البحث عن آفاق جديدة واستثمارات متنوعة بات الشغل الشاغل للدوريات الخمس الكبرى لكرة القدم في العالم.
الدوري الإسباني، الذي يُصنف كثاني أقوى الدوريات في العالم بعد الإنجليزي فنيًا وتسويقيًا، اتجه هذه المرة إلى قارة أميركا الشمالية، من خلال إبرامه صفقة مع المسؤولين عن بطولة العالم للألعاب القتالية "UFC" لتوسيع نطاق وصولهما في أميركا الشمالية.
ويخطط الكيانان أيضا للمشاركة في استضافة ثلاثة أحداث سنوية على الأقل في إسبانيا.
وتطمح رابطة الليغا في تنفيذ خططها طويلة الأجل في أميركا الشمالية من خلال الاستفادة بواحدة من أهم العلامات التجارية والأكثر شعبية في القارة وهي "UFC"، حيث يعمل الطرفان على ربط المشجعين بكرة القدم والألعاب القتالية.
ويعتبر الدوري الإسباني هو الدوري الأوروبي الوحيد الذي يملك مشروعًا مشتركًا في أميركا الشمالية.
أدريان سيغوفيا، رئيس المحتوى والتوزيع في الليغا، صرح لوسائل الإعلام سابقًا بأن هذه الصفقة من شأنها تحقيق استثمارات بقيمة 2.3 مليار دولار من خلال شركة "CVC Capital Partners".
ولدى الليغا شراكة طويلة مع شبكة ESPN التي تملك حقوق بث الدوري الإسباني في الولايات المتحدة الأميركية بموجب عقد بينهما في عام 2021 لمدة ثماني سنوات بقيمة مليار و409 مليون دولار.
ونجحت الشبكة التليفزيونية نفسها في نيل الحقوق الحصرية لبث نزالات UFC منذ عام 2018 لمدة خمسة أعوام بمليار ونصف المليار دولار، ثم اتفق الطرفان على تمديد العقد لعامين آخرين.
وكان مسؤولو الليغا قد أبرموا في عام 2018 شراكة مع مجموعة "ريليفنت" الرياضية بنسبة 50-50 لزيادة متابعة الكرة الإسبانية في أميركا الشمالية، خاصة مع وجود روابط ثقافية ولغة مشتركة بين الإسبان وعديد دول أمريكا الشمالية.
كما تواصل المد الإسباني في أميركا الشمالية عام 2021، بحصول الليغا على أكبر صفقتين للبث خارج إسبانيا، الأولى شملت اتفاقية مدتها ثماني سنوات مع ESPN بقيمة مليار و409 مليون دولار، والثانية اتفاقية مع "سكاي سبورتس" للبث في المكسيك وأميركا الوسطى بقيمة 560 مليون دولار.
ودائما ما يُفصح مسؤولو الليغا عن رغبتهم في أن يكون الدوري الإسباني هو الثاني من الناحية الشعبية في كل بلد بعد الدوري المحلي لهذا البلد، ويأتي ذلك من خلال نمو وانتشار الكرة الإسبانية في خمس سنوات بنفس نسبة نمو أي دوري في 20 عامًا.
تأثير سلبي لرحيل النجوم
ولكن مع ذهاب كريستيانو رونالدو ونيمار وميسي وسيرجيو راموس وعديد النجوم خارج إسبانيا، سيتعين على المسؤولين في الرابطة إيجاد البديل خلال السنوات القادمة.
خالد غنيم، مدرب فريق رايو فاليكانو الإسباني للشباب سابقًا ومدرب منتخب عُمان للناشئين حاليًا، صرح لـ" اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن توجه الليغا إلى مناطق جديدة مثل أميركا الشمالية هي فكرة تسويقية بحتة، حيث توجد متابعة كبيرة في هذه القارة للدوري الإسباني، وكما يحدث من إقامة "السوبر ليغ" في السعودية، مُضيفًا أن الجانب الاسباني يريد الاستفادة المالية من نشر ثقافته الكروية وإقامة المباريات خارج إسبانيا، حيث يسعى في هذه المرحلة للاستفادة من مباراة مثل "السوبر ليغ" من خلال إقامة حفلات فنية وموسيقية على هامش المباراة ومؤتمرات للدعاية السياحية لإسبانيا لجني أكبر قدر ممكن من رؤوس الأموال المتنوعة.
