قرر بنك إنجلترا رفع معدلات الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية، الخميس، في أعلى وتيرة رفع للفائدة منذ عام 1989 (باستثناء زيادة قصيرة بمقدار نقطتين مئويتين في عام 1992 استمرت أقل من 24 ساعة)، وفي خطوة تهدف لكبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عامًا.
وبنك إنجلترا من أوائل البنوك المركزية الكبرى التي تحركت لكبح التضخم، وهذه هي الزيادة الثامنة على التوالي لمعدلات الفائدة لتصل إلى 3 بالمئة من 2.25 بالمئة وهي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وهبط الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي بنحو 2 بالمئة ليصل إلى 1.1181 دولار عقب صدور قرار المركزي.
وصوتت لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا لصالح هذه الزيادة بواقع 7 أعضاء مع القرار، و2 ضد القرار، إذ صوت أحد الأعضاء بزيادة قدرها 0.5 بالمئة بينما فضل عضو آخر زيادة قدرها 0.25 بالمئة
وسجل معدل التضخم في بريطانيا مستويات غير مسبوقة منذ نحو 40 عاما إذ ارتفع إلى 10.1 بالمئة.
صدمة كبيرة
قال محافظ بنك إنجلترا آندرو بيلي في رسالة شديدة اللهجة على غير المعتاد: "لا يمكننا تقديم وعود بشأن أسعار الفائدة في المستقبل، لكننا نعتقد، بناء على ما وصلنا إليه اليوم، أنه يجب رفع أسعار فائدة البنك بأقل من المتوقع حاليا في الأسواق المالية".
وأضاف في مؤتمر صحفي، الخميس، إن معدلات الرهون العقارية محددة الأجل لا يجب أن ترتفع بالمستوى الذي بلغته الآن.
وقال بيلي إن عدم اتخاذ اللازم بقوة في المرحلة الحالية سيتسبب في أوضاع أسوأ بالمستقبل.
وأشار بيلي إلى أن الاضطرابات التي تضرب بريطانيا أسوأ من الناحية الاقتصادية، مقارنة بما حدث في السبعينيات.
وقال إن الحرب الروسية على أوكرانيا والاضطرابات في سلاسل الإمداد عقب وباء كورونا كان لها تأثير أكبر في الدخل الحقيقي من أزمة الطاقة، التي حدثت قبل أربعة عقود.
وأضاف بيل: "هذه صدمة كبيرة إذا قارنت ما يحدث بفترة سبعينيات القرن الماضي، وإذا قارنت العام الحالي بسنة واحدة في السبعينيات، وكذلك تقوم السياسات الحكومية بدور فيما يتعلق بأسواق الطاقة، هذه صدمة أكبر من أي عام في السبعينيات".
ركود تاريخي ممتد
من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة بنحو 0.75 بالمئة خلال النصف الثاني من عام 2022 ، مما يعكس الضغط على الناتج الحقيقي الناجم عن ارتفاع أسعار الطاقة والسلع.
وتوقع المركزي البريطاني أن يستمر النمو الاقتصادي في الانكماش، لمدة ثمانية أرباع متتالية، طوال عام 2023 والنصف الأول من عام 2024، إذ تؤثر أسعار الطاقة المرتفعة وتشديد الأوضاع المالية على الإنفاق.
وبالنسبة للتضخم، توقع بنك إنجلترا أن يتراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.2 بالمئة بحلول الربع الرابع 2024، و0.8 بالمئة في الربع الرابع 2025.
وفي الوقت نفسه، تباطأ نمو الاقتصاد في المملكة المتحدة بشكل قوي، إذ تراجعت بيانات مديري المشتريات في شهر أكتوبر إلى أضعف مستوياتها منذ يناير عام 2021، عندما كان الاقتصاد غارقًا في الإغلاقات بسبب كورونا.
ومنذ الزيادة الأخيرة التي قام بها بنك إنجلترا في معدلات الفائدة خلال سبتمبر الماضي، واجه البنك اضطرابات سياسية ومالية في السوق في فترة رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، والتي أعلنت عن حزمة من التخفيضات الضريبية غير الممولة، تصل قيمتها إلى 45 مليار جنيه إسترليني (حوالي 52 مليار دولار) والتي أطاحت بها في نهاية المطاف.
وكانت السياسة تهدف إلى تجنب الركود وتحفيز النمو طويل الأجل في بريطانيا، ولكن بدلا من ذلك، فقد أثرت سلبًا على الجنيه الإسترليني وهبطت به إلى مستويات قياسية أمام الدولار، ما أجبر بنك إنجلترا على التدخل لدعم سوق السندات، وترتب عليه استقالة تراس.
وكان الفيدرالي الأميركي قد رفع معدلات الفائدة الأربعاء بمقدار 75 نقطة أساس، ليرتفع نطاق الفائدة في الولايات المتحدة إلى نطاق 3.75 بالمئة إلى 4 بالمئة.
كما رفع المركزي الأوروبي الفائدة بنفس المقدار الأسبوع الماضي لتبلغ 1.5 بالمئة.
ويتوقع المستثمرون أن ترتفع الفائدة لدى بنك إنجلترا لتتراوح بين 3.5 بالمئة في ديسمبر إلى 4.75 بالمئة في مايو المقبل، وهي المستويات الأعلى منذ عام 2008.