يضع المغرب وموريتانيا لبنة جديدة في مسار تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، من خلال تنظيم النسخة الثانية من المنتدى الاقتصادي الموريتاني المغربي، التي تجمع العشرات من رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم الموريتانيين.
وشارك في هذا الحدث، الذي احتضنته العاصمة الاقتصادية للمملكة الدار البيضاء، الثلاثاء، حوالي 140 من الفاعلين الاقتصاديين الموريتانيين و400 مقاولة من البلدين، يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية ذات الاهتمام المشترك.
وتضمن جدول أعمال المنتدى المنظم من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب والاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، استعراض مناخ الأعمال في البلدين، والتعريف بالمؤهلات الاستثمارية في قطاعات متنوعة مثل الطاقة والزراعة والصناعات الغذائية.
توطيد التعاون الثنائي
ويأتي هذا المنتدى بعد أشهر قليلة من توقيع كل من المغرب وموريتانيا، على 13 اتفاقية ومذكرات تفاهم في إطار الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية.
وهمت هذه الاتفاقيات مجالات اقتصادية مختلفة من بينها التجارة والاستثمار، والصناعة والسياحة، والزراعة والصيد البحري، والبيئة والتنمية المستدامة، والصحة والثقافة.
وكان رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش قد دعا إلى انخراط أكبر للفاعلين الاقتصاديين والقطاع الخاص بالبلدين في تنشيط التعاون الاقتصادي عموما وتنمية التبادل التجاري بين البلدين للوصول إلى مشاريع استثمارية مشتركة تعود بالنفع على الجانبين.
الفرص الاقتصادية
يتوقع المراقبون أن تساهم مثل هذه اللقاءات الاقتصادية بين الرباط ونواكشوط في تنشيط التعاون الاقتصادي وتنمية المبادلات التجارية بين البلدين، والتي لم يتجاوز حجمها 1.9 مليار درهم (215 مليون دولار) في الفترة ما بين 2009 و2019، وفق أرقام رسمية.
يشدد محمد محمود ولد الطلبة، الفاعل الاقتصادي ورئيس حزب الجبهة الشعبية الموريتاني، على أهمية هذا المنتدى في دعم وتعزيز التبادل التجاري بين الجارتين، وتقوية سبل التعاون في مختلف القطاعات وخلق شبكات للتجارة والاستثمار.
ويعتبر ولد الطلبة، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن انتقال أزيد من 140 فاعل اقتصادي من موريتانيا إلى المغرب من أجل المشاركة في هذا المنتدى هو تأكيد للرغبة المشتركة الصادقة للرباط ونواكشوط للدفع بالعلاقات الثنائية الاقتصادية.
ويشير المتحدث إلى أن التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين تدعمه عدة عوامل من أبرزها القرب الجغرافي، مشيرا إلى أهمية استفادة موريتانية من الخبرات والكفاءات المغربية من أجل تثمين الموارد الطبيعية والترواث التي تزخر بها، وتوطيد التعاون في عدة قطاعات من بينها القطاع الصناعي والصيد البحري والفلاحة والطاقة.
من جهته، يؤكد المحلل الاقتصادي المغربي المهدي لحلو، أن هذا المنتدى يعد خطوة جديدة لتوسيع مجالات التعاون المشترك بين البلدين، من أجل تسهيل الاستثمار.
ويؤكد لحلو، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن تقوية التعاون الاقتصادي مع موريتانيا التي تعتبر بوابة للمملكة على باقي الدول الإفريقية، يتماشى مع توجه المغرب منذ سنوات بالانفتاح على دول غرب إفريقيا وجنوب الصحراء.
ويعتبر لحلو أن تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين سيفتح الطريق أمام عدد من الشركات المغربية من أجل الاستفادة من الفرص التي يتيحها السوق الموريتاني، إلى جانب الاستفادة من الاكتشافات المتوقعة للنفط والغاز في موريتانيا على المدى المتوسط.
ويتابع الخبير الاقتصادي أنه "وعلى الجانب الآخر يمكن لموريتانيا الاستفادة من مشروع أنوب الغاز المغرب-نيجيريا، إضافة إلى الدعم الذي يمكن أن يقدمه المغرب لجاره الجنوبي في مجالات الفلاحة والصيد البحري والسياحة وغيرها من القطاعات الواعدة".
مواجهة التحديات وتحقيق التنمية
ويشدد عدد من المتتبعين على أن السياق الدولي الحالي المتسم بداعيات الأزمات العالمية، يفرض على البلدين الجارين تقوية الروابط الاقتصادية والتصدي لمختلف التحديات وتحويلها إلى فرص للتنمية.
يؤكد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن المنتدى الاقتصادي الموريتاني المغربي الذي يهدف إلى التعاون في مجال الاستثمار، دليل على أن مسار التعاون المغربي الموريتاني يسير في الطريق الصحيح.
ويضيف في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "العلاقات المغربية الموريتانية تعرف تطورا إيجابيا على مختلف الأصعدة، وهو الأمر الذي يترجم على أرض الواقع من خلال مجموعة من المبادرات من بينها وكالة التعاون بين الطرفين والجلسات المشتركة للهيئة العليا المغربية الموريتانية".
ويشدد الحسيني، على انفتاح المغرب على دول غرب إفريقيا وجنوب الصحراء وعمله على تعزيز تعاونه مع هذه الدول بما فيها موريتانيا، من أجل تحقيق الازدهار والتنمية في المنطقة، مشيرا إلى الأهمية الكبرى التي يلعبها معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا في رواج التبادل التجاري.