة فهم كيفية عمل التكنولوجيا في الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكنها تحسين العمليات في مختلف الصناعات.
- متابعة الأخبار: أن يكون المستثمر على اطلاع دائم بأحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وكيف تؤثر على الشركات.
- الاستشارة المالية: قد يكون من الجيد الاستعانة بمستشار مالي محترف للمساعدة في اتخاذ القرارات الاستثمارية.
- الاستثمار على المدى الطويل: قد تكون الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي تتطلب وقتًا لتحقيق العوائد، لذلك يتعين على المستثمر أن يكون صبوراً.
- تقليل المخاطر: يُنصح عادة باستخدام أدوات تقليل المخاطر مثل وضع حدود للخسائر واستخدام استراتيجيات التداول الذكية.
- التحليل الفني والأساسي: استخدام تحليلي الفني والأساسي لتقييم الأسهم واتخاذ القرارات بناءً على ذلك.
وأشاروا إلى أن "الاستثمار في الأسهم ينطوي على مخاطر، ولا يوجد ضمان لتحقيق أرباح بشكل دائم. لذلك يتعين على المستثمر أن يكون حذرًا ويستثمر وفقًا لأهدافك المالية ومستوى المخاطرة الخاص به".
قاطرة النمو والتنمية
في البداية، ينصح المدير التنفيذي لمكتب شركة vi markets بالقاهرة، أحمد معطي، المستثمرين خلال الفترة الحالية بالاستثمار في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي؛ لأن هذه الشركات هي "المستقبل القادم"، على حد وصفه، مشيرًا إلى أن كبرى شركات التكنولوجيا، زادت من نفقاتها في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، لأنه يعتبر قاطرة التنمية في الولايات المتحدة الأميركية والعالم أجمع.
ويوضح خبير أسواق المال، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الولايات المتحدة الأميركية والدول الكبرى اجتمعوا على تبني قواعد تنظيمية لهذه التقنيات في ظل المخاوف المتعلقة بالخصوصية والمخاطر الأمنية، لافتاً إلى إدراك أميركا أن مجال الذكاء الاصطناعي سينقلها إلى طفرة جديدة في الاقتصاد العالمي، وتحاول واشنطن تحقيق الريادة في علم الذكاء الاصطناعي وخاصة الرقائق الإلكترونية.
ويستشهد معطي، بالطفرة التي حققتها شركة NVIDIA والتي تعد واحدة من أكبر الشركات على مستوى العالم في تصميم وإنتاج المعالجات.
- ارتفع سهم الشركة الرائدة في صناعة الرقائق التي تستخدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي، انفيديا -الأفضل أداءً في S&P 500 هذا العام وفقًا لبيانات FactSet- بنسبة 190 بالمئة في النصف الأول من 2023.
ويلفت خبير أسواق المال، إلى أن مميزات الاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي ترجع لكونه المجال الرائد في الفترة المقبلة، كما أن المستثمر سيستمر في جني الأرباح تبعاً لذلك، محذرًا المتداولين من مغبة المخاطرة بجميع أموالهم في أسهم شركات التكنولوجية وحدها، كما أنه لابد من وضع متوسط السعري "إذا نزل السعر لمنطقة دعم سعري يشتري المتداول أسهم من منطقة جديدة.. إلخ".
وعن مخاطر الاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي، يؤكد معطي، أن أسهم الذكاء الاصطناعي تعرف بأسهم النمو (أسهم في شركة يتوقع أن تنمو أرباحها بمعدل أعلى من المتوسط مقارنة بالسوق) لأنها تصعد بسرعة وتتراجع بسرعة أيضاً، كما أن إمكانية حدوث تراجع في الأسهم بشكل كبير يعتبر مخاطرة كبيرة للمتداولين في أسهم التكنولوجيا، لذلك لابد على من يريد التداول في أسهم الذكاء الاصطناعي أن يكون على دراية كافية بهذا المجال، وعدم المجازفة بجميع أمواله.
- تشير تقديرات "غولدن مان ساكس" إلى أن قيمة الاستثمارات بالقطاع الخاص في تقنيات الذكاء الاصطناعي مرشحة للوصول إلى 158 مليار دولار بحلول العام 2025. وأن تبلغ 110 ملياراً بنهاية 2023.
- تلفت التقديرات ذاتها إلى أنه من المرجح أن تشهد السنوات الثلاثة المقبلة زيادة في حجم الاستثمار في هذا القطاع بنسبة تتجاوز 70 بالمئة مقارنة بالوضع الحالي.
