تجري بعثة صندوق النقد الدولي زيارة افتراضية إلى تونس، في الفترة من 14 إلى 22 فبراير الجاري، وسط توقعات متفائلة بانفراجة قريبة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ سنوات.
وبحسب المعلن، سيعقد فريق الصندوق اجتماعات مكثفة مع وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي، إلى جانب الوزراء المعنيين بمهمة الإصلاح الاقتصادي، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج الدعم المالي بين الطرفين.
ويعول مراقبون تونسيون على أهمية المباحثات التي تجرى بين الحكومة وصندوق النقد الدولي باعتبارها ضرورة لإعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية، وإجراء إصلاحات هيكلية شاملة من شأنها تعزيز ودعم الحلول المقترحة أمام الحكومة لتحفيز معدلات الانتاج وسد عجز الموازنة.
محاور المباحثات
يقول الخبير الاقتصادي التونسي حسن بالي إن الإصلاحات الهيكلية التي شجعها صندوق النقد الدولي بقوة، ستركز بشكل أساسي على 3 عناصر رئيسية، الأول إصلاح رئيسي لصندوق التعويضات لتجنب التكاليف الإضافية التي يولدها، والتحكم بشكل أفضل في فاتورة أجور الأشخاص العاملين في الدولة التونسية، وكذلك من المبلغ المخصص للمؤسسات العامة.
ويوضح بالي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "فيما يتعلق بالشركات الخاصة في تونس، ينص قانون المالية لعام 2022 بشكل خاص على تخفيض معدل الفائدة على القروض المخصصة لشركات التمويل، وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لا سيما بالنسبة للمشاريع المتعلقة بالاقتصاد الأخضر والمستدام، وبذل جهد خاص بشأن الاقتصاد الرقمي، ومكافحة الاحتيال الضريبي ودمج الاقتصاد الأسود في القنوات الرسمية".
ويشير المصدر إلى أن كل هذه الإجراءات تستهدف تحسين مناخ الأعمال وبالتالي تشجيع المشاريع الاستثمارية الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد التونسي، موضحا أن "حجم الاقتصاد الموازي يتجاوز 60 بالمئة من الاستثمارات والأموال المتداولة داخل الدولة، وهو أمر يتطلب التعامل معه بحكمة، وإذا ما نجحت جهود الحكومة في احتوائها ستمثل محورا مهما في خريطة الإصلاح الاقتصادي".
وفي السياق نفسه، يؤكد الخبير التونسي أهمية الجهود المبذولة من جانب الحكومة والسلطات المحلية لمواجهة أباطرة الفساد والمحتكرين ودعم الصناعات المحلية، ووضع ضوابط على الاقتصاد الموازي لمنع الاحتكار ومواجهة الفاسدين، مشيرا إلى أن الاقتصاد التونسي قد عانى كثيرا من جراء الممارسات الاحتكارية والفساد خاصة في الفترة التي حكم فيها الإخوان البلاد.
عجز تاريخي
ومنذ تشكيلها رسميا في أكتوبر الماضي، وضعت الحكومة التونسية برئاسة نجلاء بودن خطة عاجلة للنهوض بالاقتصاد الذي يمر، وفق مراقبين، بـ"مرحلة حرجة".
ومطلع العام الجاري أعلنت الحكومة ميزانية 2022 التي قدرت بنحو 57.2 مليار دينار (20 مليار دولار)، بزيادة 2.3 بالمئة عن ميزانية عام 2021.
وبلغ العجز في الميزانية التونسية 9.3 مليار دينار (3.2 مليار دولار) أي 6.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقعت الميزانية أن يبلغ إجمالي متطلبات الاقتراض 18.7 مليار دينار في العام المقبل، بما يرفع الدين العام 82.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت الحكومة إن جائحة كورونا كان لها أثر شديد على الاقتصاد التونسي، وإنها تتوقع أن يبلغ النمو العام المقبل 2.6 بالمئة، وأوضحت أن نفقات الدعم التي ستساهم بها الدولة تبلغ 1235 مليون دينار، كما أن الدولة خصصت للفئات الفقيرة دعما.
ضريبة حكم الإخوان
وتشير تقارير اقتصادية صادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد في تونس شهد تراجعا ملحوظا منذ بداية عام 2011، بالتزامن مع وصول حركة النهضة الإخوانية للحكم.
وأدى التراجع الحاد في معدلات النمو الاقتصادي، وفق التقارير، إلى زيادة نسب البطالة من متوسط 12 بالمئة قبل عام 2010 إلى 18.33 بالمئة في 2011، ثم سجلت 17.3 بالمئة في 2012، و16 بالمئة في 2013، وصولا إلى 16.7 بالمئة بنهاية عام 2020.