على رغم توقعات المؤسسات الدولية المتخصصة بتباطؤ نمو النشاط العقاري في مصر شأنه شأن بقية الأنشطة الاقتصادية التي تأثرت بالمتغيرات العالمية، فإن خبراء توقعوا في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن يستعيد القطاع العقاري عافيته قريبا، مؤكدين زيادة حركة البيع بعد قرار تحرير سعر الصرف نتيجة بحث الناس عن أوجه الاستثمار والادخار الآمن لأموالهم.
- كانت مؤسسة "فيتش سوليوشنز" للخدمات المالية، توقعت منتصف شهر أكتوبر أن يشهد النشاط الاقتصادي في مصر عموما ومن بينه القطاع العقاري تباطؤ خلال ال 12 شهرا المقبلة، نتيجة المتغيرات العالمية وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.
- فيتش قالت إن صناديق الاستثمار العقارية ستصبح "فرس رهان" نهوض الاستثمار العقاري مرة أخرى في مصر، حال اكتمال الأطر التنظيمية المناسبة لها.
نهضة رغم الصعاب
ومن جانبه قال الصحفي المتخصص في شئون التطوير العقاري بمصر، طارق شلتوت، إنه يمكن تلخيص الوضع في مصر بمقولة إن "القطاع العقاري يمرض ولا يموت"، وبالفعل هذه حقيقة، فهناك تباطؤ بسبب تأثر القطاع بالأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد والعالم، خصوصا أن القطاع يضم أكثر من 100 صناعة تأثرت بانخفاض سعر الجنيه أمام الدولار ووقف الاستيراد، فضلا عن انخفاض القوة الشرائية للمواطن المصري.
لكن شلتوت قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه على المدى البعيد فهناك مؤشرات تشير إلى تعافي القطاع العقاري قريبا، منها استمرار الدولة في قيادة النهضة العمرانية الشاملة، بما تملكه من إمكانيات وإشراك القطاع الخاص في هذه المشروعات الكبرى، مثل بناء مدن جديدة سواء سكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل أو سياحية فاخرة لمرتفعي الدخل مثل العلمين والجلالة.
كذلك أوضح أن الأرباح التي حققتها الشركات العقارية الكبرى المدرجة في البورصة تعكس قدرة القطاع على التعافي وأن الطلب علي العقار مازال موجودا، والأسعار المرتفعة لن تؤثر علي نمو القطاع لأنها تخاطب شريحة معينة لديها ملاءة مالية، فضلا عن أن هذه الشركات معظمها يطرح الوحدات بالتقسيط علي مدد طويلة.
وبشأن محدودي أو متوسطي الدخل قال شلتوت إن مبادرات الدولة خففت عن كاهلهم الأسعار المرتفعة خصوصا مشروعات وزارة الإسكان المنتشرة في المدن الجديدة.
وأشار إلى أن هناك ملفان لو تم تفعيلهما بدراسات وافية وواقعية فإن القطاع العقاري سوف يكون في أمان، أولهما تنشيط سوق التمويل العقاري بشكل يجعل المواطن يقبل عليه وذلك باتفاق الدولة مع القطاع الخاص والبنوك، وثانيهما ملف تصدير العقار أي جعل الأجانب يقبلون على شراء العقارات بمصر، وضرورة ان يكون للحكومة دور محوري في تبسيط الإجراءات دون الاخلال بالأمن القومي.
التعويم أنعش شراء العقارات
أما خبير التطوير العقاري المصري، محمود داوود، فقال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه لا شك أن تحرير سعر الصرف أحدث حالة من التخبط لدى جميع القطاعات الاستثمارية خصوصا تلك التي تعتمد في انتاجها على استيراد المواد الخام، ولكن "لنكن أكثر صراحة أن هذا القرار كان بمثابة قبلة الحياة للاستثمار وستتضح آثاره الإيجابية تباعا"، حسب تعبيره.
وعلى صعيد القطاع العقاري قال داوود إن قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار أدى إلى جذب كبير للاستثمار الأجنبي في هذا القطاع لما له من إيجابيات، أهمها أن هناك سعر حقيقي للعملة وإنهاء السوق السوداء أو السوق الموازية، وكذلك أحدث هذا القرار حالة من توجيه القوة الشرائية نحو العقارات، خصوصا وأن المستهلك تأكد من ثبات وقوة العقارات كمحفظة ادخارية آمنة وقت الأزمات أو في حالات التضخم الكبير.
