تواصل الحكومة المصرية تقديم حوافز غير مسبوقة لزيادة نسبة مشاركة الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد المحلي، وتجاوز تداعيات الأزمات العالمية، وعلى رأسها حوافز "الرخصة الذهبية" و"وثيقة سياسة ملكية الدولة" و"الطروحات".
ورغم أن تقرير "الأونكتاد" الذي صدر الخميس، بعنوان "الاستثمار العالمي لعام 2022"، أكد أن الاستثمار الأجنبي شهد تعافيا العام الماضي، بأن بلغت الاستثمارات 1.6 تريليون دولار، مقابل 1.5 تريليون دولار في 2019، فإنه من غير المرجح أن يستمر هذا في 2022، خاصة أن المستفيد الأكبر هو الدول الصناعية التي ارتفع الاستثمار فيها بـ134 بالمئة عن 2020، بينما النسبة 30 بالمئة فقط في الدول النامية.
وفي الربع الأول من 2022، تراجعت الإعلانات عن مشاريع استثمار في الاقتصادات الناشئة بنسبة 21 بالمئة.
وفي مصر، كشف البنك المركزي أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر سجل خلال 2021 نحو 5.1 مليار دولار، مقابل 5.9 مليارات في 2020 بتراجع 12.5 بالمئة.
وتعليقا على هذه الأرقام، قال نائب وزير المالية المصري للسياسات المالية والتطوير المؤسسي أحمد كجوك لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "التغيرات الاقتصادية العالمية، بما تتضمنه من اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، جعلت المؤسسات الدولية تنظر لمصر باعتبارها من الدول الأكثر جذبا للاستثمار، خاصة في ظل ما تبذله الحكومة من جهود لتهيئة بيئة محفزة، وما تملكه من بنية أساسية قوية".
ولفت المسؤول إلى أن الحكومة "تجهز إجراءات جديدة لتصل مساهمة الاستثمار الأجنبي إلى 50 بالمئة من الناتج المحلي خلال 3 سنوات"، مشيرا إلى أن وثيقة "سياسة ملكية الدولة" جاءت لإحداث التوازن بين مشاركة القطاعين العام والخاص، وستشهد الفترة المقبلة طرح شركات مملوكة للدولة في البورصة، وبدء منح "الرخصة الذهبية" للمشروعات الجديدة.
وأكد كجوك قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات الداخلية والخارجية، لافتا إلى أن مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال التسعة أشهر الماضية جاءت مطمئنة، حيث انخفضت نسبة العجز الكلي إلى 4.9 بالمئة، مع الحفاظ على تحقيق فائض أولي، وزيادة الاستثمارات الحكومية بما في ذلك تخصيص 80 مليار جنيه للمبادرة الرئاسية لتنمية الريف المصري "حياة كريمة".
التمويل البديل
وكان وزير المالية المصري محمد معيط قد صرح أن توالي أزمات الاقتصاد العالمي ضاعف أهمية "التمويل البديل"، الأمر الذي جعل الحكومة تتوجه لإصدار أول طرح من الصكوك السيادية لاستقطاب شريحة جديدة من المستثمرين الذين يفضلون المعاملات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ووصف نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق زياد بهاء الدين، وثيقة سياسة ملكية الدولة بالخطة الجريئة من الحكومة، التي كانت محل طلب من جهات مختلفة، وهي تتضمن خروج الدولة من بعض القطاعات خلال 3 سنوات بالخصخصة أو مشاركة القطاع الخاص.
وحسب الوثيقة، تعتزم الحكومة التخارج بالكامل من 79 نشاطا، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في 45 نشاطا.
دعم الصناعة المحلية
وعن الخطوات التي على مصر اتخاذها لتجاوز الأزمة العالمية، أكد الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة أن الجهود يجب أن تركز أولا على تحفيز المصانع المحلية، ومنحها دفعة للتغلب على العقبات.
وأوضح بدرة في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الشق الثاني يجب أن يركز على الترويج للمشروعات القومية بين المستثمرين الأجانب، إلى جانب السعي لاستقطاب المزيد من العملات الأجنبية بطرح شركات في البورصة أو من خلال المستثمر الاستراتيجي".
يذكر أنه رغم جائحة كورونا، فقد ظلت مصر في مقدمة الدول المتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا عامي 2020 و2021، بنسبة 35 بالمئة وفقا لوزارة التخطيط المصرية.