وكشف غنيم، صاحب تجربة تدريبية استمرت لسنوات في الكرة الاسبانية، عن وجود مشكلة ستواجه رابطة الليغا عند خروجها بالمباريات لأميركا الشمالية، والمتمثلة في قيام أعضاء النوادي والجماهير بشراء تذاكر موسمية قبل بداية كل موسم، ومباراة السوبر لا تندرج ضمن هذه التذاكر، وبالتالي سيواجه هذا الأمر باعتراض كبير كما حدث سابقًا بوقوف من يسمون بـ"الأعضاء الموسميين" للأندية ضد قرار إقامة السوبر ليغ في الولايات المتحدة بسبب تكلفة السفر المرتفعة وعدم إدراجها في فئة التذاكر الموسمية.
وأكد المدرب المصري أن خروج النجوم من الدوري الاسباني مثل كريستيانو رونالدو ميسي ونيمار تسبب في تقليل عدد المشاهدات للبطولة عما كانت عليه قبل سنوات، وبالتالي تقوم شركة الليغا بعمل مكاتب فرعية في دول عديدة للدعاية لمبارياتها من أجل الحفاظ على القيمة السوقية للدوري.
مخاوف من الإفلاس
ويأتي التوجه الاستثماري لليغا في قارة أميركا الشمالية بعدما تعرضت عدة أندية إسبانية للإفلاس في عام 2013، وقتها كان على المسؤولين تحويل الديون، التي وصلت إلى 800 مليون يورو (853 مليون دولار) خاصة بالحكومة الإسبانية و190 مليون يورو (202 مليون دولار) خاصة باللاعبين، إلى استثمار ربحي يساعد على عدم إفلاس المزيد من أندية الليغا وهو ما حدث بالتوجه نحو بلاد المحيط الأطلسي.
وفي سبيل ذلك، يبدو الاعتماد على جمهور الولايات المتحدة الأميركية أحد أهم رهانات رابطة الدوري الإسباني، حيث تراهن الشبكات التليفزيونية الناقلة مثل ديزني و ESPN+ على جلب مليارات الدولارات في السنوات القادمة، حيث بلغ عدد مشتركيها حوالي 21 مليون ونصف المليون مشاهد.
تأثير متوقع لمونديال 2026
الزخم الكبير لكرة القدم في أميركا الشمالية سيشهد ذروته في عام 2026 عندما تستضيف القارة ممثلة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك نهائيات كأس العالم.
وقبل أربع سنوات على انطلاق الحدث يُمَهد الطريق للصفقات في كل مناحي كرة القدم، وسيكون للإسبان نصيب كبير منها بعدما وضعوا أقدامهم مبكرًا عن أقرانهم في الدوريات الأوروبية في مشروع يمتد لخمسة عشر عامًا وهو مُكرس لخدمة العمليات التجارية داخل القارة سواء الخاصة بالليغا أو بشركة ريليفينت.
وتعتبر صفقات حقوق بث الدوري الإسباني في الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك هي الأكثر ربحًا في الدوري خارج إسبانيا.
الرئيس التنفيذي للمشروع، بوريس غارتنر، صرح لمنصة "فرونت أوفيس" الأميركية أن فريق العمل الخاص بالرابطة المكلف بالعمل في أميركا الشمالية على دراية ومعرفة كبيرة للغاية بالسوق هناك، بالإضافة إلى إلمامه بكل التفاصيل المتعلقة بعمليات البث والرعاية، مضيفًا أن هذا الأمر سيدفع الأعمال بطريقة أفضل وأسرع بكثير.
وكشف غارتنر أن الشركة تربح 10 ملايين دولار كل موسم من الرعاة الأميركيين وحدهم، وهو على حد قولها جزء بسيط من المكاسب على النطاق العالمي، متوقعًا أن يرتفع النمو بطريقة تفوق الوصف وعلى كل الجبهات مع اقتراب كأس العالم 2026.
صدام مع الفيفا
مع نهاية مونديال 2022، وعقب إعلان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو عن عمليات توسعية كبيرة في عدد البطولات خاصة كأس العالم للأندية عام 2025 بمشاركة 32 فريقًا بدلاً من سبعة، ارتفعت الأصوات الغاضبة داخل الاتحاد الإسباني لكرة القدم الذي يرى أن مثل هذه القرارات لا يجب أن تتم بشكل فردي ولابد من استشارة الأندية فيها.
المسؤولون عن كرة القدم في إسبانيا يرون أن هذه القرارات تضر بالأجندة الدولية وتدمر نظام كرة القدم، وتقضي على مستقبل اللاعبين مبكرًا.
الاتحاد الدولي لكرة القدم يُمني النفس بحصوله على أرباح تصل إلى 11 مليار دولار من كأس العالم الجديدة للأندية في عام 2025.