قرار غير مسبوق للرئيس الأميركي جو بايدن بسحب مليون برميل نفط يوميا من الاحتياطي الاستراتيجي لبلاده لمدة 6 أشهر، اعتبره محللون "محاولة لخفض أسعار الغاز وإلقاء العبء على شركات النفط"، وسط تحذيرات من تداعيات داخلية وخارجية.
يأتي ذلك في ظل ضغوط موجودة على شركات النفط الصخري الأميركية لتعويض نقص المعروض بعد حظر النفط الروسي، حيث يجادل قطاع النفط الصخري الأميركي بأنَّه بحاجة إلى دعم حكومي طويل الأجل قبل أن يتمكّن من زيادة الإنتاج بشكل مستدام.
وفي مذكرة بحثية، قال محللو السلع في بنك "غولدمان ساكس" إن الإفراج عن الاحتياطيات الأميركية سيساعد سوق النفط على إعادة التوازن في عام 2022، لكنه لن يحل عجزها الهيكلي.
وقال تقرير غولدمان ساكس إن هذه الخطوة قادرة على إعادة التوازن لأسعار النفط، في عالم خال من الاحتياطات اللازمة لأوقات الطوارئ.
ووفق صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأميركية فإن "السحب الجديد هو الأكبر الذي تم الإعلان عنه على الإطلاق وسيستمر 6 أشهر، مما يؤدي إلى استنزاف ما يقرب من ثلث الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة وسيؤدي التراجع إلى رفع الاحتياطي إلى أدنى مستوى له منذ عام 1984".
وتستخدم الإدارة الأميركية باستمرار هذا الاحتياطي الاستراتيجي منذ الخريف، عندما ارتفعت أسعار النفط، فقد أعلنت في نوفمبر أنها تريد استخدام 50 مليون برميل ثم مرة أخرى 30 مليونا مطلع مارس.
وتعهّد البيت الأبيض الذي تتهمه المعارضة الجمهورية بالإضرار بالنشاط النفطي في الولايات المتحدة، "ببذل كل ما في وسعه" لتشجيع عمليات الاستخراج على الأراضي الأميركية، وطلب جو بايدن من الكونغرس فرض غرامات على الشركات التي لديها التصاريح والأراضي اللازمة من دون أن تستغلها.
وكان هناك نقاش داخلي بين مسؤولي الإدارة الأميركية حول مدى قسوة ملاحقة شركات النفط والغاز لعدم تكثيف الإنتاج، ووبخهم بايدن في تصريحات سابقة، لكن بعض المسؤولين يعتقدون أن الحملة العنيفة ضد الشركات قد تأتي بنتائج عكسية حيث تواجه البلاد تضخما قياسيا يقوض شعبيته.
ضغوط على سوق النفط
ويقول المحلل الاقتصادي الإيطالي جورج روتيللي إن قرار بايدن بالحصول على مليون برميل من النفط من الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية يعد أكبر سحب في تاريخ احتياطي البترول الاستراتيجي.
وأضاف روتيللي، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "ذلك سيعني تراكم 180 مليون برميل في الأشهر المقبلة. كما يساعد إعلانها على تهدئة ارتفاع أسعار النفط قليلا. ومع ذلك، هناك العديد من المحاذير. تصدر روسيا حوالي 5 ملايين برميل يوميا (وفقا لبيانات حكومة الولايات المتحدة لعام 2021)، لذلك لن يكون لخطوة احتياطي البترول الاستراتيجي مثل هذا التأثير الهادف".
وأوضح أن "هذه الاحتياطيات منخفضة جدا بالفعل (إجمالي 570 مليون برميل)، لذا فإن 180 مليون برميل تعني انخفاضا بنسبة 30 بالمئة، يجب تجديدها قريبا، مما يضع ضغطا جديدا على سوق النفط العالمية".
وأشار إلى أنه "يمكن لشركات النفط الصخري الأميركية زيادة الإنتاج وقد دفع بايدن بالأمس للتو إلى اتخاذ إجراء.. هناك 9000 تصريح غير مستخدم للتنقيب على الأراضي الفيدرالية، وقد دعا الرئيس إلى سياسة "استخدامها أو فقدها. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن التكسير الهيدروليكي ليس صديقا للبيئة، وقد اتخذت الإدارة الحالية خطوات نحو إمدادات طاقة أكثر اخضرارا".
ولفت إلى أن "المخزونات الاستراتيجية حوالي 580 مليون برميل، وهي تتراجع منذ فترة في الولايات المتحدة. يبلغ مخزون النفط التجاري 1.2 مليار برميل، أي ضعف الكمية".
وحول أماكن تخزينها، قال روتيللي، إنه "يتم الاحتفاظ بها في مصافي التكرير (324 مليون)، ومزارع الصهاريج وخطوط الأنابيب (321 مليون) ومحطات السوائب (400 مليون) وخطوط الأنابيب (135 مليون) وما يسمى بـ"ألاسكا العابرة" (6 ملايين)".
احتياطات النفط الاستراتيجية
يذكر أن احتياطات النفط الاستراتيجية هي مخزون ضخم من النفط يستخدم في حالات الطوارئ، ويتم الاحتفاظ به في حاويات ضخمة تحت الأرض بولايتي تكساس ولويزيانا.
وأنشأت أميركا هذا المخزون عام 1975، في أعقاب أزمة الوقود التي صاحبت حرب أكتوبر 1973.
وسبق لأميركا استخدام هذا المخزون في أوقات الأزمات العالمية، فقد لجأت إليه عام 1991 في أعقاب غزو العراق للكويت، وعام 2005 بعد إعصار كاترينا، وعام 2011 حين تأثرت أسعار النفط بأحداث الربيع العربي في ليبيا.
وسعت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى خفض أسعار النفط في أعقاب اجتياح روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير، وأفرجت أميركا عن 30 مليون برميل من احتياطها النفطي.