بعد موافقة مجلس الوزراء، يبدو أن منجم الحديد "غار جبيلات" جنوب غربي الجزائر، وهو أحد أكبر المناجم في العالم، يعرف طريقه نحو الاستغلال، عبر مشروع ضخم في إطار توجه الحكومة نحو تنويع اقتصادها واستغلال كل مواردها المنجمية.
وقد منح مجلس الوزراء الجزائري برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، الضوء الأخضر لما يوصف في الجزائر بـ"عملاق الحديد" للانطلاق في المرحلة الأولى من استغلاله، لما يمثله هذا المنجم من "مصدر مهم لدخل البلاد، وكذلك أهميته الحيوية في تحريك وتيرة التنمية محليا ووطنيا"، حسبما جاء في بيان المجلس.
وتعول الجزائر على هذا المشروع الجديد باعتباره مرتبطا بأحد أكبر احتياطات الحديد في العالم، حيث يتوفر على ثالث احتياط عالمي بمخزون هائل يتجاوز 3 مليار طن من المعدن الرمادي، من بينها 1.7 مليار طن قابلة للاستغلال في المرحلة الأولى، مما سيضمن إيرادات بعشرة مليارات دولار سنويا وفق بعض التقديرات.
رهانات متعددة
ووفق خبراء اقتصاديين، فإن استغلال هذا المنجم الحيوي سيقلل من استيراد مادة الحديد، في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام في العالم، علاوة على أنه مشروع يعضد الجهود الاقتصادية ويخلق فرص عمل، لا سيما في تلك المنطقة الشاسعة من جنوب غربي الجزائر.
ويرى الخبير الاقتصادي هارون عمر أن منجم غار جبيلات من أهم الاستثمارات خارج قطاع المحروقات في الجزائر نظرا لأهميته الاستراتيجية، حيث ستضخ فيه استثمارات أولية تصل لنحو ملياري دولار، وهو يعتبر بداية توجه الجزائر نحو تنويع مواردها.
وقال عمر لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الشروع في استغلال هذه الثروة الحديدية يأتي في سياق توسع الجزائر في تصنيع وتصدير الحديد وذلك من خلال مصنعي الحجار وبلارة".
وأضاف الخبير الاقتصادي: "يكفي أن نقول إن احتياطات المنجم المعلن عنها تعادل 3.5 مليار طن منها 1.7 مليار طن قابلة للاستغلال في المرحلة الأولى التي ستكون في حدود 2026، وهو ما سيجعل الجزائر واحدة من أحد أهم موردي المادة الأولية فيما يتعلق بالحديد، من خلال سكة الحديد التي ستربط المنجم بميناء جن جن في ولاية جيجل، وهو ما سيحقق وصول الخام للميناء للتصدير".
شراكة صينية
ويأتي تنفيذ المشروع العملاق لاستغلال منجم غار جبيلات، في إطار شراكة استراتيجية مع الصين ممثلة في ائتلاف شركات صينية تعمل في ميدان التنقيب، حيث تم إنشاء مجمع مشترك مع الشريك الصيني وإنجاز وحدات إنتاج نموذجية.
ولتنفيذ هذا المشروع، يرتقب إنجاز عدة هياكل ومنشآت قاعدية لإنتاج الحديد والصلب، وهياكل تخزين المعدن الخام المجمع من مواقع الاستغلال، بهدف شحنها وتصديرها باستعمال شاحنات كهربائية وقطارات خاصة.
كما تعمل الجزائر على إنشاء خطوط سكك حديدية تربط ولايتي تندوف وبشار، لنقل خامات الحديد ومنتجاتها، علاوة على تكوين فريق عمل من وزارتي الطاقة والنقل، وكذا من الشركة الصينية، لوضع خريطة عمل المشروع.
تجدر الإشارة إلى أن وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، اتفق مع المدير العام للشركة الصينية لإنشاءات الهندسة المدنية، في لقاء بينهما الأحد، على جملة من القرارات الهادفة إلى تسريع مشروع استغلال منجم غار جبيلات.
وقدم الوزير خلال اللقاء لمحة عن المشروع الهيكلي لاستغلال المنجم، الذي يندرج ضمن التزامات الرئيس الجزائري بخصوص حشد واستغلال القدرات المنجمية للبلاد.
وفي أبريل الماضي، أكد عرقاب بخصوص منجم غار جبيلات، أنه "تمت دراسة إمكانية بدء الاستغلال هذه السنة (2022) وتصدير خام الحديد إلى الصين".
وفي هذا السياق، قال عمر: "لعل الصين واحدة من أهم مستوردي الحديد الخام في العالم، وهذا ما سيجعل الخام الجزائري يتوجه بشكل واسع إلى المصانع الصينية، خاصة أن بيكين تستورد 53 بالمئة من خام الحديد العالمي، وهو ما سيجعل خام حديد غار الجبيلات بديلا استراتيجيا لبكين".
كما ستستفيد المصانع الأوروبية، وفق المتحدث ذاته، من خام حديد الجزائر، حيث "تقل تكلفة النقل نظرا للقرب الجغرافي بين البلد والقارة الأوروبية، خاصة أن أغلب الممونين لهذه المصانع بعيدين جغرافيا".