اتفق خبيران تحدثا مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن التعليمات الصادرة من البنك المركزي المصري بشأن إنشاء إدارة للتمويل المستدام بالبنوك، هي خطوة استباقية قبل مؤتمر المناخ COP27 في شرم الشيخ، تؤكد من خلالها مصر التزامها بآليات تنفيذية للتوسع في المشروعات الاقتصادية الخضراء صديقة البيئة عبر ما يسمى "التمويل الأخضر".
- البنك المركزي المصري أصدر، الخميس، تعليمات تعليمات ملزمة للبنوك العاملة في مصر تتضمن إنشاء إدارة مستقلة للاستدامة والتمويل المُستدام بكل بنك، فضلاً عن إلزام البنوك بإدراج سياسات وإجراءات تنفيذية خاصة بالتمويل المُستدام ضمن السياسات الائتمانية والاستثمارية للبنك.
- تضمنت التعليمات الاستعانة باستشاري بيئي لتقييم مشاريع الشركات الكبرى المُزمع تمويلها من المنظور البيئي، وإعداد تقارير دورية في هذا الشأن.
- المركزي المصري قال إنه تم إعداد التعليمات وفقًا لأفضل الممارسات الدولية وبما يلائم القطاع المصرفي المصري وذلك عملاً على توجيه القطاع نحو تمويل أنشطة اقتصادية أكثر استدامة.
الحفاظ على البيئة شرط التمويل
الخبير الاقتصادي، حمدي الجمل، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن تعليمات البنك المركزي المصري للبنوك بإلزامية إنشاء إدارة مستقلة للتمويل المستدام، تأتي في إطار الخطة التي أقرتها الأمم المتحدة للتنمية المستدامة حتى عام 2030 ووفق خطة مصر لتحقيق نفس الهدف وكذلك تماشيا مع أهداف قمة المناخ COP27 التي تنعقد في مدينة شرم الشيخ الشهر الحالي.
وأضاف أنه وفقا لتلك التعليمات ستكون البنوك ملزمة بإعطاء أولوية التمويل للمشروعات تحقق التنمية المستدامة وتهدف للحفاظ على البيئة، وستقل الفرص أو تنعدم أمام تلك المشروعات التي تدمر البيئة أو تضرها، سواء كانت مشروعات صناعية أو زراعية أو غيرها نظرا لخطورتها على صحة الإنسان ومستقبل الكون، وهذا ما يعرف بالتمويل المستدام.
وتابع أن مصر معنية بملف الحفاظ على البيئة عبر تحقيق التنمية المستدامة بالمشروعات الخضراء تحت شعار "اتحضر للأخضر"، وذلك بعيدا عن مسألة استضافتها لقمة المناخ الأممية حتى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته بالقمة العربية في الجزائر أشار إلى أهمية تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على المناخ، مؤكدا أن الدول العربية في أمس الحاجة لذلك.
وأوضح حمدي الجمل، أن مفاهيم التنمية المستدامة سواء بالنسبة للبنك المركزي المصري أو للأمم المتحدة تعني الحفاظ على البيئة بشكل أساسي باعتبار أن البيئة النظيفة هي أساس أي تنمية مستدامة وأساس أية مشروعات اقتصادية دائمة، منبها إلى أن الدول التي تعاني من تلوث البيئة ستكون أراضيها خلال فترة 10 سنوات على الأكثر غير صالحة لأي نشاط اقتصادي وخطر على حياة الإنسان.
وشدد على أن الدول ومنها مصر حاليا بعد استشعارها خطورة التغيرات المناخية فهي أصبحت ملزمة بوضع آليات محددة لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة ومن تلك الآليات هي تعليمات البنك المركزي بالتمويل المستدام، موضحا أن قمة المناخ في شرم الشيخ ستركز على اتخاذ الدول لآليات تنفيذية للحفاظ على البيئة أكثر من مجرد توصيات.
وأكد أنه وفقا لاشتراطات البنك المركزي الجديدة ستكون البنوك على سبيل المثال في مشروعات كصناعة السيارات ملزمة بإعطاء التمويل لمشروعات السيارات الكهربائية التي تحافظ على البيئة.
- البنك المركزي المصري قال إن التعليمات الجديدة من شأنها تعزيز الفرص الاستثمارية، وبالأخص جذب شريحة جديدة من المستثمرين المهتمين بالقطاعات التي تُعزز مبادئ التنمية المستدامة، وتشجيع ضخ المزيد من العملات الأجنبية بالسوق المصري.
- تم إصدار هذه التعليمات بعد انتهاء البنك المركزي من تحليل نتائج دراسة الفجوات التي تم إجرائها على القطاع المصرفي في شهر مارس من العام الجاري، والتي أسفرت عن ضرورة وضع إطار مُلزم لتعزيز أنشطة الاستدامة والتمويل المُستدام لدى البنوك.
- سبق وأن أصدر البنك المركزي المصري المبادئ الاسترشادية للتمويل المُستدام في 18 يوليو 2021 والتي أرست المفاهيم الأساسية للاستدامة والتمويل المُستدام.
نموذج احترافي
واتفق معه الباحث الاقتصادي، أحمد أبو علي، الذي قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن تعليمات البنك المركزي تأتي تماشيا مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، ومع استضافة مصر لقمة المناخ، ولذلك تحاول مصر أن تقدم نموذجا احترافيا في كل القطاعات سواء المصرفية أو الصناعية أو الاقتصادية بشكل عام.
وأوضح أن التعليمات الجديدة تؤكد أن التنمية المستدامة أصبحت هدفا ملحا لمصر ولكثير من دول العالم، ولذلك أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات تنفيذية لتحقيق هذا الهدف ومنها التمويل المستدام للمشروعات.
وتابع أن التمويل المستدام يعني إعطاء الأولوية للمشروعات الصديقة للبيئة، وسبق ذلك أن وزارة المالية طرحت ما يسمى السندات الخضراء لتمويل المشروعات التي تحافظ على البيئة.
وأكد أن هذه الخطوة فضلا عن تأكيدها التزام مصر بتنفيذ إجراءات تخفف حدة التغيرات المناخية فهي ستجذب استثمارات كثيرة في مجال الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة.
وأشار إلى أن التنمية المستدامة تعني تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة مع الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من خلال الحفاظ على استمرارية تلك الموارد، خاصة في ظل أن الاقتصادات الناشئة التي منها مصر لديها ندرة في الموارد مقارنة بحجم السكان، ومن ثم فتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة ضروري من خلال مشروعات التنمية المستدامة الصديقة للبيئة وتوفير التمويل اللازم لها والذي يسمى التمويل المستدام.