كان الدولار ولا يزال واحدًا من أبرز المؤثرات التي ساهمت في رسم لوحة الأسواق العالمية خلال تداولات هذا العام، إذ تسبب الصعود الكبير للعملة الخضراء في حدوث موجات متكررة من الصدمات في أغلب أسواق واقتصادات العالم.
إلا أن قصة صعود الدولار قاربت على نهايتها، إذ تراجع الدولار بأكثر من 4 بالمئة خلال الربع الحالي من العام الجاري، ليتراجع عن أعلى مستوياته في نحو عقدين، والتي بلغها الدولار في سبتمبر.
وقال محللون استراتيجيون في بنك "غولدمان ساكس" في توقعاتهم لعام 2023، والتي نشرها البنك مؤخرًا، إن الأسواق حريصة على مراقبة العلامات التي تشير إلى التحولات الجوهرية، إذ يخشى المستثمرون من فقدانهم لفرصة التصحيحات، والتي تميل للحدوث بسرعة وبشكل حاد.
ولكن ما الذي تغير؟
ذكر تقرير نشرته "سي إن إن" الأربعاء، أن بيانات التضخم في الولايات المتحدة أظهرت ارتفاعا بشكل أقل من المتوقع في شهر أكتوبر، مما عزز التوقعات بأن يخفف الفيدرالي الأميركي من وتيرة رفع معدلات الفائدة قريبا.
كما أن التفاؤل يزداد بأن الصين باتت مستعدة لتخفيف القيود المتعلقة بانتشار فيروس كورونا، كما اتخذت الحكومة خطوات جادة للتعامل مع أزمة قطاع العقارات في البلاد.
وأدى الخريف الدافئ في أوروبا إلى تقليل المخاوف بشأن أزمة الطاقة في البلاد، وجعل التوقعات الاقتصادية في القارة العجوز أكثر تفاؤلا بشكل نسبي.
وقال استراتيجي العملات في شركة "نومورا"، جوردان روتشستر، إن هناك مجموعة من المؤشرات الواضحة التي تشير إلى أن التضخم يتباطأ في الولايات المتحدة، كما أن هناك مؤشرات واضحة تظهر أن الشتاء في أوروبا قد لا يكون قاسيا، وأن الصين تركز على النمو الاقتصادي بشكل أكبر من الفترة السابقة.
وأوضح أن قيمة الدولار الأميركي ربما قد بلغت ذروتها عند مقارنتها بالعملات الرئيسية الأخرى.
إلا أن هذه التصريحات تأتي في ظل وجود حالة من عدم اليقين حول خطط الفيدرالي المتعلقة برفع الفائدة ومكافحة التضخم، كما أنه من الصعب التنبؤ بمسار الحرب الروسية الأوكرانية.
من جانبه، حذر كيت جوكيس، من بنك سوسيتيه جنرال، أنه من غير المرجح أن ينخفض الدولار بشكل خط مستقيم.
وذكر التقرير أن كثير من الحكومات والقادة يراقبون أداء العملة الأميركية، كونها سببا في معاناة البلدان الأخرى، إذ أن قوة الدولار تنعكس بشكل سلبي على أسعار واردات الغذاء والطاقة، كما تزيد من آلام الحكومات التي تمتلك ديونا بالدولار.