في منطقة مدينة نصر، شرقي القاهرة، وعلى مقربة من أحد المراكز التجارية الشهيرة، يقف علاء السيد (26 عاما) بسيارته التي زيّنها بعبارات لافتة وألوان زاهية، يبيع المشروبات الساخنة والعصائر لمرتادي تلك المنطقة الحيوية في العاصمة المصرية، بأدوات ومعدات بسيطة وغير مكلفة، وقد نجح في كسب العديد من الزبائن الذين يتعاملون معه في ساعات المساء التي يعمل بها.
علاء ليس الوحيد الذي ينشط في تلك النوعية من المشروعات متناهية الصغر، التي لاقت انتشارا واسعا في أوساط الشباب المصريين، لا سيما لجهة عدم احتياجهم لموارد وأدوات كثيرة أو مكلفة لبدء مشروعهم.
وأصبحت العربات الصغيرة، أو حتى السيارات التي يستخدمها أصحابها لبيع المشروبات الساخنة والعصائر، ظاهرة منتشرة في كثيرٍ من المحافظات المصرية، سواء بالمناطق الشعبية أو الراقية، حيث يستخدم أصحابها ديكورات مميزة للفت الأنظار إليهم.
أنواع متعددة
يشرح مصطفى محمود، وهو شاب مصري يعمل في مجال بيع عربات المشروبات والمأكولات المتحركة منذ سنوات، أنواع تلك العربات التي يتزايد الاهتمام الشبابي بها كمشروعات للتصدي للبطالة، مؤكدا أن هناك أشكالا وأنواعا مختلفة من عربات المشروبات وحتى المأكولات المتحركة والثابتة، بداية من العربات الواردة من الخارج، التي تستخدم في مناطق راقية وتابعة لشركات كبرى، وهي ذات أسعار مرتفعة جدا، وحتى العربات الشعبية المصنعة الأكثر انتشارا، رخيصة الثمن، والتي تبدأ أسعارها من 3 آلاف جنيه.
ومن بين الأنواع المتوافرة أيضا "الكارفانات"، والعربات المتحركة بمحرك، وتلك المتحركة بعجلات للجر فقط، وحتى العربات الشعبية التي يتم قفلها بالصاج مع أربع عجلات فقط لتقدم الغرض المطلوب منها، ويتم استخدامها في مشروعات المشروبات الساخنة والعصائر، ويتم بيعها في مناطق عدة، أبرزها منطقة باب الشعرية بالقرب من وسط القاهرة.
كذلك يلجأ بعض الشباب إلى استخدام التروسيكل (مركبة صغيرة بثلاث عجلات للنقل الخفيف جدا)، وأسعاره تبدأ من 10 آلاف للمستعمل.
وطبقا لمحمود، فإن "انتشار تلك العربات في الوقت الحالي بصورة كبيرة يأتي بسبب إقبال الكثير من الشباب على مشروعات المشروبات الساخنة والباردة على العربات المتحركة، ظنا منهم أنها سهلة المكسب".
وشدد محمود في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" على أن الكثيرين يلجأون إلى تلك المشروعات دون دراسة جدوى، ويعتقدون بأنهم سيحققون ربحا وفيرا من الشهر الأول، وسينجحون في كسب زبائن، وبالتالي عندما لا يحدث ذلك - في الغالب لا يتم تحقيق مثل هذا المكسب المتوقع في الشهر الأول- يلجأون إلى بيع تلك العربات وغلق مشروعاتهم، لافتا لضرورة إجراء دراسة جدوى، آخذة في الاعتبار أن كسب الزبائن قد يستغرق نصف عام.
أفكار مختلفة
وإلى جانب العربات، هناك من الشباب ممن يمتلكون سيارات خاصة، يقومون باستغلالها لبيع المشروبات الساخنة والعصائر، بوضع ماكينات إعداد القهوة والشاي والعصائر بالحقيبة الخلفية للسيارة، توفيرا لنفقات شراء عربة مخصصة، وهو مشروع منتشر في عدد من المحافظات المصرية، ينشط أصحابه في ميادين وشوارع رئيسية لا سيما منذ غروب الشمس وحتى ساعات متأخرة من الليل، كما أن البعض يستخدم دراجته الشخصية للغرض نفسه كمشروعات غير مكلفة.
ويقول أحمد وائل (22 عاما) صاحب سيارة بيع مشروبات ساخنة وحلوى بمنطقة المعادي، إنه لجأ لهذا المشروع كوسيلة لزيادة دخله في وقت سابق، خاصة أن المشروع غير مكلف على الإطلاق، لكنه تركه بعد ذلك، وقرر بيع العربة لآخرين ليستكملوا المشروع، ويتفرغ هو بعد ذلك لعمله الأساسي.
واعتبر أن هناك عديدا من العوامل التي تحدد مدى نجاح ذلك المشروع البسيط، أهمها عامل المكان، على اعتبار أن اختيار مكان الوقوف المناسب والحيوي يسهل عملية البيع، فضلا عن عوامل الاهتمام بالنظافة والأدوات المستخدمة، وكذلك الأسعار المناسبة التي تجعل الزبائن يقدمون عليه.
شارع 306
وتعتبر الخبيرة الاقتصادية المصرية الدكتورة بسنت فهمي، أن من عوامل قوة الاقتصاد المصري وجود نسبة 50 بالمئة من الشباب من بنية المجتمع المصري، ممن يعملون ويثرون الاقتصاد، مشيرة في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغيرة التي ينخرط فيها الكثير من الشباب، باعتبارها داعما قويا لتراجع نسب البطالة في مصر.
وبخصوص مشروعات الشباب المماثلة لعربات المشروبات الساخنة وغيرها من المشروعات، لفتت إلى تجربة مصر في تقنين وضع تلك المشروعات ورعاية الدولة لها بشكل مباشر من خلال مشروعات شوارع 306 التي تقرر إنشاؤها في جميع محافظات مصر، وتضم كارافانات لمشروعات الشباب ورواد الأعمال، كدعم للشباب ومشروعاتهم.
وفيما تتجه الحكومة المصرية إلى دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بهدف توفير فرص عمل للشباب ودعم الاقتصاد المصري، تنشئ الدولة مناطق تجمع لتلك المشروعات تتسم بتصميم حضاري، وتسمح للشباب الراغبين بالعمل في إطار قانوني، بما يسهم في القضاء على مشكلتي العشوائية والبطالة.