دشن العراق والأمم المتحدة مشروعا جديدا بشأن المنافذ الحدودية، رأى فيها مراقبون ضربة قوية للبضائع الإيرانية المهربة الذي يغزو بلاد الرافدين.
وتمثل السلع الإيرانية المهربة التي تقتحم الأسواق العراقية مشكلة مزمنة بالنسبة إلى السلطات في بغداد، إذ إن هذه السلع تدخل العراق بطرق شبه رسمية بسبب ضعف الرقابة، رغم رداءة هذه السلع ووجود بديل عراقي لها.
ومما يزيد من صعوبة ضبط التهريب الحدود الطويلة بين العراق وإيران، التي تصل إلى 1300 كلم.
وكان أعلن وزير المالية العراقي، علي عبدالأمير علاوي، أعلن الخميس الماضي، توقيع وثيقة تحديث نظام الهيئة العامة للجمارك مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية"الأونكتاد".
وقال علاوي خلال مراسم التوقيع: "بلدنا بحاجة إلى تحسين معايير الإدارة العامة في جميع دوائر الدولة، وأن وزارة المالية ملتزمة بتقديم افضل الممارسات الدولية في جميع وحداتها ونحن ننفذ برنامجا مهما مع الأمم المتحدة للأرتقاء بأنظمة الأدارة المالية".
وأضاف علاوي "الوزارة عازمة على تطبيق نظام البيانات الجمركية الإلكترونية في الهيئة العامة للجمارك، والذي قدم مجانا بثمرة جهود اجتماعات ولقاءات مستمرة مع مؤتمر الامم المتحدة".
وقال إن "فريقاً من خبراء الأمم المتحدة تبنى عملية تنصيب النظام وتدريب كوادر هيئة الجمارك والمعتمد في أكثر من 80 دولة للإسهام بتبسيط الاجراءات الجمركية".
ولفت الوزير العراقي، إلى أن "ذلك سيعمل على توثيق المعلومات الجمركية وتبادلها بين الدول ومكافحة التهريب الجمركي بالإضافة الى توحيد الوثائق والبيانات بين مؤسسات الدولة".
تفاصيل المشروع
مسؤول في وزارة النقل العراقية، كشف عن تفاصيل المشروع الجديد، الهادف إلى وقف نزيف العملة العراقية، وهدر أموال البلاد في صادرات مهربة في الأصل.
وقال المسؤول الذي تحفظ على ذكر اسمه إن "المشروع الجديد يهدف إلى الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث يمكن بعد الانتهاء من المشروع الجديد، مراقبة البضائع في الشاحنات بشكل فعّال، والتثبت من البيانات الجمركية المصاحبة، وتبادل المعلومات مع جهات مساندة بشأن طبيعة تلك البضائع، وفيما إذا كانت موافقة للمواصفات المطلوبة وكذلك المدرجة في لائحة التعريف".
وقف عمليات التهريب
وأضاف المسؤول في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "أبرز الأهداف من هذا المشروع، هو وقف عمليات التهريب، التي تتم أحياناً بطريقة شبه رسمية، وعبر المسارات القانونية، وهذا يعود إلى ضعف الرقابة، وفقدان المنظومة التكنلوجية التي تمتلكها أغلب دول العالم، فضلاً عن تحقيق واردات كبيرة من المشروع، عبر الجباية، ودفع الكمارك عن البضائع والسلع، وكشف زيف بعض الواردات التي تمثل خطراً على المواطنين".
واعتبر أن "أتمتة الجمارك ستزيد الشفافية في تقييم الرسوم، وطريقة دفعها، حيث تغيب العملات الورقية المتداولة، ويتم استبدالها ببطاقات دفع الكترونية، مما ينهي أعقد الملفات الفساد في البلاد".
أبرز السلع الإيرانية
ويرتبط العراق بحدود طويلة مع إيران، تبلغ أكثر من 1300 كيلو متر، بدءاً من إقليم كردستان، وانتهاء بمحافظة البصرة جنوبي البلاد.
