تواجه القارة الأوروبية أزمة نقص الغاز الناتجة عن وقف روسيا إمدادات الغاز بشكل كامل إلى أوروبا عبر خط "نورد ستريم 1"، بخمسة إجراءات لتفادي انقطاع التيار الكهربائي وإغلاق المصانع والتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار مع اقتراب فصل الشتاء.
وأعلنت شركة غازبروم الروسية في بداية شهر سبتمبر الجاري عن وقف عمليات تسليم الغاز كليا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1"، مرجعة ذلك إلى اكتشاف تسرب للزيت في أحد التوربينات.
تزود روسيا أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، وقلصت التدفقات بـ40 في المئة في يونيو الماضي وبـ20 في المئة في يوليو الماضي، في حين بلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب.
المخزونات لن تنجي أوروبا من فصل الشتاء
ولا تزال أوروبا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 9 في المئة من احتياجاتها بعد توقف عمليات ضخ الغاز عبر أنبوب "نورد ستريم 1"، بحسب مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي، الذي أوضح أن تزويد أوروبا بالغاز الروسي يتم حاليا عبر خطوط أوكرانية، إضافة إلى خط ترك ستريم الوارد من تركيا.
وأضاف الشوبكي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن "الدول الأوروبية تسعى إلى زيادة مخزوناتها من الغاز من 80 في المئة إلى 90 في المئة مع نهاية شهر سبتمبر الجاري، لكن هذا لن ينجيها من فصل الشتاء في حال كان شديد البرودة وطويلاً، لأن المخزونات بالكاد تكفي لمدة ثلاثة أشهر في حال كان فصل الشتاء طبيعياً.
إعادة إحياء المحطات العاملة على الفحم والطاقة النووية
وتحدث الشوبكي عن خمسة إجراءات قصيرة ومتوسطة المدى تتخذها أوروبا لمعالجة أزمة نقص الغاز، يتقدمها تمديد فترة عمل محطات الطاقة التي تعتمد على الفحم وإعادة إحياء بعض المحطات التي أغلقت في السابق والتي تعمل على الفحم أيضاً، إضافة إلى تمديد العمل في محطات الطاقة النووية في كل من ألمانيا وفرنسا، مضيفاً أن فرنسا "لديها 56 مفاعلاً 32 منها خارج الخدمة بسبب الصيانة أو القدم، وتعمل حاليا على إحياء نصف هذه المفاعلات استعدادا لفصل الشتاء المقبل".
فتح منافذ لاستيراد الغاز المسال
كما تحاول أوروبا إيجاد أي منفذ لاستيراد الغاز المسال سواء من الولايات المتحدة الأميركية أو قطر أو الجزائر أو مصر وزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب من الجزائر وكذلك من النرويج التي أصبحت أكبر مورد غاز للقارة الأوروبية، إلى جانب سعي أوروبا لإحياء المصادر الداخلية للغاز الطبيعي في بحر الشمال وعلى وجه الخصوص في بريطانيا، بحسب مستشار الطاقة الدولي.
تدابير مالية لتخفيف حدة الأسعار
ومن الإجراءات الأوروبية لمواجهة أزمة الغاز، بحسب الشوبكي، وضع تدابير مالية لتخفيف حدة الأسعار منها، فصل سعر الغاز عن سعر الكهرباء، وفصل سعر الكهرباء التي يتم توليدها من الطاقة المتجددة والطاقة النووية عن سعر الكهرباء التي يتم توليدها بالغاز، ووضع بعض الضرائب على شركات الطاقة المتجددة والنووية التي تجني أرباحاً مرتفعة من بيع الكهرباء بسعر مرتفع".
تخفيف القيود على استخراج الغاز الصخري
وأضاف مستشار الطاقة الدولي، عامر الشوبكي: "وكحل متوسط المدى لأزمة الغاز، بدأ الحديث في أوروبا عن تخفيف القيود على استخراج الغاز غير التقليدي (الغاز الصخري)، وخصوصاً أن القارة الأوروبية لديها احتياطيات كبيرة من هذه الثروة تقدر بـ 13.5 تريليون قدم مكعب يكفيها للاستخدام لغاية 20 عاماً، وبالفعل فقد بدأت بريطانيا برفع القيود عن هذا النوع من الغاز".
وردا على سؤال حول تكلفة استخراج الغاز الصخري ومدة عملية استثماره قال الشوبكي: "لا تزال قوانين الاتحاد الأوروبي تمنع حتى الآن استخدام الحفريات الأفقية والتكسير الهيدروليكي وهي التكنولوجيا التي تستخدم في استخراج الغاز الصخري، وبالتالي فإن الأمر يحتاج إلى تغيير القوانين، فضلاً عن أن عمليات الاستثمار تحتاج إلى وقت طويل، لذلك لا يمكن أن يكون هذا الحل آنياً بل متوسط المدى".
خلافات عميقة حول مقترح السقوف السعرية
وحول مدى تنفيذ ما يخطط له الاتحاد الأوربي لوضع سقف لسعر الغاز الروسي لمواجهة مشكلة ارتفاع سعر الطاقة وخصوصاً في الشتاء قال مستشار الطاقة الدولي:" لا يوجد إجماع في الاتحاد الأوروبي على مقترح السقوف السعرية للغاز الروسي، بل إن هذا المقترح يواجه خلافات عميقة في القارة العجوز، فالمجر وسلوفاكيا والنمسا على سبيل المثال تعارض بشدة هذا التوجه، فهي تستفيد حتى الآن من شحنات الغاز من روسيا وتخشى من انقطاعه إذ لا توجد لديها منافذ بحرية لاستيراد الغاز المسال، وفي المقابل هناك دول أخرى تعارض هذا الاتجاه لكنها مع وضع سقوف سعرية على كامل الغاز المستورد إلى القارة، بينما تعارض دول أخرى وضع سقوف سعرية على كامل الغاز المستورد لأنه سيضع أوروبا في تنافسية أقل لاستقطاب الغاز المسال في العالم مع القارة الآسيوية، وهو ما يتعارض مع التوجه الأوروبي في الاستفادة من أي منفذ لاستيراده، لذلك أعتقد أن هذا الأمر بعيد عن التنفيذ".