- صباح الخميس الماضي رفع البنك المركزي المصري معدلات الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، خلال اجتماع استثنائي، ليصبح سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 13.25 بالمئة و14.25 بالمئة على التوالي.
- شمل قرار المركزي أن يكون سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى، بواسطة العرض والطلب، في إطار سعر صرف مرن، أي تحرير سعر الصرف.
- منذ القرار سجل الجنيه المصري تراجعا كبيرا أمام الدولار وبات السعر حاليا يقترب من 25 جنيها للدولار، بينما كان قبل القرار مستقرا لفترة عند 19.65 جنيه لكل دولار.
وعن تأثير ذلك قال خبير التطوير العقاري، محمود داوود، إنه سيكون هناك جذب لرؤوس الأموال الأجنبية التي تبحث عن الاستثمار العقاري في دولة بها موارد مثل مصر، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن حركة شراء العقارات تضاعفت، رغم أن أسعار العقارات بعد قرار التعويم شهدت زيادة تتراوح من 5 إلى 8 بالمئة، موضحا أن هذا طبيعي، فعلى عكس المتوقع لم يؤدي قرار التعويم لحالة من الركود في بيع العقارات، ولكنه في الوقت ذاته دفع الشركات لزيادة فترات التقسيط وجعل طرق السداد أكثر مرونة.
فعاليات لتنشيط القطاع العقاري
داوود، قال كذلك إن هناك فعاليات عقدتها الدولة المصرية أخيرا كان لها دور في تنشيط القطاع العقاري، مثل المؤتمر الاقتصادي من 23 أكتوبر الي 25 أكتوبر بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذي كان له تأثير مباشر على خطة التنمية المستدامة والتي تهدف إليها الدولة كجزء أصيل من النمو الاقتصادي والعمراني.
وأوضح أن القطاع العقاري يمثل 25% تقريبا من الناتج القومي المصري، مما يعكس حجم السوق العقاري والاهتمام الموجه لهذا القطاع، وذلك في ضوء التنمية العمرانية الشاملة التي تنفذها الدولة حاليا، مشيرا إلى أن القطاع العقاري يضم أكثر من 18 مليون مصري عمالة مباشرة وغير مباشرة.
وأكد أن القطاع العقاري خلال الفترة القادمة سيشهد طفرة حقيقية عكس ما أثير مؤخرا من وجود ما يسمى بالفقاعة العقارية، وذلك لما يتمتع به السوق العقاري بمصر من فرص استثمار حقيقية، خصوصا خلال آخر ثمان سنوات، وتلك الفرص موجودة على أرض الواقع مثل مدن الجيل الرابع صديقة البيئة، ومصادر طاقة منتشرة على قطاع عريض بالدولة وشبكة طرق واسعة ومتطورة.
وأشار إلى أن المستثمر الأجنبي تحديدا يبحث دائما في واجهته للاستثمار عن عدة عوامل منها الاستقرار الأمني الذي يعد الحافز الأهم للاستثمار، وتوافر الأيدي العاملة، شبكة الطرق والكباري، الموارد الطبيعية الخاصة بالدولة وحجم النمو الاقتصادي.
وأوضح أن تصدير العقار جزء لا يتجزأ من مستقبل التطوير العقاري بمصر، ويعد من أهم محاور التطوير، وأن مصر لديها منتج عقاري مختلف سواء على المستوى السكني بمدن الجيل الرابع أو الساحلي سواء علي البحر الأحمر أو البحر الأبيض، أو المباني التجارية والإدارية التي انتشرت بصورة ملحوظة أخيرا مع بداية طرح العاصمة الإدارية الجديدة.
وكشف عن أن حجم تصدير العقار على مستوى الاقتصاد العالمي حسب آخر إحصائية تخطى 400 مليار دولار، مما يوضح أن هناك إقبال عالمي على هذا النشاط، ومن ثم فعلى مصر أن تدعم ذلك التوجه كمصدر أصيل للنقد الأجنبي، وتوضح مزايا الاستثمار العقاري في مصر لجذب أكبر قدر من المستثمرين الأجانب لهذا القطاع.
وطالب داوود السلطات المصرية بالإسراع في إصدار قانون التطوير العقاري الموحد الذي يحدد العلاقة بين المطور والعميل، وكذلك العلاقة بين المطور والدولة، وكذلك الإسراع والتوسع في تطبيق التحول الرقمي لتسهيل إنهاء الإجراءات والأوراق والتراخيص، لأن ذلك سيكون له عظيم الجدوى في جذب المستثمرين لهذا القطاع.