وأبرز السلع التي تعلن السلطات العراقية عن ضبطها بشكل متكرر، في المنافذ مع إيران، هي اللحوم المستوردة والأدوية، فضلاً عن عمليات تهريب المخدرات، وغيرها.
وتدخل البضائع والمواد والسلع الإيرانية إلى العراق، على رغم منع السلطات المحلية، دخول الكثير من تلك الواردات، إما لجهة ضعف تقانتها ومتانتها، أو لأسباب تتعلق بوفرة تلك المنتوجات من المصانع المحلية، أو المحاصيل الزراعية.
وتخترق إيران بشكل دائم الروزنامة العراقية، التي تعلنها وزارة الزراعة، بشأن منع دخول المحاصيل التي تحقق فيها محافظات البلاد، اكتفاءً ذاتيا.
وأبرز مثال على ذلك، فقد أعلنت وزارة الزراعة العراقية العام الماضي، أن دخول التمر الإيراني للعراق غير رسمي، ويندرج ضمن التهريب الحاصل على الحدود.
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، رداً على أرقام إيرانية رسمية، بشأن صادرات التمور، إن: "تلك الأرقام التي تحدثت بها ايران عن تصدير كميات من التمور خلال العام الحالي الى العراق لم تأتِ بالطرق الرسمية، وإنما جاءت عن طريق التهريب عبر المنافذ الحدودية غير الرسمية أو عن طريق الاحتيال عبر سيارات حاملة للمواد الغذائية".
وأكد المسؤول العراقي أن الوزارة "لم تمنح اي اجازة استيراد للتجار لاستيراد هذا المحصول".
وصدّر العراق خلال المواسم الماضية 170 ألف طن من التمور الى الهند عبر دبي، فيما تلقى طلبا من روسيا لاستيراد التمور والثوم.
والعام الماضي، أعلنت إيران، دخول شحنات من الدجاج إلى العراق، بقيمة 13 مليون دولار، هو ما استغربته بغداد.
وقالت الوزارة: "ننفي الانباء التي تناولتها بعض وسائل الاعلام نقلا عن تصريحات من احدى دول الجوار والتي تؤكد تصديرها كميات من الدجاج وبملايين الدولارات الى العراق".
وأضاف بأن "هناك خلط في الاوراق بشأن سماح الوزارة باستيراد الدجاج من دول الجوار خلال الأشهر الماضية (آنذاك) وبملايين الدولارات"، مؤكدأ بأن "هذه الانباء غير دقيقة وعارية عن الصحة".
وسيلة إيران.. التهريب
ويعزو مختصون في الشأن الاقتصادي العراقي، هذا التضارب إلى اعتماد إيران على التهريب، كوسيلة طبيعة لإدخال بضائعها إلى العراق، مستغلة بذلك وجود مجموعات مسلحة تشارك في إدارة الكمارك الحدودية، تسمح بدخول تلك السلع، على رغم منعها بشكل رسمي.
الخبير في الشأن الاقتصادي والأكاديمي عبدالحسن الشمري يرى أن "دخول الأمم المتحدة طرفاً في المشروع، يعطية دفعة كبيرة نحو الأمام، إذ أن تشكيل الكمارك وتحويلها إلى كتلة بيانات واحدة، يقطع الطريق أمام عمليات التلاعب بالبضائع والسلع.
وقال الشمري في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن هذا التطور قد يحد من آفة التهريب، ويغير إجازات الاستثمار، التي يتحصل المستثمرون عليها، لكن يحصل تلاعب بها، وهذا سيكون صعباً في ظل المشروع الجديد حين اكتماله".
وتوقع أن تكون عمليات الاستيراد والتصدير ستكون مرصودة بشكل جيد، خاصة تلك التي تتم بطريق شبه رسمية، لكنها لا تنتهي إلا بإجراء آخر، وهو إنشاء حرم كمركي، لتفريغ تلك البضائع، وفحصها وتحميلها مرة أخرى".
ولفت إلى "ضرورة تدخل القوات العسكرية في منع عمليات تهريب أخرى تتم عبر المنافذ غير الرسمية، وعبر الحدود"