بعدما كان وضعها مقبولا أو جيدا، باتت معظم العائلات اللبنانية تحت خط الفقر ولا تستطيع تأمين أبسط حاجاتها الغذائية، بسبب مسلسل انهيار الليرة المتواصل.
ويأتي تدهور الأوضاع على وقع غليان الشارع اللبناني مع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى ما يفوق 30000 ليرة لبنانية، وهو رقم قياسي في تاريخ لبنان.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور في البلاد 675000 ليرة لبنانية، وكان يساوي نحو 450 دولارا أميركيا، إلا أنه بات لا يتجاوز 20 دولارا أميركيا.
وقالت سهى (أم لخمسة أطفال) لموقع "سكاي نيوز عربية": "لم نذق طعم اللحوم والدجاج منذ أشهر ونذوق فقط طعم الذل والموت".
وقال الشاب نضال، الذي يعمل عملاً حرا: "لا أتمكن من الحصول على مبلغ مليون ليرة شهرياً لأعيل نفسي فقط".
كما يؤكد الرجل الثمانيني، أبو سامر، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "راتبي التقاعدي الشهري يبلغ 950 ألف ليرة واشتراك كهرباء المولد الخاص يكلفني مبلغ مليون ونصف مليون ليرة أي ما يعادل 50 دولارا، وتسألينني كيف أعيش؟ نحن صرنا أقرب للموت ولا أحد يسأل علينا من المسؤولين".
ويقول رب أسرة في مدينة طرابلس، شمالي لبنان: "الوضع المعيشي سيء وراتبي التقاعدي 700 ألف ليرة كيف سيكفيني؟ لنا الله ينصفنا منهم".
من جهتها، تقول منى الياسر: "طفح الكيل بنا، نطلب الخلاص منهم كلهم فاسدون والشعب معظمه صامت، صرنا ننتظر ربطة خبز لنطعم أولادنا، ثلاجتنا فارغة من كل شيء تقريبا".
اختلال السوق
ويقول المحلل في الشؤون الاقتصادية الصحفي رائد الخطيب، لموقع "سكاي نيوز عربية": "تدل قفزات الدولار المتسارعة والانخفاضات الحادة على اختلال كبير في السوق وهذا يؤسس لمرحلة من عدم الاستقرار المجتمعي، فالفقير يزداد فقراً والموظف في القطاعين العام والخاص يعاني من تقلب سعر الدولار وانهيار قيمة الرواتب عشرات الأضعاف".
ويضيف الخطيب: "صار الحد الأدنى للأجور لا يتعدى 20 دولارا، والمواطنون يعانون من نقص حاد في التغذية بالتيار الكهربائي بعد استغنائهم عن اشتراك الكهرباء الذي بات يكلف 80 دولاراً شهرياً وهو يوازي راتب موظف كبير".
وأردف: "معظم أصحاب الرواتب المحدودة يكتفون بشراء المواد الغذائية الضرورية فقط من أجل البقاء على قيد الحياة بانتظار الفرج" .
وتابع: "عدد كبير من الموظفين يتقاضون راتباً يقارب مليون ليرة كراتب شهري وهؤلاء انتقلوا الى مهن أخرى مساعدة مثل تجميع الخردة والمعادن وبيعها وتأمين مبالغ إضافية لا تتعدى 100 ألف ليرة يوميا، وهذا بلا شك لا يؤسس لعملية استقرار مجتمعي".
ولفت الخطيب إلى أن "انهيار العملة بلغ نسبة 90 بالمئة في عام 2021، ومع بداية عام 2022 انهارت العملة كذلك بنسبة 15 بالمئة".
ورأى المحلل أن "البلاد أمام تفكك متدحرج لمؤسسات الإنتاج وللقطاعات الصناعية وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى نهضة حقيقية في البلاد".
وختم بالقول: "من المؤسف أن لا معطيات تشرح هذه الفوضى في سوق النقد والبلاد تخضع لمعايير مزاجية في سوق الدولار والتلاعب بسوق الصرف لا يخضع لأي معيار علمي اقتصادي".