يترقب المصريون انتهاء أزمة "تخفيف الأحمال الكهربائية" التي عانوا منها خلال الأيام القليلة الماضية، في ظل ارتفاع معدلات درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك، وفي ضوء تصريحات رسمية ترجح انتهاء الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي بحلول منتصف الأسبوع الجاري.
يعود سبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي، إلى اضطرار وزارة الكهرباء المصرية لـ "تخفيف الأحمال" نتيجة زيادة الاستهلاك، وفي ظل نقص كميات الغاز الطبيعي والمواد البترولية اللازمة لتشغيل بعض الوحدات، طبقاً لما أكده وزير الكهرباء المصري، الدكتور محمد شاكر، والذي شدد في وقت سابق على أن الشبكة القومية للكهرباء لا تواجه أية مشكلات، بينما الأزمة الحالية تكمن في نقص كميات الوقود اللازمة للتشغيل.
فيما يُجرى التنسيق بين وزارتي الكهرباء والبترول من أجل توفير الإمدادات اللازمة من الغاز لانتظام التيار الكهربائي وانتهاء تخفيف الأحمال، وهي الخطوة "الضرورية والمؤقتة" التي تم اللجوء إليها، بحسب شاكر.
وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، أوضح الوزير المصري أن:
- وزارة الكهرباء تعمل بكل جدية على إدارة هذا الوضع المؤقت بشكل فعال.
- رغم تخفيف الأحمال مؤقتاً في بعض المناطق، فإن هذه الإجراءات يتم اتخاذها في أضيق الحدود لتجنب أي زيادة في الأحمال الكهربية، نتيجة للموجة الحارة الشديدة التي تشهدها البلاد .
- بتحقيق التوازن بين الإنتاج واستهلاك الكهرباء، فإننا نعزز استقرار الأحمال وضمان تلبية الاحتياجات المتزايدة من الاستهلاك.
موعد انتهاء تخفيف الأحمال
ويُنتظر أن تنتهي أزمة الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي بالبلاد نتيجة تخفيف الأحمال (الذي وصل إلى معدل 3 آلاف ميجاوات خلال الأيام الماضية)، الأسبوع الجاري، طبقاً للمتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أيمن حمزة، والذي قال إنه يُتوقع انتهاء "تخفيف الأحمال" نتيجة نقص الوقود منتصف الأسبوع، وبالتالي تعود الشبكة القومية للكهرباء إلى طبيعتها.
وطبقاً لبيانات وزارة الكهرباء-التي أعلنت حالة الطوارئ بجميع شركات إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء- فإن:
- القدرات الكهربائية المتاحة على الشبكة القومية للكهرباء بلغت 48 ألفاً و300 ميجاوات، موضحة أنه بلغ احتياطي القدرات الكهربائية 13 ألفاً 850 ميجاوات.
- الشبكة القومية شهدت استقرارا كبيرا في التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية، وذلك بعد التطوير الكبير الذي شهده قطاع الكهرباء على إثر الدعم الكبير من القيادة السياسية لهذا القطاع الحيوى.
كميات الغاز المطلوبة
وبحسب تقديرات نشرتها تقارير إعلامية أخيراً عن مسؤول مصري، تحتاج البلاد حوالي 135 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من أجل انتظام التيار الكهربائي وتشغيل الوحدات كافة، إضافة إلى عشرة آلاف طن من المازوت -في ضوء وجود وحدات ومعدات تعمل بالغاز وأخرى تعمل بالوقود التقليدي- ومن شأن توافر تلك الكميات أن يُنهي الأزمة تماماً.
فيما ذكر نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، المهندس مدحت يوسف، في تصريحات إعلامية، عن أنه يتم ضخ 145 مليون متر مكعب (غاز ومازوت) للمحطات يومياً، لكنّ كفاءة المحطات تنخفض بنسبة 35 بالمئة بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
من جانبه، يقول أستاذ هندسة الطاقة رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة السابق، الدكتور محمد السبكي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن محطات إنتاج الكهرباء لديها القدرة المناسبة للعمل، لكن المشكلة تكمن في حجم الوقود، ذلك أن الوقود (الغاز والمازوت) الذي يصلها ليس كافياً، وهناك بعض الشروط الفنية غير المحققة في هذا السياق، وبالتالي تتأثر بعض الوحدات.
