استمرار الحرب واتساع رقعتها سيضع اقتصاد السودان أمام خسائر لا يمكن تصور أبعادها، فقبل اندلاع هذه المواجهات، كان اقتصاد البلاد يرزح تحت عدد لا بأس به من التحديات، من تضخم قياسي وإن تراجع نسبيا، وتدهو كبير لسعر صرف العملة، وعزوف الاستثمارات الدولية وتعطل عمليات التمويل بسبب عدم الوصول لاستقرار سياسي
الاقتصاد السوداني، دفع الثمن باهظا منذ انطلاق الشرارة الأولى للمواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع:
- خروج مطار الخرطوم من الخدمة مما أدى لحرمان البلاد من منفذ تجاري حيوي يسيطر على 5 بالمئة من إجمالي حجم التبادل التجاري.
- 15 مليار دولار قيمة إجمالي واردات وصادرات السودان
- 2 مليار دولار قيمة خسائر عائدات صادارت الذهب، والتي تسيطر على 50 بالمئة من إجمالي الصادرات السودانية.
- توقف حركة التجارة بين الخرطوم والقاهرة والتي يقدر حجمها بحوالي 1.5 إلى 2 مليار دولار أي ما يعادل 10 بالمئة من صادرات وواردات السودان.
ويشكل الذهب أهم موارد السودان من العملة الصعبة بعد خروج 75 في المائة من موارد النفط بعد انفصال جنوب السودان عن السودان الأم، وتوقف صادرات المعدن الأصفر سينعكس بشكل سلبي كبير على موازنة الدولة.
الحرب الدائرة بين طرفي النزاع تسببت أيضا في تعطيل قسري لقطاع البنوك، وهو ما تسبب في عدم السيطرة على سعر الصرف، ليبقى الأثر الرسمي على العملة غير واضح حتى تعود البنوك للعمل.
وفي تصريحات لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية، أكد الخبير الاقتصادي عمرو عبده أن اقتصاد السودان كان يواجه تحديات كبيرة حتى قبل الحرب، ولكن على الأقل كانت السلع الأساسية متوفرة، لأن القطاع الخاص من شركات وأفراد كانوا يقومون بهذا الدور، أما الآن فقد تعطل كل شيء كالمصانع والطرق، وبالتالي لن يكون هناك أي أنتاج في الأشهر المقبلة، مما سينعكس سلباً على كل جوانب الحياة ولا سيما جانب الأمن الغذائي.
بدورها حذرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني من أن تدهور النزاع في السودان سيترك آثارا سلبية على التصنيفات الائتمانية للدول المجاورة، وكذلك على بنوك التنمية متعددة الأطراف التي تقرض السودان والدول المجاورة.
وأكدت الوكالة أن انحدر الصراع إلى حرب أهلية طويلة الأمد، سيؤدي لتدمير البنية التحتية الاجتماعية والمادية وسيكون له عواقب اقتصادية دائمة، مما يؤثر على جودة أصول البنوك الإقليمية التي تمول السودان، إلى جانب ارتفاع نسبة القروض المتعثرة، وتأثر معدلات السيولة في بنوك البلاد.
وحول ما إذا كان توقف الحرب قد يعيد الأمور إلى نصابها فيما يخص تمويل البلاد، قال الخبير الاقتصادي عمرو عبده أنه حتى إذا توقفت الحرب، في الأغلب لن يجد السودان ما يكفي من المساعدات لكي يستعيد نفس المستوى من النمو الإقتصادي الذي كان عليه قبل الحرب، وأن المخرج الوحيد هو خطة شبيهه بـ"خطة مارشال" التي قامت بها الولايات المتحدة لأعادة أعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، والوحيد القادر على تبني مثل هذه خطة هو العالم العربي وتحديداً دول الخليج، لكن لكي يحدث ذلك، لابد من أن تقف الحرب وأن يكون هناك ضمانات كافية للأطراف الممولة.
اندلاع الحرب جدد المخاوف بانزلاق الاقتصاد السوداني نحو الانهيار الشامل، فمع دخولها يومها العاشر، واستمرار عمليات الإجلاء من قبل الدول الأجنبية لرعاياها مخافة اتساع رقعة الحرب، سترتفع احتمالات اصابة النشاط الاقتصادي للبلاد بالشلل، وستنجر البلاد نحو مصير مظلم وأكبر خطراً، فهذه الحرب سترفع من أخطار التعامل التجاري مع السودان، وستتسبب في هجرة رؤوس الأموال، كما سيعاني المواطنون من ظروف بالغة التعقيد بعد أن أوقف برنامج الغذاء العالمي برامجه بسببها.
كل هذه المؤشرات تدل على أن الاقتصاد السوداني مقبل على فترات عصيبة في ظل استمرار هذه الحرب، التي سيكون المواطن السوداني أكبر المتضررين منها.