توافقت مبادرة للمجلس الرئاسي الليبي، بتشكيل لجنة للنظر في توزيع ثروات البلاد بشكل عادل، مع مبادرة القائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، بتشكيل لجنة لذات الغرض، بينما تجاهل مصرف ليبيا المركزي التعليق على المبادرتين.
طرح المجلس الرئاسي مبادرة، بتشكيل لجنة مالية عليا يشارك في عضويتها كل الأطراف الليبية، تؤسس "لبيئة اقتصادية عادلة"، وتمهد لإجراء الانتخابات، كما جاء في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك".
جاء ذلك خلال اجتماع بين رئيس المجلس محمد المنفي، ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، الأربعاء.
الطرح الجديد الذي قدّمه المنفي، هو امتداد لمبادرة طرحها 20 فبراير، حين دعا لـ"انخراط الجميع في ترتيبات مالية" لتحديد أولويات الإنفاق العام.
بيان المصرف يتجاهل المبادرة
في بيانه بخصوص الاجتماع الذي انعقد في مقره بطرابلس، لم يشر المصرف المركزي لمبادرة المنفي، وتحدّث عن أن الاجتماع انعقد لمتابعة خطة زيادة المؤسسة الوطنية للنفط للإنتاج.
كذلك أكّد الحاضرون على "دعمهم" لمؤسسة النفط، و"ضرورة الإفصاح والشفافية عن كل الإيرادات النفطية المحصلة والإجراءات التعاقدية المتخذة من قبل المؤسسة".
دعوة المشير
لم تشر بيانات المصرف كذلك لمبادرة حفتر التي طرحها في اجتماع، الإثنين، أمام القيادات العسكرية، ودعا فيها لتشكيل "لجنة عليا" تتولى ترتيبات توزيع إيرادات النفط بشكل عادل على جميع المناطق.
وكان حفتر قد اتهم المصرف بارتكاب "جرائم" بشأن الاعتمادات المستندية، وغياب عدالة توزيع الثروة، قائلا إنه جرى توزيع الاعتمادات لعام 2022 على 1646 شركة، كان نصيب المنطقة الشرقية منها 7 بالمئة، ولم تتحصّل المنطقة الجنوبية إلا على 2 بالمئة فقط.
تتكون ليبيا إداريا من 3 مناطق، هي المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية والمنطقة الجنوبية، والشرقية والجنوبية تشكوان مما تسميانه بالتهميش ومن "تحكم" الغربية في الثروة النفطية التي هي المصدر الرئيسي للدخل.
غياب الشفافية
بالعودة إلى حديث المصرف المركزي عن ضرورة "الشفافية والإفصاح"، تعجّب أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي عطية الفيتوري من هذا، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، في الوقت الذي يقدم فيه المصرف "بيانات غامضة"، حسب تعبيره.
استدل الفيتوري، بأن بعض البيانات تتحدث عن نفقات بمليارات الدولارات ضمن بند "الاستخدامات والالتزامات" دون أن يوضح ما هي تلك "الالتزامات" وأي جهة تنفقها.
"الفساد والبذخ" في الصرف، سواء بالعملة الوطنية أو الأجنبية مع وجود غير المتخصصين على أجهزة الدولة المالية، هو ما أدى إلى الوضع الحالي، كما يرى الفيتوري، مؤكدا غياب التخطيط السليم الذي يراعي الحاجة التنموية للمناطق كافة.
لجنة وحكومة
في إطار الإعداد للانتخابات، سبق وأعلن أعضاء في مجلسي النواب والدولة عن الاتجاه لتشكيل حكومة مصغرة تتولى مهمة هذه الانتخابات، والتوصل لآلية لتوزيع عادل للثروة، إلا أنه حتى الآن لم يصدر صيغة اتفاق بشأن تشكيلها.
ولاختصار الوقت، يقترح جمال شلوف، رئيس مؤسسة "سلفيوم" للدراسات والأبحاث في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن "اللجنة المالية العليا" أو "لجنة توزيع إيرادات النفط" يمكن أن تلعب هي دور الحكومة التي تقود البلاد حتى إجراء الانتخابات، دون تشكيل سلطة تنفيذية جديدة.
أما ما جعل ملف إعادة توزيع الثروة يعود لدائرة الضوء الأيام الأخيرة، فهو حديث المشير حفتر، "والذي يؤخذ على محمل الجد داخليا ودوليا؛ لأنه يمكنه تنفيذ ما تعهد به رغم الضغوط"، كما يشير شلوف، الذي يلفت كذلك إلى أن "الفساد اللامتناهي" الذي وقع خلال آخر عام في ليبيا "لا يمكن وصفه أو حصره أو إعطاء شبيه له".
أطلق حفتر تحذيرات خلال كلمته بشأن تبعات عدم تشكيل اللجنة، قائلا: "سيكون أبناء ليبيا جاهزين للمطالبة بحقوقهم من ثروات النفط التي حرموا منها بسبب العبث المالي".
في يونيو، هددت الحكومة المكلفة من البرلمان والمستقرة في شرق ليبيا في بيان بـ"رفع الراية الحمراء"، عبر فرض حصار على صادرات النفط والغاز، بسبب ما اعتبرته احتكار حكومة طرابلس لعوائدها.