تتبنى مصر خطة طموحة لتعظيم إيرادات القطاع السياحي؛ من أجل الوصول إلى 30 مليار دولار سنوياً بدءًا من العام 2028، بينما ينتظرها عمل شاق لبلوغ تلك المستهدفات بشكل تدريجي، وسط تفاؤل واسع في ضوء المُنجزات والتطورات الراهنة، ومع ما أظهره القطاع من صمود أمام تحديات مختلفة في الآونة الأخيرة.
وطبقاً لتصريحات وزير المالية المصري، الدكتور محمد معيط، يوم أمس، فإنه يُتوقع أن يحقق القطاع هذا العام إيرادات قياسية هذا العام تصل إلى 14 مليار دولار (الدولار يعادل 30.9 جنيه مصري)، وذلك مقارنة بـ 10.7 مليار دولار في العام المالي الماضي.
وكانت متوسطات إيرادات القطاع في الأعوام الأخيرة ما بين 11 إلى 12 مليار دولار، طبقاً لما صرّح به رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، في سبتمبر الماضي.
وتراجعت عائدات مصر من السياحة بنسبة أكثر من 66 بالمئة من في العام 2020 في ظل أزمة جائحة كورونا وقيود السفر، مسجلة 4.4 مليار دولار فقط مقارنة بأكثر من 13 مليار دولار في 2019. فيما استردت حوالي 68 بالمئة من الإيرادات في 2021.
وأمام تلك المؤشرات، وفي ضوء الاهتمام الحكومي بدعم القطاع وتطويره، ما مدى قدرة مصر على بلوغ الهدف المذكور؟ وما هي أبرز التحديات التي تُواجهها في هذا المسار؟
طفرة بالموسم السياحي الحالي
في البداية، يقول نقيب السياحيين، باسم حلقة، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
- الموسم السياحي هذا العام يُعد من أعلى المواسم في السنوات الأخيرة من حيث الإيرادات (مع الأخذ في الاعتبار تأثير العوامل المختلفة المرتبطة بتداعيات الحرب في أوكرانيا).
- تم تحقيق ما يصل حتى الآن إلى حوالي 14 مليار دولار، وقبل نهاية العام المالي 2022-2023.
- خلال العام المالي السابق 2021-2022 تم تحقيق 10.7 مليار دولار.
- أعتقد بأنه مع نهاية الشهر المقبل وبداية السنة المالية الجديدة في يوليو فإن معدل الإيرادات مرشح الزيادة.
ويتابع: "يعد ذلك دليلاً على نجاح قطاع السياحة بمصر في استيعاب الصدمات الاقتصادية التي تمت في العالم على وقع تأثيرات الحرب في أوكرانيا"، لافتاً إلى أن "القطاع السياحي بدأ يُعوض الفقد في السياحة الأوكرانية وجزء كبير من السياحة الروسية التي كانت تمثل ما يقارب الـ 35 بالمئة من حجم السياحة قبل الحرب.. بدأنا نُعوض ذلك الفقد من خلال أسواق أخرى".
ويلفت نقيب السياحيين إلى أن القطاع تُعول عليه الدولة المصرية بشكل كبير في مساندة الاقتصاد لتوفير الاحتياطي النقدي وتعزيزه، موضحاً أن الوصول لتحقيق هدف 30 مليار دولار سنوياً إيرادات من القطاع "يتم العمل عليه تدريجياً.. وقادرون على تنفيذه".
ويتحدث القيادي بالقطاع في معرض تصريحاته لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" عن عديد من الأطروحات التي تم تناولها خلال جلسات الحوا الوطني في مصر، مشيراً إلى دعوة هيئة الاستثمار لعرض فرص الاستثمار في الفنادق السياحية ذات الثلاث نجوم، والتي تشكل عصباً مهماً للسياحة أيضاً، على أساس أن كثيراً من المنشآت السياحية في مستوى الأربع والخمس نجوم.. ومن المؤشرات التي رصدها أيضاً في سياق التطورات التي تنتظر القطاع، ما يلي:
- هناك اتجاه لبحث فكرة استغلال الوحدات والعمارات السكنية المغلقة لتحويلها إلى غرف فندقية تساعد على استيعاب أعداد أكثر من السياح، وتكون تحت إشراف ومتابعة وزارة السياحة.
- كما أن هناك اتجاهاً أيضاً لتشجيع البنوك للمنشآت الفندقية التي هي تحت التأسيس ولم تكتمل لسرعة استكمالها حتى تمثل قيمة مضافة لأعداد الغرف الفندقية في مصر.
