شهد سوق المعاملات المالية "الدفع الإلكتروني" في الجزائر انتعاشا كبيرا خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2022، وذلك بنسبة 500 بالمئة، بما يعكس انتشار ثقافة الرقمنة لدى المواطنين بعد عقود من سيطرة المعاملات التقليدية على التجارة الوطنية.
وأكد الوزير المكلف بالاقتصاد المعرفي والمشاريع الناشئة، ياسين المهدي وليد، خلال تقديمه لحصيلة قطاعه ضمن فعاليات المؤتمر الوطني للشركات الناشئة المنعقد في المركز الدولي للمؤتمرات، السبت، بالجزائر العاصمة، أن النتائج المتوصل إليها تعكس قابلية السوق الجزائرية لمجال التجارة الإلكترونية.
وتسعى الجزائر لتحسين خدمات الدفع الإلكتروني، من خلال مراجعة قانون العملة والائتمان الذي يتواجد حاليا على طاولة الدراسة ببنك الجزائر ووزارة المالية.
وحسب أرقام مجموعة المصالح الاقتصادية، فقد ارتفع عدد البطاقات المتداولة بين البنوك بنسبة 20٪ في نهاية عام 2021 مقارنة بعام 2020، لتصل إلى 11.6 مليون بطاقة، كما سجلت الجزائر أكثر من 100 ألف معاملة دفع إلكتروني قام بها الطالبة لتسدد رسوم الجامعة هذا العام.
وقد وضعت الحكومة برنامجا يهدف إلى تسريع عملية تحديث أنظمة الدفع، للوصل إلى أكثر من 16 مليون مستخدم بحلول عام 2024، مع تجهيز أكثر من مليون تاجر بأجهزة الدفع الإلكتروني.
كورونا والبيروقراطية
وحسب مدير ومؤسس منصة "طلبة ستور" المتخصصة في مجال التجارة الإلكتروني سامي عليوش، فإن جائحة كورونا ساهمت في زيادة إقبال المواطنين على التجارة الإلكترونية، وهو ما شجع المستثمرين في مجال هذا النوع من التجارة على تطوير خدماتهم وتقديم المزيد من العروض.
وقال عليوش لموقع سكاي نيوز عربية: “لقد دخلنا مجال التجارة الإلكترونية عام 2017 وقد كانت الانطلاقة صعبة للغاية، ولكن مع استحداث الوزارة الخاصة بالمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة لاحظنا المزيد من التسهيلات وتخفيف العراقيل البيروقراطية التي كانت تعترض طريقنا".
وقد توجهت الجزائر عام 2020 لإنشاء وزارة خاصة بالمؤسسات الناشئة، مما شجع العديد من الشباب للاستثمار في مجال التجارة الإلكترونية.
ووفقا لمجموعة المصالح الاقتصادية للخدمات المصرفية الإلكترونية، فالجزائر تتوفر حاليا على أكثر من 150 موقعًا تجاريًا يمكن المواطنين الجزائريين على اقتناء مشترياتهم عن طريق بطاقة الدفع الإلكتروني.
والملاحظ هو تركيز مجال الدفع الإلكتروني في الجزائر على الأنشطة الاقتصادية ذات الطابع الخاص بمجال الإدارة والتأمين، وخدمات الهاتف المحمول والنقل والسياحة، وكذلك بيع البضائع، والتدريب والتأشيرة ونقل الطرود وبيع التذاكر الإلكترونية للأحداث الرياضية.
وينظر الخبراء إلى تلك الأرقام المسجلة من طرف الحكومة، من زاوية أخرى، وذلك من خلال التفريق بين عمليات الدفع الإلكتروني وبين سوق التجارة الإلكترونية بمفهومها الحديث.
وهو ما يجعل حسب الخبراء، من نسبة الزيادة المسجلة على مستوى عمليات الدفع الإلكتروني في الجزائر بحاجة إلى مراجعة علمية دقيقة.
وقال الخبير في تكنولوجيا المعلومات يزيد أقدال أن عمليات الدفع الإلكتروني لم تخرج من حيز دفع الفواتير وشحن أرصدة الهاتف المحمول، ولم تشمل بعد كل القطاعات، وهو ما يجعلها بعيدة على أن تكون تجارة إلكترونية بالمفهوم العصري.
وفي حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، قال أقدال: "لقد سنت الجزائر قانون لفرض توزيع أجهزة الدفع الإلكتروني في المحالات والمطاعم والمقاهي وغيرها من أماكن التسوق غير أنها تراجعت في الأخير على القرار نظرا لعدم جاهزية السوق ".
وأكد أن التجارة في حد ذاتها تعاني من السوق السوداء والمعاملات المالية النقدية بسبب تخوف التجار من الضرائب.
وأشار أقدال إلى أنه يجب على الدولة أن تقدم المزيد من الضمانات للتجار من خلال الإسراع في مراجعة قانون التجارة الإلكترونية وجعله يتماشى مع ضروريات السوق الجزائرية بما يحمي المستهلك ويخدم التاجر.