قررت الولايات المتحدة سحب 15 مليون برميل إضافي من النفط من احتياطيها الاستراتيجي في محاولة لخفض أسعار الذهب الأسود، بينما لا يستبعد الرئيس جو بايدن استخدام المزيد من هذا الاحتياطي، كما ذكر مسؤول أميركي الثلاثاء.
وسيعلن بايدن هذا القرار في خطاب الأربعاء كما قال المسؤول نفسه الذي طلب عدم كشف هويته، مشيرا إلى أن الرئيس "سيوضح أن الإدارة مستعدة لإجراء مبيعات إضافية كبيرة هذا الشتاء إذا كانت هناك حاجة إليها بسبب الإجراءات الروسية أو غيرها التي تعطل الأسواق العالمية".
وتشكل هذه الكمّية التي سيتمّ ضخّها في السوق في ديسمبر، الشريحة الأخيرة من برنامج أعلن عنه الرئيس الأميركي في الربيع ويقضي بالإفراج عن 180 مليون برميل لمواجهة ارتفاع أسعار النفط المرتبط بأزمة أوكرانيا.
وقال المسؤول الأميركي الكبير لصحافيين إنّ "الرئيس أصدر تعليماته لوزارة الطاقة بالاستعداد لبيع المزيد (من نفط الاحتياطي الاستراتيجي) هذا الشتاء إذا اقتضى الأمر ذلك، سواء بسبب روسيا أو بسبب أنشطة أخرى يمكن أن تثير اضطراباً في السوق".
وفرضت على روسيا أكبر مصدر للطاقة، عقوبات أميركية وأوروبية بعد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير، مما تسبب في اضطرابات في الأسواق. وهدد الكرملين باستخدام تاثيره على إمدادات الطاقة كسلاح اقتصادي ضد الغرب الذي يدعم أوكرانيا.
"جميع الأدوات على الطاولة"
يرى بايدن أن هناك مخاوف خطيرة على المستوى المحلي إذ بلغ متوسط أسعار البنزين أكثر من خمسة دولارات للغالون مما تسبب في غضب في البلاد.
ويبقى التضخم العامل الأكبر الذي يركز عليه الجمهوريون لهزيمة الديموقراطيين في الانتخابات التشريعية لمنتصف الولاية في نوفمبر.
والأنباء عن قرار بايدن التي أوردها خلال نهار الثلاثاء عدد من وسائل الإعلام الأميركية كانت كافية لخفض الأسعار، إذ تراجع سعر برميل نفط غرب تكساس الوسيط - تسليم نوفمبر - بنسبة 3,08 بالمئة ليغلق على 82,82 دولاراً للبرميل.
لكن تاثير الإعلان عن هذا الخطوة تراجع بعد ذلك في المبادلات الالكترونية لبورصة شيكاغو التجارية (شيكاغو ميركنتايل اكستشنج - سي ام اي).
فحوالي الساعة 23,45 بتوقيت غرينتش، ارتفع سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط أكثر من واحد بالمئة بينما يفترض أن يؤدي ضخ ملايين البراميل الإضافية في السوق نظريًا إلى انخفاض الأسعار.
وردّاً على سؤال بشأن إمكانية الحدّ من صادرات النفط الأميركي أو تعليق هذه الصادرات مؤقتاً، أوضح المسؤول نفسه أنّ إدارة بايدن "تبقي جميع الأدوات على الطاولة، كل ما يمكن أن يساعد في تأمين إمدادات" السوق الأميركية.
أكد المسؤول الكبير أن الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لم يتم استخدامه بطريقة غير مسؤولة.
وأوضح أنّ الرئيس بايدن يعتزم في الوقت نفسه وضع آلية من شأنها أن تعيد بناء هذا الاحتياطي على المدى الطويل، مشيرا إلى أنّ الحكومة الأميركية ستبدأ بإعادة شراء النفط عندما ينخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى ما بين 67 دولاراً و72 دولاراً للبرميل.
احتياطات في وضع جيد
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن المسؤول قوله إن هذه "إشارة مهمة للمنتجين على أن الاحتياطي الاستراتيجي سيكون جزءًا من المساعدة في اعتدال واستقرار مسار الأسعار، ليس فقط عندما ترتفع بل وعندما تنخفض أيضا".
وأكد أن الاحتياطي ما زال في وضع جيد بأكثر من 400 مليون برميل. وقال إن "هذا يبقى كمية كبيرة" ويسمح بـ"فرصة إضافية، إذا احتجنا إلى بيع مزيد من الكميات".
ووصف المسؤول استخدام احتياطي النفط الاستراتيجي بأنه جسر "رائع" للخروج من الأزمة ويلعب "دورا بناء كبيرا خلال فترة صعبة جدا".
وتنوي الإدارة الأميركية التفاوض على عقود لإعادة الشراء بسعر متفق عليه مسبقًا عبر إجراءات مزادات ما سيحد من المخاطر المرتبطة بتقلب الأسعار، حسب المسؤول نفسه.
ومنذ مطلع سبتمبر 2021، سحبت الولايات المتحدة أكثر من 212 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي الذي بلغ أدنى مستوى له منذ يونيو 1984. ولم يأمر أي رئيس أميركي من قبل بالإفراج عن هذه الكميات منذ إنشاء هذه الاحتياطات في 1975.
وقال المسؤول للصحافيين إن الرئيس يناشد أيضا شركات النفط العمل على أن "تظهر على الفور لعملائها انخفاض أسعار الطاقة"، مشيراً إلى أنّ "إبقاء الأسعار مرتفعة عندما تنخفض التكاليف هو أمر غير مقبول".
ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي ستجرى في الثامن من نوفمبر، يبذل بايدن قصارى جهده لخفض أسعار المحروقات في الولايات المتّحدة، لما قد يكون لهذا الأمر من انعكاس سلبي على شعبيته ونتائج مرشّحي حزبه الديموقراطي في الانتخابات.
وانخفضت أسعار البنزين انخفضت بنسبة 22 بالمئة منذ منتصف يونيو حين بلغت ذروتها، إلا أنها لا تزال أعلى بنسبة 16 بالمئة من المستوى الذي كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي.
أما بالنسبة للديزل، فلم يتراجع سعره منذ يونيو إلا قليلاً، وذلك بسبب ضآلة حجم المخزون من هذه السلعة التي تباع اليوم بأكثر من 50 بالمئة، بالمقارنة مع السعر الذي كانت عليه العام الماضي.