- التوسع في التأشيرة الإلكترونية لتسهيل الوصول إلى مصر.
- فتح المجال أمام سهولة الحصول على التراخيص والموافقات فيما يتعلق بسياحة اليخوت، وهي من أهم أشكال السياحة الأعلى في الإنفاق والدخل.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى أن ثمة اهتماماً كبيراً من الدولة المصرية بهذا الملف "ونحن كقيادات في هذا القطاع نرى أن مصر قادرة على تحقيق المستهدفات التي هي مجرد بداية، وقد نصل إلى أعلى منها في المعدلات في فترات مقبلة".
وضمت الحكومة المصرية مؤخراً القطاع السياحي إلى المبادرة التي أعلنتها في وقت سابق بقيمة 150 مليار دولار لدعم القطاعات الإنتاجية (الزراعية والصناعية) بفائدة بنسبة 11 بالمئة، لتصبح قيمة المبادرة 160 مليار جنيه بعد ضم السياحة.
متطلبات أساسية
من جانبه، يُحدد عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، الدكتور حسام هزاع، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"العوامل الرئيسية التي يحتاجها القطاع من أجل الوصول لمستهدفاته الخاصة بحلول العام 2028، على النحو التالي:
- القطاع يسير في الطريق الصحيح لتحقيق مستهدف إيرادات 30 مليار دولار سنوياً في 2028.
- نحتاج زيادة تدريجية سنوية للطاقة الاستيعابية من 210 ألف غرفة إلى 500 ألف غرفة.
- كما نريد تحديث أساطيل النقل.
- وزيادة عدد الفنادق والفنادق العائمة.
ويشدد الخبير السياحي في الوقت نفسه على أهمية المحفزات الاستثمارية بالقطاع، من خلال تسهيل حصول المستثمرين ورجال الأعمال على قروض بفوائد مخفضة، إضافة إلى إعفاءات ضريبة في البداية، وألا يكون هناك تقديراً جزافياً للضرائب.
تفاؤل بتحقيق المستهدفات
وتستهدف استراتيجية الدولة المصرية الوصول إلى 30 مليون سائح في 2028 والوصول إلى نسبة نمو من 25 بالمئة إلى 30 بالمئة سنوياً في حجم السياحة الوافدة.
من جانبه، يقول الخبير السياحي المصري، محمد كارم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن فرص مصر تبدو كبيرة فيما يخص الجذب السياحي سواء خلال موسم الصيف والمواسم المختلفة القادمة، لا سيما في ضوء اهتمام القيادة السياسية بالقطاع، فضلاً عن وجود بعض أشكال وأنماط السياحة الجديدة نسبياً التي دخلت الأجندة السياحية مثل سياحة اليخوت وسياحة مسار العائلة المقدسة.
وتمتلك مصر مقومات الجذب السياحي، بينما تساعد الطفرة الحادثة في البنية التحتية في دعم تطلعات القطاع للوصول إلى المستهدفات الرئيسية.
ويضيف: "كل ذلك يساعد بشكل كبير جداً خلال الفترة المقبلة على عودة القطاع السياحي بقوة"، لافتاً إلى أنه يُتوقع الوصول إلى مستهدفات بلوغ إيرادات القطاع 30 مليار دولار سنوياً وقبل الموعد المستهدف في 2028، في ظل التطورات التي يشهدها القطاع.
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى ارتفاع تدريجي محتمل لإيرادات مصر السياحية خلال الخمس سنوات المقبلة، وصولاً إلى 28.8 مليار دولار بحلول العام المالي 2027-2028، لتقفز بذلك بنحو 155 بالمئة مقارنة مع الإيرادات المتوقعة خلال العام المالي الجاري.
- 18.9 مليار دولار في العام 2024- 2025
- 22.8 مليار دولار في العام 2025- 2026
- 26.5 مليار دولار في العام 2026-2027
- 28.8 مليار دولار في العام 2027- 2028
ويسهم قطاع السياحة في مصر بما يصل إلى 15 بالمئة من الناتج الاقتصادي، ويعد بذلك من بين أبرز مصادر النقد الأجنبي إلى جانب إيرادات قناة السويس وعائدات الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج.
ويلفت الخبير السياحي إلى حالة الزخم حول القطاع ضمن مناقشات الحوار الوطني في مصر، على أساس أن كل الآليات والمشاريع والقوانين المقترحة والخاصة بالقطاع السياحي تتم مناقشتها من خلال الأحزاب والجمعيات والمهتمين بالقطاع والعاملين به، وبما يسهم في طرح عديد من الرؤى لتطوير القطاع من قبل جميع الجهات.