أعلن كل من البنك المركزي المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عن تحذيرهما من مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية كـ”بيتكوين”. واعتبرا أنها عملات افتراضية لا وجود لها في الواقع وتحمل الكثير من المخاطر.
وحسب حملة توعوية مشتركة أطلقاها على التلفزيون والإنترنيت، فإن الاستثمار في العملات الرقمية، يشكل خطرا على المتعاملين بها، لكونها نقودا افتراضية غير واقعية وهي عبارة عن أرقام ورموز عبر الإنترنت تم تطويرها بطرق معقدة لا يمكن معرفة مصدرها.
وأوضحت الحملة التوعوية، أن التعامل مع هذا النوع من العملات غير مضمون. وهو تعامل مع أناس مجهولين ولا وساطة بين المتعاملين لا بنوك للتحويل ولا بنوك مركزية بالإضافة إلى انعدام الرقابة على المعاملة، الأمر الذي جعل العديد من الأسواق الإجرامية تتعامل مع هذا النوع من العملات مثل الإرهاب والمخدرات.
وتعليقا على محتوى الفيديو التوعوي، قال أمين رغيب، المدون المغربي والخبير في حماية أنظمة المعلومات، في حديث لسكاي نيوز عربية: "أتفق مع محتوى الفيديو جملة وتفصيلا، فالعملات الإلكترونية، مجهولة المصدر ولا يمكن تتبعها. ويمكن لأشخاص مشبوهين استعمالها، دون أن تتمكن السلطات من تعقبهم. كما أن قيمة هذه العملات غير مضبوطة وتتغير بشكل مطرد."
واستدرك الخبير المغربي قائلا: "فيما يخص تداول هذه العملات، أظن أن المسألة تخضع للعرض والطلب. لهذا أستغرب منع تداول هذه العملات، فعدد من الدول الأميركية والأوروبية والآسيوية تسمح بالتداول بها وكذلك البيع والشراء عن طريق العملة الرقمية."
وأبدى أمين رغيب تفهمه لمسألة التخوف من مخاطر الاستثمار في هذه العملات، غير أن هذا لا يجب أن يمنع تداولها. "فإذا كان المبدأ هو حماية المستهلك، فيجب البدء بمنع ألعاب اليانصيب على سبيل المثال وما شابهها."
ويبرر الخبراء منع تداول العملات الرقمية بهشاشة قيمتها وعدم اعتمادها على مرجع أساسي، أو معدن كالذهب يضبط قيمتها.
ولا تزال العديد من الشكوك قائمة، وسط مخاوف من أن تكون القفزة التي تشهدها أسعار العملات الإلكترونية ناتجة عن تأثير الحوافز المتضخمة، مما يجعلها فقاعة يمكن أن تنفجر في أي لحظة؛ فقيمتها قد تكسب آلاف الدولارات أو تفقدها، في رمشة عين.
ولهذا فإن نظام الصرف يمنع استخدام مثل هذه العملات الرقمية، لأن المعاملات المالية مع الخارج يجب أن تتم مع البنوك المغربية، والسلطات المغربية لا تسمح بالاستثمار الخارجي بهذه العملات الرقمية.
تعاظم دور العملات المشفرة
ساهم اهتمام كبار المستثمرين مثل مؤسس شركة "تسلا" للسيارات الكهربائية، إيلون ماسك والمسؤولين في مجال التمويل بالعملات المشفرة في تعزيز الثقة في هذه الفئة من الأصول.
وأمام تعاظم دور العملات المشفرة عبر العالم، شكل بنك المغرب لجنة خاصة لدراسة موضوع العملة الرقمية، وسارعت البنوك المركزية إلى التفكير في اعتماد تحول جديد بالنسبة للنقود التقليدية لمواكبة هذا التطور.
وتعمل اللجنة أيضاً على النظر في التطور الحاصل على مستوى استعمال العملات المشفرة على المستويين الوطني والدولي، ودراسة الآثار المترتبة عن اعتماد العملة الرقمية للبنك المركزي على السياسة النقدية والاستقرار المالي في المغرب.
في سياق متصل، قال خالد أشيبان، باحث في الاقتصاد والمالية، ونائب رئيس مركز المغرب الأقصى للدراسات والابحاث، في تصريح لسكاي نيوز عربية: "يبقى الهدف الأساسي من تشكيل بنك المغرب للجنة لدراسة الموضوع هو تحديد وتحليل الإيجابيات والمخاطر المترتبة عن استعمال العملات الرقمية بالنسبة للاقتصاد الوطني."
