وسط أزمة اقتصادية خانقة، يصطف سريلانكيون في طوابير هذا العام، في مسعى للحصول على وثائق سفر تتيح لهم الفرار من بلادهم، بحثا عن فرص عمل أفضل وعيش كريم.
تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الخارجية البالغة 46 مليار دولار في أبريل 2022، وعانى المواطنون أشهرا من نقص المواد الغذائية والوقود والأدوية.
فجرت الأزمة الاقتصادية العام الماضي اضطرابات مدنية استمرت أشهرا وأطاحت بالرئيس آنذاك جوتابايا راجاباكسا.
ورفع خلفه رانيل ويكرمسينغه الضرائب، وألغى الدعم السخي للطاقة، ورفع الأسعار بشكل حاد لزيادة إيرادات الدولة، في إجراءين لم يحظيا بقبول شعبي.
ومع أن الحكومة الجديدة أعادت الإمدادات، لكن سعرها الآن يصل في بعض الأحيان ثلاثة أضعاف سعرها السابق.
وتراجعت حدة الأزمة مع إبرام الحكومة خطة إنقاذ بقيمة 2,9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في مارس، لكن الكثير في البلاد ليسوا متفائلين.
ومع مرور الوقت، وازدياد تكاليف المعيشة المرتفعة والضرائب، يزداد معها عدد الراغبين في مغادرة البلاد، ففي مكتب التوظيف الخارجي الذي يتعين على السريلانكيين التسجيل فيه قبل توليهم وظائف خارج البلاد، قفزت الأعداد من 122 ألف شخص في عام 2021، لتصل إلى رقم قياسي بلغ 311 ألفًا العام الماضي.
في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، سجل المكتب نحو 122 ألف شخص عادروا البلاد، وهو العدد نفسه في كل عام منذ 2021.
بينما يعتقد مسؤولون أن آخرين غادروا بتأشيرات سياحية بحثا عن عمل في الشرق الأوسط واماكن اخرى في آسيا.
والعام الماضي، تضاعف عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على وثائق سفر من أكثر من 382 ألف و500 شخص في عام 2021، عندما حقق الاقتصاد نموا بقيمة 3,3 بالمئة، ليسجل رقما قياسيا في عام 2022 ويصل إلى 911 ألف و689 شخص، عند انكماش الاقتصاد بقيمة 7,8 بالمئة.
وتقول دائرة الهجرة إنه حتى مايو هذا العام، تم إصدار 433 ألف وثيقة سفر.
وتم إطلاق نظام عبر الإنترنت في يونيو الماضي للتعامل مع الطلب المتزايد، لكن يجب على أولئك الذين يسعون بشكل عاجل الحصول على جوازات سفر التقدم شخصيًا.
هجرة الأدمغة
لعقود، قامت سريلانكا بتصدير العمالة حيث وفرت عمالا مهرة وغير مهرة خاصة لدول الخليج.
لكن تأثير هجرة الأدمغة يبدو ملموسا بشكل أكبر.
وتمتلىء الصحف بتقارير عن نقص في الأيدي العاملة من أطباء وممرضين ومهندسين وغيرهم من العمال المهرة بسبب مغادرة الكثيرين منهم.
وأعلن قطاع الصناعة في سريلانكا وهو أكبر المشغلين في البلاد أنه يقوم بخسارة عمال مهرة بمعدل عال للغاية.
ويؤكد نيسانكا ويجيتراني، الأمين العام لغرفة صناعة البناء، وجود ما قال إنه "هجرة واسعة النطاق لعمال البناء"، مشيرا أن الخسائر "على جميع المستويات"، ولكنها "أسوأ في الفئات المهنية".
وخلال الركود الذي رافقه تضخم مفرط العام الماضي، ألغيت نحو 200 ألف وظيفة في قطاع البناء، بينما يتطلع العديد من الذين يزالون يعملون إلى فرصة للمغادرة.
وأكد ويجيتراني، "عندما تواصلت مع شركة استشارية واحدة كان لديها 70 متخصصًا في هذا المكتب، والآن انخفض عددهم إلى 15."
ويقول معهد "ادفوكاتا" الاقتصادي للابحاث إن عمال الطبقة الوسطى يبحثون عن عمل في الخارج هربا من الفقر في بلادهم.
وأكد مدير المعهد دهاناناث فرناندو أن "الناس الأكثر فقرا قللوا وجبات الطعام" بينما "تحاول الطبقات الوسطى الهجرة".