سجل الدولار الأميركي أداءً قوياً خلال عام 2022 حيث أطاح بالعديد من عملات الدول النامية وحتى الناشئة، وذلك بدعم رئيسي من خطوات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم.
وتتجه الأنظار حالياً إلى محاولة معرفة كيف سيكون أداء العملة الأميركية خلال عام 2023، وسط توقعات بعدم قدرتها على استكمال مسارها الصعودي، حيث يرى محللون أن مسارات أسعار الفائدة الأميركية تبدو أقل قوة في العام الجديد وهو ما سيتسبب بتراجع الدولار.
ويقول الخبير والباحث المالي الدكتور نبيل أبو ناضر في حديث "لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن التصريحات التي أدلى بها رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول بعد اجتماع رفع الفائدة الأسبوع الماضي، أجهضت توقعات تراجع الدولار في 2023، مشيراً إلى أن باول أكد أن الفيدرالي لن يهدأ إلا حتى يتأكد من انخفاض التضخم بشكل مستدام إلى مستوى 2 بالمئة.
وبحسب أبو ناضر فإن تركيز باول على عبارة "انخفاض التضخم بشكل مستدام"، أعطت إشارات واضحة على أن مسار رفع الفائدة الأميركية قد لا ينتهي العام المقبل كما توقع البعض، مشيراً إلى أن الخطوات المتشددة للفيدرالي في محاصرة التضخم، ستعطي قوة للدولار كملاذ آمن يحظى باهتمام المستثمرين في 2023، دون استبعاد احتمال أن يشهد العام الجديد مفاجآت تنعكس مزيد من القوة على الدولار مثل رفع الفائدة إلى مستويات تفوق تلك المحددة سابقاً.
ورأى أبو ناضر أنه طالما لم يتم بعد حسم معركة التضخم، فإن الوضع سيكون لمصلحة الدولار مدعوماً من قرارات رفع الفائدة، في الوقت الذي لن تتمكن فيه أوروبا التي تعاني من ذيول الحرب الروسية الأوكرانية من مجاراة أميركا بمستويات رفع الفائدة وهذا ما سيكون أيضاً لمصلحة الدولار.
من جهته يقول الخبير الاقتصادي طاهر مرسي وهو رئيس أبحاث السوق في Bullion Egypt في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن تصريحات رئيس الفيدرالي الأميركي نجحت حقيقة في إجهاض توقعات تراجع الدولار، واصفاً ما حصل بالنجاح المؤقت وغير المستدام، وذلك نظراً لعدة اعتبارات.
ويرى مرسي أن الدولار الأميركي أمام تحد دولي كبير يتمثل بمحاولات التخلي عنه في التعاملات التجارية الدولية، وهذا ما يمثل خطراً على حصته في هذه التعاملات التي تعتبر أحد أهم العوامل المؤثرة على مستقبل العملة الأميركية في 2023، مشيراً الى رئيس الفيدرالي الأميركي سبق وأن أشار في بعض أحاديثه الى هذه النقطة الخطرة، فالتخلي عن الدولار في التجارة الدولية سينعكس تراجعاً في هيمنته على الأسواق.
وبحسب مرسي فإنه لابد من إعادة النظر بمسألة التوقعات في مسار الدولار، ففي حين كانت تبنى هذه التوقعات على اتجاهات السياسة النقدية للفيدرالي بشكل حصري، باتت هناك اليوم عوامل أخرى تلعب دوراً في رسم مسار الورقة الخضراء مثل التوترات الجيوسياسية على ضفتي المحيطين الهادي والأطلسي، إضافة إلى تصاعد الإجراءات الحمائية من قبل الدول، وهذا ما يجعل من كل السيناريوهات أمراً محتملاً أمام الدولار في 2023 دون ترجيح لأحدها على الآخر.