شرحت وزيرة التعاون الدولي في مصر، رانيا المشاط، كيف نجا الاقتصاد المصري من تداعيات جائحة كورونا، التي طبعت آثارا سلبية واضحة على اقتصادات العالم.
وقالت إن "مفتاح التعافي هو التعامل بمرونة مع الوضع الحالي، مع اتباع صانعي السياسات والقطاع الخاص والأطراف ذات الصلة نهجا مبتكرا قادرا على التكيف والصمود أمام الوباء".
وخلال مشاركتها في المؤتمر الافتراضي "حوارات روما المتوسطية"، قالت الوزيرة المصرية إن "جائحة كورونا كانت أكبر اختبار على الصدمات المفاجئة"، مشيرة إلى أن الاقتصاد المصري يمضي قدما نحو التعافي المرن.
وتحدثت المشاط عن السياسات الوطنية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته الحكومة قبيل جائحة كورونا، ونجاح الدولة من خلال مخرجات هذا البرنامج في امتصاص الصدمة الأولى للجائحة والتخفيف من آثارها الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن إجراءات الاستجابة والتفاعل مع الأزمة للمضي قدمًا في تنفيذ مخططات التنمية.
وقد واجهت مصر جائحة كورونا من خلال احتياطيات نقد أجنبي قوية، تم تكوينها من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي المطبق في 2016-2019، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ورغم أن الإصلاحات كانت صعبة، فإنها -بحسب الوزيرة- كانت ضرورية ونجحت في تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي.
ودخلت مصر عام 2020 بسياسات واضحة على مستوى سعر الصرف وفائض أولي في الموازنة العامة للدولة واحتياطيات نقد أجنبي قوية، ساعدتها على تخفيف الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا.
برنامج الإصلاح
وأوضحت المشاط أن البرنامج الذي طُبق مع صندوق النقد الدولي خلال هذه الفترة، دفع الاقتصاد الكلي للأمام، كما اتخذت الحكومة العديد من إجراءات الإصلاح القطاعية.
وأشارت إلى أن التعاون متعدد الأطراف أيضا كان أحد المحاور الهامة لتعزيز خطط التنمية، حيث بدأت مصر برنامج تطوير التعليم، وكذلك توسيع شبكة الحماية الاجتماعية من خلال اتفاقيات تعاون إنمائي مع البنك الدولي.
وأوضحت أنه مع بدء الجائحة واحتياج الحكومة المصرية لتسريع وتيرة التعليم عن بعد كانت الإجراءات الأساسية والبنية التحتية جاهزة، قائلة: "لذلك نجحنا في إتمام العام الدراسي رغم إجراءات التباعد الاجتماعي، كما اتخذت خطوات في سبيل توسيع شبكة الحماية الاجتماعية، انطلاقا من البرنامج السابق المطبق مع البنك الدولي".
كل هذه الأمور وغيرها، جعلت مصر على عكس كافة دول المنطقة، إذ حققت نموا إيجابيا خلال 2020 وفقا للتقريرين الصادرين عن البنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، 2 بالمئة و3.5 بالمئة.
وقالت الوزيرة طبقا للبيان الصادر اليوم عن الوزارة: "النجاحات القطاعية تتحدث عن ذلك، فقد استطعنا أن نوفر احتياجاتنا من الكهرباء بعدما كنا نعاني من نقص في الإنتاج، كما نفذنا أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في بنبان بأسوان".
الأزمة الصحية
وانتقلت وزيرة التعاون الدولي، للحديث عن إجراءات التفاعل والتعامل مع جائحة كورونا، قائلة إن الدولة كانت جاهزة بمجرد بدء الأزمة في حشد الموارد اللازمة للتعامل معها، من خلال اتفاق استعداد ائتماني مع صندوق النقد الدولي، وإطار عمل للسياسات المستقبلية يتسم بالشفافية وإصلاحات هيكلية لزيادة التنافسية ودعم مشاركة القطاع الخاص، للحفاظ على الاستقرار الكلي المحقق قبيل جائحة كورونا.
ونوهت بأن الحكومة عملت على عدة محاور للتعامل مع الأزمة، من بينها التكامل الإقليمي، حيث قامت بتدشين منتدى إقليمي للغاز بالتعاون مع الدول المجاورة.
كما أجرت أول لجنة عليا مشتركة مع العراق منذ نحو 30 عاما اجتماعات نتج عنها العديد من مذكرات التفاهم في القطاعات الحيوية.
وبخلاف ذلك استطاعت وزارة التعاون الدولي أن تتفق على تمويلات تنموية بقيمة 7.3 مليار دولار منذ بداية العام الجاري من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين رغم الجائحة، 2.7 مليار دولار منها موجهة للقطاع الخاص الذي يعد شريكا رئيسيا في التنمية.
وتحدثت وزيرة التعاون الدولي أيضا، عن الخطوات الحكومية لتحسين خدمات الرعاية الصحية، حيث أطلقت الدولة مبادرة قومية لمكافحة فيروس سي والكشف عن الأمراض المزمنة.
كما بدأت في الإطلاق التجريبي لمشروع التأمين الصحي الشامل، من محافظة بورسعيد، وهو المشروع الذي وفرت له وزارة التعاون الدولي، تمويلا تنمويا من البنك الدولي.
وتسعى الحكومة إلى تعميم التجربة بكافة المحافظات خلال الفترة المقبلة، مشددة في هذا الصدد على أهمية مشاركة الأطراف ذات الصلة، لا سيما من القطاع الخاص، حيث يقتصر دور الحكومة في مثل هذه المشروعات على وضع الرؤية وتكون مشاركة الأطراف ذات الصلة أساسية باعتبارهم شركاء في التنمية.
المشروعات القومية
وقالت وزيرة التعاون الدولي، إن المشروعات القومية الكبرى التي أطلقتها الدولة طوال السنوات الماضية على مستوى شبكات الطرق والمدن الجديدة ومشروعات الطاقة الشمسية وتحلية المياه، ساهمت في توسيع نطاق إمكانيات الاقتصاد الكلي، والحفاظ على معدلات التشغيل، رغم تأثرها أثناء جائحة كورونا.
وشددت على أن الأزمة لم تنته بعد والحكومة مستمرة في اتخاذ إجراءات الإصلاح الهيكلي وتشجيع القطاع الخاص لزيادة مشاركته في الجهود التنموية.