قال صندوق النقد الدولي، الخميس، إن الأزمة المالية في لبنان فاقمتها المصالح الخاصة التي تقاوم تنفيذ إصلاحات ضرورية محذرا من أن عدم التحرك لحل ذلك سيدفع البلاد إلى "مصير مجهول".
وقال الصندوق إن الانهيار الاقتصادي الذي بدأ قبل نحو أربع سنوات كلف العملة المحلية نحو 98 بالمئة من قيمتها وأدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي 40 بالمئة ودفع التضخم لمعدلات غير مسبوقة واستنزف ثلثي احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية.
وجاءت هذه الأرقام كجزء من تقرير للصندوق في ختام مشاورات المادة الرابعة، وهو تقييم شامل للوضع المالي في لبنان.
وقال صندوق النقد الدولي إن ما فاقم الأزمة هو الإخفاق في اتخاذ تحركات في السياسات مطلوبة بشدة وما عرقلها هو الأزمة السياسية القائمة والمقاومة التي يلقاها تنفيذ الإصلاحات بسبب مصالح خاصة.
وقال الصندوق "تصاعدت حالة عدم اليقين المخيمة على الآفاق الاقتصادية التي ترتبط بخيارات السياسات المعتمدة من قبل السلطات".
وأشار تقرير الصندوق إلى أن الخبراء "أقروا بصعوبة الوضع السياسي... وأعربوا عن أسفهم حيال الإجراءات المحدودة التي تم اتخاذها على مستوى السياسات للتصدي للأزمة. وأشاروا إلى المخاطر والتكلفة المتزايدة الناجمة عن مواصلة إرجاء الإجراءات اللازمة، ودعوا إلى ضرورة التنفيذ الحاسم لخطة إصلاح شاملة لحل الأزمة وتحقيق التعافي المستدام".
ووقع لبنان اتفاقا مع صندوق النقد في أبريل 2022، لكنه لم يستوف الشروط لتنفيذ برنامج تمويل كامل قيمته ثلاثة مليارات دولار يعتبر حاسما لتعافي البلاد من واحدة من أسوأ الأزمات المالية في العالم.
وقال الصندوق الخميس إن إجراءات الإصلاح التي أقدم لبنان على تنفيذها حتى الآن، ومنها ميزانية 2022 وقانون السرية المصرفية ومسودة قانون ضوابط رأس المال، لا تصل إلى مستوى تنفيذ الإرشادات التي قدمها مسؤولو الصندوق للسلطات أو التوقعات التي نوقشت.
وقال إرنستو ريجو، رئيس بعثة الصندوق في لبنان للصحفيين، إن زعماء لبنان قد يميلون لتجنب اتخاذ قرارات سياسية صعبة على أمل أن يستقر الاقتصاد دون تنفيذ إصلاحات لكن ذلك سيأتي "بثمن باهظ جدا".
وقال "الوضع وخيم جدا".
وقال التقرير إن تأخير الإصلاحات أدى إلى انخفاض ودائع العملات الأجنبية التي يمكن استردادها في نهاية المطاف عند إعادة هيكلة القطاع المصرفي، مع خسارة المودعين فعليا لنحو عشرة مليارات دولار مقارنة مع عام 2020.
ودأب السياسيون اللبنانيون على قول إنه يتعين الحفاظ على حقوق المودعين في أي خطة لمعالجة خسائر بلغت نحو 70 مليار دولار في النظام المالي.
وقال الصندوق إن الدين العام قد يصل إلى 547 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027 إذا لم يتم تنفيذ إصلاحات. وأضاف أن مستوى الدين الحالي الذي يزيد على 280 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، "على مسار غير مستدام" بالفعل.
وقال التقرير إن استمرار الوضع الراهن يشكل أكبر خطر على استقرار لبنان الاقتصادي والاجتماعي ويدفع البلاد صوب مصير مجهول.
وعبر خبراء الصندوق في التقرير عن "بالغ قلقهم إزاء الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي تواجه لبنان لأكثر من ثلاث سنوات والتي أدت إلى انهيار حاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
وقال الصندوق إن البنك المركزي يتعين عليه إتباع سياسات جديدة تعالج تضارب المصالح وتضمن الاستقلالية عن الحكومة وتأسس لمزيد من المساءلة.