أدى الاضطراب الاقتصادي الناجم عن تضخم مروع بنحو 85 بالمئة إلى إغراق تركيا في واحدة من أسوأ أزماتها العقارية.
وجعلت الأسعار المرتفعة إيجاد مساكن ميسورة الإيجار أو الشراء معركة شاقة بالنسبة للكثيرين، خاصة بالنسبة لملايين الأشخاص الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور الشهرية وهو 5500 ليرة (295 دولار) والذين يكافحون أيضًا لتغطية تكاليف الغذاء والطاقة والنفقات الأخرى.
وبينما أدت زيادة تكاليف البناء والتضخم إلى ارتفاع أسعار المساكن على مستوى العالم، تفاقمت أزمة العقارات في تركيا بسبب سياسة خفض أسعار الفائدة على الرغم من التضخم المرتفع، وهو عكس التفكير الاقتصادي التقليدي.
ودفع ذلك الكثيرين إلى الاستثمار في العقارات للحفاظ على مدخراتهم ضد ارتفاع التضخم. ومع نقص المعروض من المساكن، ارتفعت الأسعار.
واختار الناس شراء العقارات بدلاً من الاحتفاظ بالمدخرات في حسابات بنكية منخفضة الفائدة. وخفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى 9 بالمئة، على الرغم من التضخم الذي يقول الاقتصاديون المستقلون إنه وصل إلى 170.7 بالمئة في نوفمبر.
ويعتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تكاليف الاقتراض المرتفعة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، في حين يقول معظم الاقتصاديين إن رفع أسعار الفائدة هو الترياق التقليدي للتضخم.
كما أغرق المشترون الأجانب سوق العقارات التركي، بعد أن أغرتهم الليرة التركية بفقدانها حوالي 28 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي منذ بداية العام، علاوة على تعرضها لضربة أسوأ في عام 2021.
كما تقدم تركيا فرصة الحصول على الجنسية من خلال شراء العقارات.
وارتفعت مبيعات المنازل للأجانب بنسبة 20.4 بالمئة في الفترة بين يناير ونوفمبر، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لمعهد الإحصاء الحكومي.
وكان غالبية المشترين من المواطنين الروس، يليهم الإيرانيون والعراقيون والأوكرانيون.
وأدت الأزمة إلى ارتفاع مؤشر أسعار المساكن التركية بنحو 190 بالمئة في شهر سبتمبر، مقارنة بالعام السابق، وفقًا لأرقام البنك المركزي.
وكان الارتفاع السنوي مذهلًا بنسبة 212 بالمئة في إسطنبول، المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في تركيا.
كما أدى التضخم وارتفاع أسعار المساكن إلى زيادات غير مسبوقة في الإيجارات.
وقال وكيل العقارات، كنان ألتيناي، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس، "إنها المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذا الشيء، حيث نشهد ارتفاع الأسعار بشكل كبير، كل عام، نشهد فرقا بنسبة 20 بالمئة أو25 بالمئة، ولكن هذا العام، وصل الفارق إلى 200 بالمئة".
وفي محاولة لإبقاء الأسعار تحت السيطرة، فرضت الحكومة سقفًا بنسبة 25 بالمئة على الزيادات في الإيجارات، ولكن قلة من أصحاب العقارات يلتزمون بالقاعدة وهم يحاولون الحفاظ على أرباحهم على قدم المساواة مع التضخم.
ويقول محامي العقارات،إيديل بورا، إن المحاكم غارقة في دعاوى الإخلاء بسبب الخلافات حول زيادة الإيجارات.
وقال إن محاكم الصلح المدنية، المكلفة بالنظر في هذه القضايا، لديها أعباء عمل ثقيلة بحيث يتم تحديد مواعيد الجلسات بعد خمسة أو عشرة أشهر".