تثير احتجاجات العاطلين في جنوب الجزائر مخاوف من نشوب قلاقل في مناطق النفط الحساسة، كما يتزايد اجتذابها لانتباه تنظيم القاعدة.
ويقطن الصحراء الجزائرية الشاسعة فقط 10 بالمائة من سكان الجزائر، رغم أن بها أكبر احتياطيات للنفط والغاز بالبلاد، وتعد أساس الاقتصاد ومصدر سلطة الحكومة.
ويزعم قاطنو تلك المناطق أنهم لا يستفيدون من هذه الثروة، ولا يمكنهم الحصول على وظائف في شركات النفط.
والآن بما أن القاعدة أغدقت ثناءها على المحتجين، يتزايد احتمال سعيها للحصول على دعم بين الجماعات غير المتضررة.
لذا سارعت الحكومة بمخاطبة مطالب المحتجين، لكنها لم تقنعهم بعد بجدية مساعيها.
وتظاهر نحو 10 آلاف شخص، وهو عدد ضخم بالنسبة للمنطقة قلية السكان، في الرابع عشر من الشهر الجاري في مدينة ورقلة الجنوبية، واحتج آلاف آخرون لاحقا في بلدة نفطية جنوبية أخرى، هي الأغواط.
وقال الطاهر بلعباس، منسق اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين، التي نظمت المظاهرة، عبر الهاتف من ورقلة "نريد وظائف في مجال النفط، وليس فقط الوظائف المتدنية كالسائقين وحراس الأمن، نريد أن نعمل بوظائف إدارية".
وأضاف "نرغب فقط في بعض فرص العمل، ليس من الطبيعي أن نقيم بمنطقة الغاز والنفط ولا نستفيد منه".
وفي حين تنتشر البطالة بين شباب الجزائر وباقي دول شمال إفريقيا، يقول أهل الجنوب إنهم يتعرضون للتمييز بشكل خاص.
كما يسود قدر كبير من التشكك وعدم الثقة تجاه المسؤولين الحكوميين، الذين يعتقد البعض أنهم فاسدون وينهبون موارد البلاد وثرواتها النفطية.
رئيس الوزراء يعترف
واعترف رئيس الوزراء عبدالمالك سلال، في السادس عشر من الشهر بأن مطالب المحتجين مشروعة، وسرعان ما أعلنت الحكومة سلسلة من الإجراءات لمخاطبة التمييز الجغرافي المزعوم في وظائف مجال النفط.
والآن سيتحتم على شركات النفط منح الأولوية للمرشحين للوظائف لأهل الجنوب، كما يجب أن يتم التعيين عبر وكالات توظيف مسجلة رسميا.
إضافة إلى ذلك أعلنت الحكومة عن إقامة مراكز للتدريب المهني لإعداد المرشحين للوظائف في النفط والفنادق.
بيد أن المظاهرات لم تتوقف، ويوم الاثنين احتج المئات في بلدتي غرداية ووادي سوف.
ويقول كمال زيدي، العضو بمجموعة من العاطلين في الأغواط والناشط الحقوقي، "المظاهرات مستمرة لأن الشباب العاطلين لا يصدقون وعود المسؤولين الرسميين ولا يثقون في ممثلي الحكومات المحلية أو نواب البرلمان، إنهم يرغبون في التفاوض مباشرة مع الحكومة".
القاعدة على الخط
لكن أكثر ما يؤرق الحكومة هو أنه يوم الجمعة أعلنت القاعدة في شمال أفريقيا عن تضامنها مع المتظاهرين، وانتقدت ما وصفته بالاستغلال الفاسد لموارد البلاد.
أما جيف بورتر، المحلل بمؤسسة نورث أفريكا ريسك كونسلتينغ، المختص بشؤون الجزائر، فيقول إن عدم "توازن" برامج استثمار الحكومات السابقة خلف ميراثا من التشكك وعدم الثقة في الجنوب، وهي منطقة تفتقر أيضا إلى فرص تعليمية للتدرب على مهارات وظائف قطاع النفط.
ويضيف أن جزءا من المشكلة يكمن في أن الصناعات الهيدروكربونية لا تتطلب كثير من العمالة، ولا توجد كثير من فرص العمل في تلك المناطق النائية بعد توقف السياحة الصحراوية.
وفي محاولة لوقف المظاهرات الأخيرة، أرسلت الحكومة برلمانيين محليين، معظمهم من الحزب الحاكم ، إلى بلداتهم في الجنوب لعقد اجتماعات ، لكن لجان العاطلين عن العمل قاطعت معظمها.