تواجه الكثير من العائلات في العالم العربي، صعوبة في الحد من النفقات المالية خلال شهر رمضان المبارك.
فنادراً ما تكون استراتيجية الحد من الإنفاق المالي فعالة خلال هذا الشهر، إذ إن ما يحدث هو العكس تماما مع ارتفاع مستويات الإنفاق بشكل كبير جداً.
عناصر متعددة خلف ارتفاع الإنفاق
ويعزى ارتفاع الإنفاق المالي خلال شهر رمضان إلى عناصر متعددة، أولها الطبيعة الروحانية لهذا الشهر، التي تسهم في تعزيز الشعور بالسعادة، ما يدفع الفرد لاستخدام المال بطرق مختلفة في قراراته الشرائية.
ولا يقتصر ارتفاع الإنفاق خلال شهر رمضان على المصاريف المتعلقة بالأطعمة فقط، بل إنه يشمل مختلف أبواب الإنفاق الأخرى، مثل شراء الملابس والحلي والهدايا وغيرها الكثير، وذلك بدعم من سلوك الشراء الاندفاعي.
قرار الشراء الاندفاعي
والشراء الاندفاعي هو عندما يميل المستهلك إلى شراء السلع والخدمات بتسرع ودون تخطيط مسبق، وذلك بناء على العواطف والأحاسيس، حيث يهدف هذا السلوك إلى إرضاء الذات.
كما أن قرارات الشراء الاندفاعية، لا تتعلق بنوع معين من المنتجات، بل تشمل كافة المنتجات، بدءاً بالسلع الصغيرة مروراً بالهواتف والأطعمة، وصولاً إلى السيارات والمجوهرات وغيرها.
الإنفاق في رمضان يعادل إنفاق شهرين
يقول أخصائي صناعة وتسويق المواد الغذائية وليد جبارة، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن مستوى الإنفاق خلال شهر رمضان يتضاعف مقارنة ببقية أشهر السنة، وهو يعادل في حده الأدنى معدل إنفاق شهرين تقريباً، حيث إن هذه الزيادات في المصاريف، تكون نتيجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية خلال رمضان، وارتفاع نسبة استهلاك السلع الغذائية بسبب تقاليد إقامة ولائم الإفطار، إضافة إلى الأموال التي يتم إنفاقها على شراء الملابس والهدايا وأمور أخرى، مشيراً إلى أنه من الصعب جداً أن يتسم السلوك الشرائي بالواقعية خلال شهر رمضان.
توجيه النصائح للمستهلك
ويضيف جبارة أن الشعور بالرضا الذي يطغى على الصائم، وسط التحولات التي تطرأ على نمط حياته خلال شهر رمضان، إضافة إلى العادات المتوارثة في الكثير من الدول العربية، تجعل من الصعب إقناع المستهلك بالتوقف كلياً عن صرف الأموال خلال شهر رمضان، وبالتالي فإنه من الأفضل هنا توجيه النصائح له، حول كيفية التحكم بقراراته الشرائية والابتعاد عن ثقافة التبذير.
كيف يحد المرء من العادات الخاطئة؟
وبحسب جبارة فإن المفاتيح الأساسية للحد من العادات الخاطئة، والتحكم في القرارات الشرائية في شهر رمضان، يكون من خلال تحديد ميزانية النفقات وتتبع المشتريات، ما قد يحد من شراء المستهلكين للسلع بأكثر من احتياجاتهم الفعلية، مشيراً إلى أن تتبع النفقات، يتطلب التزاماً صارماً بتسجيل كل المصاريف على دفتر أو تطبيق متخصص بمتابعة المصاريف، حيث إن القيام بهذه الخطوة، يساعد المستهلك على الاطلاع بشكل يومي، على حجم الأموال التي أنفقها، ليتبين له احتمال أن يكون قد تخطى سقف ميزانيته الشهرية.
إنفاق المال لشراء الراحة
ويضيف جبارة أن الكثير من الصائمين يرغبون في الراحة والتخفيف من مهمات تحضير المأكولات، ومن هذا المنطلق، فإنهم يقومون بزيادة إنفاقهم على الطعام الجاهز، حيث إن استعادة السيطرة على هذه النقطة، من خلال تخصيص وقت للطبخ المنزلي، يمكن أن يسهم في توفير الكثير من المال، كما أنه يجب على الذين يقيمون ولائم الإفطار، تحديد كمية الطعام المفترض تقديمها بدقة، وذلك لتفادي هدر الطعام ودفع تكاليف لا حاجة لها.
دور الصيام بالتحفيز على الشراء
من جهتها تقول الأخصائية في علم النفس العيادي دارين عماش، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الصيام يمكن أن يؤدي إلى تحفيز الناس على شراء مزيد من المواد الغذائية، بالإضافة إلى ذلك، فإن طبيعة شهر رمضان تدفع المستهلك للقيام بمشتريات إضافية، بكافة فئات الإنفاق مثل الملابس والأجهزة الإلكترونية والهدايا، ولذلك فإنه من المهم على الصائم، الحفاظ على التوازن بين قراراته العاطفية والعقلانية، وذلك عبر النظر في الاحتياجات الحقيقية وحجم ميزانيته.
3 عناصر تدفع للتسوق العاطفي
وبحسب دارين عماش وهي الرئيسة التنفيذية والمؤسسة لتطبيق Mindsome، فإن الأشخاص الصائمين الذين يذهبون للتسوق خلال شهر رمضان، هم أكثر عرضة لممارسة ما يُعرف بالتسوق العاطفي، حيث يعود ذلك لتوافر 3 عناصر تدعم هذا الاتجاه، وهي أولاً الجوع الذي يؤدي بنا إلى شراء مزيد من الأطعمة، وثانياً السعادة التي تجعلنا أكثر ميلاً للتسوق بشكل مندفع، وثالثاً الإجهاد الذي يدفع بنا للبحث عن الراحة عن طريق شراء كل ما هو جاهز.
استغلال التجار والتباري بالإغراءات
بحسب عماش فإن التجار يميلون إلى استغلال هذه النقاط الثلاث، من خلال تكثيف العروض والتباري لتقديم الإغراءات للمستهلكين، حيث إن قوة المغريات الإعلانية، تؤدي إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك بشكل غير محسوب خلال شهر رمضان، ولذلك فإن أفضل طريقة لمواجهة هذا التحدي، هو من خلال إنشاء قائمة بالمنتجات التي نحتاجها قبل الذهاب للتسوق، مشددة على ضرورة التمسك بهذه القائمة، أمام الإغراءات التي تعمد إلى تسويقها مراكز التسوق ومحلات البقالة الكبيرة.
يجب تبني النهج العقلاني في التسوق
تضيف عمش أن فكرة الحد من الإنفاق خلال شهر رمضان، لا تهدف إلى حرمان النفس من عيش متعة أجواء العيد، بل الدفع إلى تبني النهج العقلاني عند التسوق، وذلك لتفادي تكدس المشتريات التي قد لا نحتاجها، ومن هنا على كل شخص وقبل أن يعمد لشراء أي منتج أو هدية أو قطعة ثياب، أن يسأل نفسه هل أنا فعلاً بحاجة للقيام بهذا الأمر؟ وهل تخطيت سقف الميزانية الشهرية للمصاريف؟ وكيف سينعكس هذا الأمر على ميزانية الشهر المقبل؟ فهذه الأسئلة تساعد على تطوير السيطرة على النفس، ووضع حدود لعمليات الشراء الفجائية التي تستند إلى العواطف.