وتبقى أهم العوائق اليوم أمام اعتماد العملات الرقمية، حسب أشيبان، هي: "غياب إطار قانوني يحمي الزبون، وتقلب سعر صرف العملات الرقمية بشكل كبير ومفاجئ، وإمكانية استعمالها في ارتكاب جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أو الاتجار في البشر."
واستطرد المتحدث قائلا : "في الوقت ذاته يبقى البنك المركزي مضطرا اليوم لوضع حلول مؤقتة لكي لا يفقد موطئ قدم على مستوى استعمالات العملات الرقمية، وتفاديا لحدوث فجوة أو قطيعة بين البلد وبين الدول المتقدمة. لكن دون إغفال المخاطر المرتبطة بها والمحتملة."
عملة المستقبل أو "مجرد فقاعة"؟
ومن بين رجال الأعمال المعروفين بتشجيع العملات الإلكترونية، الأميركي إيلون ماسك، مؤسس "تسلا" والرئيس التنفيذي لشركة "سبايس إكس".
وأعلن رجل الأعمال الشهير، إمكانية شراء سيارات "تسلا" الكهربائية في الولايات المتحدة بواسطة عملة "البيتكوين".
ويقول ماسك، إن العملة الرقمية قد تكون أساس الاقتصاد المستقبلي على كوكب المريخ.
ويأمل الملياردير، في إرسال أول مجموعة بشرية إلى المريخ في أوائل عام 2024، بهدف نهائي هو إنشاء "مدينة مكتفية ذاتياً على سطح المريخ في أقرب وقت ممكن". وأكد أن اقتصاد المريخ سيعمل على العملات المشفرة"، مقترحاً أن تكون العملة المشفرة الجديدة Dogecoin أو Marscoin."
من جانبه، عبر مؤسس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، عن عدم ثقته في العملات المشفرة. وفي مقابلة مع وسائل إعلام أميركية، قال غيتس موجها كلامه للمستثمرين في بيتكوين: "يجب على أي مستثمر لا يمتلك أموالا بقدر التي يمتلكها ماسك، تجنب الاستثمار في بيتكوين".
وأضاف غيتس قائلا: "تقلبات أسعار بيتكوين العشوائية لا تمثل مصدر قلق بالنسبة لأشخاص مثل ماسك الذي يمتلك الكثير من الأموال، بينما ستكون المخاطر مقلقة بالنسبة للآخرين".
وكان غيتس قد أشار في تصريحات سابقة إلى أنه لم يستثمر في البيتكوين، لافتا إلى تفضيله الاستثمار في الشركات التي تصنع المنتجات، حسبما ذكرت مجلة "فوربس" الأميركية.
وفي سياق ذي صلة، حذرت وكالات الاستخبارات الأميركية، الأسبوع الماضي، من عالم غير مستقر وبلا قائد بشكل متزايد في غضون العقود المقبلة، حيث تعيد اتجاهات مثل الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية وتغير المناخ تشكيل الساحة العالمية، حسبما أفادت وكالة بلومبرج للأنباء الخميس 8 أبريل، نقلا عن تقرير لمجلس الاستخبارات الوطني.
وأوضح التقرير أن الدولار الأميركي واليورو الأوروبي سيواجهان تهديدات من العملات الرقمية مثل بيتكوين. وأشار إلى أن "العملات الرقمية التي تصدر من جهات خاصة ستؤدي إلى تعقيدات في سلوك السياسة النقدية عن طريق الحد من سيطرة الدول على أسعار الصرف والإمدادات النقدية”.
ومن جانب آخر، قدّر "بنك أوف أميركا" حجم الضرر على البيئة الذي تحدثه عملية إنتاج أو تعدين "البيتكوين"، العملة الرقمية الأكثر شهرة في العالم، والتي تشهد ارتفاعات متتالية في الآونة الأخيرة.
وقال "بنك أوف أميركا"، في تقرير له عن العملات المشفرة الأكثر شهرة في العالم، إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن استثمار كل مليار دولار جديد في عملة "البيتكوين" تعادل تقريبا الانبعاثات التي تسببها 1.2 مليون سيارة.