وتوقع خبراء "غولدمان ساكس" أن تشمل الاستثمارات تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ويشمل ذلك مراكز البيانات والخدمات الأخرى المرتبطة بهذه الصناعة، طبقاً لما نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية النسخة الإنجليزية.
إقبال كبير من المتعاملين
وإلى ذلك، تقول خبيرة أسواق المال، الدكتورة حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي يشهد انتعاشاً واسعاً بشكل كبير على مستوى العالم، لاسيما في البورصتين الأميركية والصينية، وتحظى أسهم هذه الشركات بإقبال متسارع من المتعاملين في مجال التقنية المالية، مشيرة إلى اختلاف التعامل في الذكاء الاصطناعي من بورصة إلى أخرى.
وتوضح خبيرة أسواق المال، أن الذكاء الاصطناعي ينتشر في جميع المجالات والقطاعات (..) وهذا التطور سينقل التكنولوجيا إلى وضع آخر، وبما ينعكس على الرؤية المستقبلية لأسهم تلك الشركات.
بينما تلفت رمسيس في الوقت نفسه إلى أن مشكلة شركات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة الأميركية تكمن في كون كثير منها شركات ناشئة وتحتاج إلى دعم مالي، بالإضافة إلى تخوفها من أثر سياسة التشديد النقدي التي تتبعها واشنطن، لأنها (الشركات) تحتاج إلى تحديث وتطوير باستمرار ومحاولة لتمكين هذه الشركات قدر المستطاع على القدرة على تحقيق أهدافها.
وتؤكد في الوقت نفسه أنه خلال الفترة المقبلة سيحقق الذكاء الاصطناعي طفرة هائلة في عالم المال، إذا تم استخدامه بالشكل الأمثل، وتعريف المواطنين بفائدته واستراتيجيات وأسس التداول بأسهم تلك الشركات، لأن عدم الدراية لما يتم التعامل به يؤدي إلى ضبابية في المشهد ويجعل المتعاملين غير مدركين الأثر الإيجابي والسلبي لهذا المجال الحيوي.
وعن المخاطر المرتبطة بالاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي، تقول رمسيس، إن هذه المخاطر مرتبطة بالتمويل والحروب الاقتصادية التي قد تندلع بين الدول (مثل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين)، مستشهدة بالعقوبات الأميركية على شركات صينية، وعلى الضوابط التي وضعها الطرفان في التعامل مع بعضهما البعض فيما يخص تقنيات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي (..).
ويذكر أن مؤشر ناسداك، حقق مكاسب قوية خلال النصف الأول من العام الجاري، بدعم من الأداء القوي لأسهم شركات التكنولوجيا في الأسواق الأميركية، وبلغت نسبة مكاسب المؤشر حوالي 40 بالمئة.
وخلال النصف الأول، استطاع المؤشر الحفاظ على أربعة أشهر متتالية من المكاسب في أطول موجة مكاسب شهرية مستمرة في ثلاثة أعوام. كما سجل ناسداك مكاسب شهرية خلال يونيو الماضي بلغت 6.59 بالمئة. بينما على الجانب الآخر، حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مكاسب بواقع 16.2 بالمئة خلال النصف الأول، كما سجل مؤشر داو جونز ارتفاعا بنسبة 3.88 بالمئة فقط.
فرص واسعة
وفي السياق ذاته، يؤكد خبير أسواق المال، الدكتور حسام الغايش، أن مجال الذكاء الاصطناعي مازال في بدايته، وسيكون له باع كبير خلال السنوات القليلة المقبلة، ولذلك فإن فرص الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي، لاسيما الشركات التي لديها استراتيجية طموحة وخطة مستقبلية، بالإضافة إلى تحديد القطاعات التي تعمل بها، ستكون كبيرة في البورصات العالمية، لسعي المستثمرين من أجل الاستفادة من الطفرة التي تحققها تلك الشركات ومنتجاتها وخدماتها المختلفة.
وينصح خبير أسواق المال، أنه على كل من يرغب بالاستثمار في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي عليه بدراسة كاملة للشركة من حيث الخطط المستقبلية لها ومنتجاتها، وكذلك مدى معدل نمو المنتجات أو المخرجات الخاصة بهذه الشركة، بالإضافة إلى الدراية بمدى النجاحات المتلاحقة التي حققتها الشركة، لافتًا إلى أنه كلما كانت معدلات نمو الشركة كبيرة، كلما كانت فرص الاستثمار فيها له أثر إيجابي على المدى القصير والطويل.