تشهد سوق الطروحات العامة في دول المنطقة، خاصة الخليج، نشاطًا كبيرًا منذ بداية العام الجاري ومع ارتفاع عوائد النفط، وهو ما انعكس على أسواق رأس المال.
وخلال الربع الأول من 2022، تفوقت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أوروبا للمرة الثانية فقط منذ الأزمة العالمية المالية في سوق الطروحات، المرة الأخرى الوحيدة التي حدث فيها هذا منذ عام 2009 كانت أواخر 2019، عندما سحبت أرامكو السعودية أكبر إدراج في العالم على الإطلاق.
وحسب خبراء، فإن الاضطرابات التي شهدتها الأسواق بعد الحرب الروسية في أوكرانيا قادت معدلات التضخم لمستويات قياسية وما تبعها من سياسات متشددة للبنوك المركزية، ما قد يُؤدّي لتحجيم الاكتتابات العامة الأولية في جميع أنحاء العالم، ومنها منطقة الشرق الأوسط.
وجذبت سوق أبوظبي للأوراق المالية أكبر الطروحات فيها والأكبر لشركة بتروكيماويات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو طرح شركة "بروج للبتروكيماويات" الذي جمع قيمة ضخمة بملياري دولار وتلقى طلبات بأكثر من 83 مليار دولار بما يعكس تغطية للطرح بحوالي 42 مرة.
ماذا عن الربع الثاني؟
في 12 أبريل الجاري تم إدراج وبدء تداول أسهم ديوا، في سوق دبي المالي، ويعد هذا الإدراج، الأول في السوق الإماراتية خلال عام 2022، والأول من بين 10 طروحات مزمعة لشركات حكومية وشبه حكومية.
وسجل حجم اكتتاب ديوا 6.1 مليار دولار، وهو ثاني أكبر الاكتتابات على مستوى العالم للعام الحالي، حيث قالت الشركة إن المستثمرين الدوليين شكلوا 30% من المكتتبين.
وهو ما يطرح تساؤلًا حول مستقبل الطروحات العامة في المنطقة مع ازدياد التقلبات الجيوسياسية، وهل تستمر أسواق المنطقة جاذبة للمؤسسات الدولية؟
وتعليقًا على هذه التساؤلات، أكد الدكتور مصطفى بدره، أستاذ التمويل والاستثمار، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي"، أن أسعار الطاقة المرتفعة ستظل تدعم الطروحات العامة في منطقة الخليج، مما يضمن استمرار ارتفاع طلب المستثمرين على مبيعات الأسهم في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن استمرار الحرب في أوكرانيا يُسهم في تفاقم أزمة الإمدادات الحالية للوقود الأحفوري، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، لافتًا إلى أنه خلال الربع الأول ارتفعت مؤشرات الأسهم في السعودية والإمارات بنسبة 5٪ أو أكثر، بينما تراجع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بأكثر من 6٪، وهو ما يعكس الميزة النسبية لسوق المال في منطقة الخليج.
وأضاف بدره أنّه حتى الآن وبدعم من أسواق الأسهم القوية، لم تظهر طفرة الصفقات الخليجية أي بوادر للتباطؤ، وتابع: "مع ذلك، فإن انتشار الاضطرابات الجيوسياسية يمكن أن يفسد معنويات المستثمرين بسرعة".
لكن.. ماذا عن السوق المصرية؟
كانت الحكومة المصرية تهدف في الأصل إلى بيع أسهم ما يصل إلى 10 شركات في عام 2022، لكن ظروف السوق العالمية أجبرتها على إعادة التفكير في خططها.
وحسب تصريحات لوزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد، فإن الحكومة تستهدف حاليًّا طرح 4 إلى 5 شركات خلال 2022 في قطاعات الطاقة والتأمين والقطاع المالي.
أكدت شركة "ADQ" القابضة الإماراتية استحواذها على حصص في السوق المصرية "البنك التجاري الدولي وفوري وأبو قير للأسمدة وموبكو والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع" بنحو 1.8 مليارات دولار.
وقال الدكتور مصطفى بدره إن الحكومة تقوم بجهد كبير للإسراع في عمليات طرح الشركات لكي تسهم في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي، خاصة مع تصاعد تأثيرات الأزمة الأوكرانية على مؤشرات الاقتصاد.
وأكد أن صفقة صندوق أبو ظبي السيادي والسيادي المصري ستسهم في جذب المستثمرين الدوليين للسوق المصرية، خاصة أن السوق المصرية هي سوق استراتيجية ضمن أسواق المنطقة.