تخطو شركة "إيني" الإيطالية خطوات واسعة لزيادة استثماراتها في ليبيا لضمان تدفق كميات أكبر من الغاز الطبيعي إلى روما؛ تماشيا مع خطة الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية والحد من لهيب أسعار الطاقة في الأسواق العالمية.
وخلال استقباله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، فرحان بن قدارة، في روما الأربعاء، صرح الرئيس التنفيذي لشركة "إيني"، كلاوديو ديسكالزي، بأنه إضافة لزيادة حجم الاستثمارات، ستزيد الشركة نشاطها الاستكشافي لتلبية الطلب على الغاز في السوق المحلية والأوروبية.
وفي مجال النفط، أبدى ديسكالزي، استعداد "إيني" لدعم الخطة التي تتبناها المؤسسة الليبية لزيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميا.
بديل الروسي
وسبق أن صرح وزير التحول البيئي الإيطالي، روبرتو سينغولاني، بأن بلاده تجري محادثات لإبرام اتفاقيات بمقتضاها تحصل روما على 10 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز عبر خطوط الأنابيب مع الجزائر وليبيا وأذربيجان خلال 2022، وسيتخطى هذا الرقم 20 مليار متر مكعب بحلول 2024 لتخفيض استهلاك الغاز الروسي.
ويصدر جزء من الغاز المعالج من جانب شركة "مليتة" للنفط والغاز الليبية إلى إيطاليا، عبر حقل البوري النفطي والغازي، الذي يبلغ احتياطيه 3.5 تريليون قدم مكعبة، وإنتاجه السنوي 6 مليارات قدم مكعبة.
وكذلك من حقل الجرف القاري الذي تشرف عليه بالمحاصصة "إيني" ومؤسسة النفط، ويصدر مليار قدم مكعبة لإيطاليا، عبر خط "جرين ستريم"، الناقل للغاز بين ليبيا وأوروبا.
وبدأت دول الاتحاد الأوروبي، أغسطس الجاري، تطبيق خطة خفض استهلاك الغاز بنسبة 15 بالمئة، تمهيدا للاستغناء الكامل عن مصادر الطاقة الروسية (فحم وغاز ونفط) بالتدريج، وفي سبيل ذلك تبحث عن بدائل عدة في مختلف قارات العالم.
فرص واعدة
وفي هذه الظروف، أمام قطاع الطاقة في ليبيا فرص واعدة؛ إذ تمتلك احتياطيات كبيرة من الغاز، لكنها لم تستفد منها بالشكل الكافي لقلة الاستثمارات والتركيز على النفط الذي تملك منه أكبر احتياطي في إفريقيا، فضلا عن الأوضاع الأمنية والمنافسة الشرسة على الأسواق الأوروبية، وفق الكاتب الليبي المتخصص في مجال الطاقة، علي الفارسي.
ورغم هذه الصعوبات فإن المشهد لم يخلُ من نجاحات، بتعبير الفارسي، الذي يكمل موضحا أن موانئ مليتة نجحت في رفع إنتاج إحدى آبار حقل الوفاء إلى 100 مليون قدم مكعب يوميا، وشركة الواحة للنفط نجحت عام 2019 في تدشين المرحلة الثانية من حقل الفارغ الذي يُسهم بـ250 مليون قدم مكعب.
والمساعي مستمرة في ليبيا للاعتماد على الغاز في تزويد محطات الكهرباء بالطاقة، كبديل أفضل بيئيا وأرخص من المحروقات، كما يقول الخبير الليبي.
12 مليار دولار استثمار
وبخصوص الخطة الطموحة لزيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميا، يوضح الخبير النفطي محمد أحمد، أن الدولة تحتاج إلى استثمارات بـ 12 مليار دولار، تنفق خلال فترة من 3 إلى 4 سنوات لاستكشاف وتطوير الحقول.
وإضافة لهذا المبلغ، تلتزم ليبيا بضخ من 5 إلى 6 مليارات دولار للمحافظة على الإنتاج الحالي الذي يزيد بقليل على 1.2 مليون برميل يوميا، وهذه أموال تكلفة فقط لتأمين استمرار عمل المعدات في المكامن النفطية، وفق أحمد.
وطالت حقول النفط أيدي التخريب التي تضرب البلاد منذ 2011؛ حيث تلجأ جماعات مسلحة لإغلاق الحقول ومنع تصدير النفط من فترة لأخرى، بهدف الضغط على الحكومة لتحقيق مطالب خاصة بها؛ وهو ما يهدد مسار وانتظام الإنتاج، ويدفع دول وجهات أجنبية للتدخل لضمان انسياب التصدير.