أظهرت بيانات من مكتب الإحصاء الوطني البريطاني الأربعاء أن تضخم أسعار المستهلكين السنوي في البلاد قد تباطأ بأسرع وتيرة منذ نحو 30 عاما إلى 8.7 بالمئة في أبريل من 10.1 بالمئة في مارس، كما أنها المرة الأولى الذي يهبط فيها التضخم إلى خانة الآحاد منذ أغسطس الماضي.
وتوقع خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم تراجع المعدل السنوي إلى 8.2 بالمئة في أبريل، ليبتعد بذلك أكثر عن أعلى مستوى في 41 عاما المسجل في أكتوبر والبالغ 11.1 بالمئة، لكنه لا يزال يؤثر بشدة على القوة الشرائية للعاملين الذين تزداد رواتبهم بنسبة أقل.
من ناحية أخرى، توقع مسح لوكالة بلومبيرغ، انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين في بريطانيا إلى 8.2 بالمئة خلال شهر أبريل 2023 من 10.1 بالمئة في مارس الماضي، ما يمثل أكبر انخفاض في معدل التضخم السنوي منذ أكثر من 30 عامًا، وما يعطي الأسر البريطانية فرصة لالتقاط الأنفاس في مواجهة أسوأ موجة تضخم منذ أجيال.
من جانبه، جدد وزير المالية البريطاني، جيريمي هانت، الأربعاء، الحاجة إلى التمسك بخطة الحكومة لخفض التضخم، بعد أن أظهرت بيانات رسمية انخفاضًا في ارتفاع الأسعار في أبريل.
وقال هانت في بيان "رغم أنه من الإيجابي أن يكون (التضخم) الآن في خانة واحدة، غير أن أسعار المواد الغذائية لا تزال ترتفع بسرعة كبيرة." "يجب أن نتمسك بحزم بخطة خفض التضخم".
ومن المرجح أن تغذي هذه الأرقام توقعات السوق بأن بنك إنجلترا سيمدد دورة رفع أسعار الفائدة خلال الصيف للقضاء على ضغوط الأسعار، إذ أن الأرقام الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للمركزي البريطاني، تكمن في تسارع التضخم الأساسي - الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة - بشكل غير متوقع إلى 6.8 بالمئة، وهو أعلى معدل منذ عام 1992، وكان قد بلغ في مارس الماضي 6.2 بالمئة.
قال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الانخفاض في التضخم كان مدفوعًا بشكل أساسي بتكاليف الغاز والكهرباء التي ظلت مستقرة في أبريل مقارنة بالقفزة غير المسبوقة المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي.
شهد أبريل 2022 رفع سقف أسعار الطاقة بنسبة 54 بالمئة إلى 1971 جنيهًا إسترلينيًا ليعكس، لأول مرة، تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على إمدادات الغاز والكهرباء الأوروبية.
كانت تكاليف الطاقة هي المصدر الرئيسي لأزمة تكلفة المعيشة منذ الأزمة الأوكرانية، مما انعكس ليس فقط على فواتير الطاقة المنزلية ولكن أيضًا على أسعار التصنيع والنقل.
وكان محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، قد أكد مؤخرا أن لجنة السياسة النقدية ستعدل أسعار الفائدة حسب الضرورة لإعادة التضخم إلى الهدف المستدام على المدى المتوسط.
وأضاف بايلي، أن البنك المركزي يبحث عن "دليل" على أن التضخم ينخفض قبل أن يتمكن من "الاستراحة" في أكثر دورات السياسة النقدية تشددا منذ أربعة عقود.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي صوتت أغلبية في لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا لصالح زيادة معدل الفائدة من 4.25 إلى 4.5 بالمئة. وأشار البنك في بيان إلى أن التوقع بتراجع معدل التضخم بوتيرة أبطأ من التوقعات السابقة في ظل استمرار ارتفاع أسعار الأغذية.
وتعد هذه الزيادة الـ12 التي يقرها البنك للفائدة. وأضاف البنك أن ارتفاع أسعار الأغذية استمر لفترة أطول من المتوقع، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحرب الروسية في أوكرانيا وعدم كفاية الحصاد في الدول الأوروبية.
يتوقع بنك إنجلترا انخفاضًا حادًا في معدل التضخم في المملكة المتحدة طوال عام 2023، لكنه قلق بشأن استمرار ضغوط الأسعار حتى بعد الانخفاض الحاد في أسعار الطاقة.
حافظت فواتير البقالة على ارتفاع التضخم، وكان الاقتصاد أكثر مرونة مما كان متوقعًا، ولا يزال سوق العمل ضيقًا للغاية، مما زاد من ضغوط الأجور.
ووعد رئيس الوزراء ريشي سوناك بخفض التضخم إلى النصف هذا العام. وكان من المتوقع أن تتحقق التوقعات بشكل مريح عندما تم تحديده في يناير، لكن التضخم كان أكثر ثباتًا مما توقعه بنك إنجلترا، مما أثار الدهشة في الاتجاه الصعودي في كل من الشهرين الماضيين.
في غضون ذلك، توقع صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، أن ينمو الاقتصاد البريطاني بنحو 0.4 بالمئة خلال المتبقي من العام الجاري، مشيراً إلى أن التوقعات تأتي في ظل مرونة غير متوقعة في معدلات الطلب بدعم من ارتفاع الأجور وانخفاض أسعار الطاقة.
وتوقع الصندوق في وقت سابق انكماش الاقتصاد البريطاني بنحو 0.3 في المئة خلال العام الحالي، ووفقاً لتوقعات شهر أبريل الماضي فإن بريطانيا ستتخطى ألمانيا في معدلات النمو إذ إن اقتصاد الأخيرة سينكمش بنسبة 0.1 بالمئة خلال عام 2023، ويتوقع الصندوق تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا إلى واحد بالمئة خلال عام 2024.