ويشير إلى أن تصدير الغاز -طبقاً للبيانات الرسمية- متوقف منذ مايو الماضي، وذلك رداً على الانتقادات التي يسوقها البعض بشأن تفضيل الدولة لتصدير الغاز عن الاستهلاك المحلي وبما تسبب في الأزمة الحالية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "درجات الحرارة تؤثر سلباً على محطات ضغط الغاز، ما يؤدي لاضطرابات".
ويضيف: "الحرارة تؤثر على مضخات دفع الغاز، وكذلك على محطات الكهرباء التي تتأثر كفاءتها بارتفاع معدلات درجات الحرارة بشكل غير مسبوق كما حدث في الأيام الأخيرة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض في الشبكة".
خسائر محتملة
على جانب آخر، وفي تقدير مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والإقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، فإن ثمة خسائر محتملة تصل إلى مليار جنيه جراء موجة انقطاعات التيار الكهربائي التي شهدتها البلاد في الأيام الأخيرة، موزعة بين أصحاب النشاط الصناعي والتجاري والاستثماري، علاوة على الأفراد (المنازل).
ويشير لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن الأزمة الحالية (تخفيف الأحمال الكهربائية) قد أطلت برأسها من جديد بالتزامن مع موجة ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في الأيام الأخيرة، وذلك بعد أن اختفت تلك الأزمة تقريباً منذ العام 2013 تقريباً وفي ظل ما حققته البلاد من نجاحات واسعة في قطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية.
وعانى المصريون بشكل واسع في العام في 2012-2013 من أزمة انقطاع التيار الكهربائي بشكل مُتكرر ولفترات زمنية طويلة بمختلف الأنحاء، قبل أن تبدأ الدولة بعد 30 يونيو 2013 في تصحيح المسار، وإطلاق مجموعة من المشاريع المرتبطة بتطوير القطاع الكهربائي، وفي إطار خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
ومنذ 2014 شرعت الدولة سريعاً في تنفيذ المشروع القومي للكهرباء وإعداد خطة عاجلة لتوليد الكهرباء فتم إطلاق مشروعات كبرى لزيادة القدرة التوليدية وتحديث البنية التحتية القائمة. وطبقاً لرئيس مجلس الوزراء المصري، في تصريحات له في فبراير الماضي، فإنه "فيما يتعلق بقطاع الكهرباء على سبيل المثال، كان إجمالي قدراتنا الكهربائية يبلغ 28 ألف ميجا وات، في بلد يستهلك يوميا ما يزيد على 30 ألف ميجا وات، وخلال 8 سنوات فقط زادت هذه القدرات إلى 52 ألف ميجا وات".
وطبقت مصر "التوقيت الصيفي" هذا العام من جديد، بهدف تخفيف الاستهلاك الكهربائي، وذلك ضمن مجموعة من الخطوات الهادفة إلى ترشيد الاستهلاك وتخفيف العبء عن الشبكة.
ويشير الديب إلى أثر زيادة الاستهلاك (الضغط على شبكة الكهرباء) في الأيام الأخيرة مع ارتفاع معدلات درجات الحرارة، على ارتفاع حجم الغاز المستخدم في توليد الكهرباء -ما أدى إلى انخفاض ضغط ضخ الغاز في الشبكات- والضغط على الشبكات، ما دفع إلى تخفيف الأحمال.
وتستهدف خطة تخفيف الأحمال خفض معدلات الاستهلاك لما يقرب من 3 آلاف ميجاوات يوميا حتى الانتهاء من الأزمة الحالية.
ترشيد الاستهلاك
وناشدت وزارة الكهرباء في مصر المواطنين بترشيد الاستهلاك، كما قدمت مجموعة من النصائح المُهمة التي يُمكن أن تساعد على تخفيف استخدام التيار الكهربائي في الفترات التي تشهد درجات ارتفاع مرتفعة غير مسبوقة.
كما نشرت الشركة القابضة لكهرباء مصر بياناً تضمن جدولاً زمنياً بالمواعيد التي يُمكن أن ينقطع خلالها التيار، مناشدة المواطنين بعدم استخدام المصاعد (الأسانسيرات) في تلك التوقيتات من اليوم.
وورد في البيان" "يتم الالتزام بتنفيذ برنامج تخفيف الأحمال طبقاً للقدرات المطلوبة من كل تحكم مع مراعاة أن يتم البدء في الفصل بمدة زمنية 10 دقائق قبل رأس الساعة و10 دقائق بعدها، وألا تزيد مدة الفصل عن ساعة واحدة من وقت فصل التيار.. ونهيب بالسادة المواطنين عدم استخدام المصاعد خلال الفترة المحددة للفصل حفاظاً على سلامتكم".