تشكل ارتفاع أسعار النفط الخام مؤخرا، عقبة أخرى للاقتصاد العالمي، بعد تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"تصفير" مبيعات النفط الإيرانية.
وكانت أسعار النفط بلغت أعلى مستوياتها خلال 6 أشهر، الأسبوع الماضي، خصوصا بسبب تشديد العقوبات الأميركية على طهران.
وأعلنت واشنطن فجأة انتهاء الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول المستوردة للنفط الإيراني، بما فيها الصين والهند، اعتبارا من مطلع مايو.
وبحسب "بلومبرغ"، ارتفع خام برنت حوالي 33 بالمئة هذا العام، واقترب من أعلى مستوى في 6 أشهر، وبينما يعكس عادة ارتفاع الأسعار بسبب الطلب القوي اقتصادا عالميا قويا، كانت الصدمة تتمثل في قلة الإنتاج.
وتدهورت أسعار النفط في نهاية 2018، بينما شددت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركاؤها، بما فيهم روسيا، مطلع يناير، اتفاقها على الحد من الإنتاج، لإعادة التوازن إلى الأسواق.
وحوالى الساعة 02.35 بتوقيت غرينتش، تراجع سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) المرجع الأميركي للخام تسليم يونيو 38 سنتا، ليبلغ سعره 62.92 دولارا في المبادلات الإلكترونية في آسيا.
أما برميل برنت نفط بحر الشمال، المرجع الأوروبي تسليم يونيو، فقد انخفض 35 سنتا إلى 71.80 دولارا.
وتسببت الأوضاع الجيوسياسية في بلوغ أسعار النفط مستويات عالية، وتقول "بلومبرغ" إن الكثير سيعتمد على مدى ثبات هذه المستويات العالية من الأسعار.
فالدول المصدرة سوف تتمتع بدعم عائدات الشركات والحكومة، أما الدول المستهلكة ستتحمل التكلفة عند الضخ، مما يحفز التضخم ويضر بالطلب.
وأضافت "بومبرغ": "في النهاية، هناك نقطة قد تكون فيها الأسعار المرتفعة مضرة للجميع".
وسيؤدي وصول سعر النفط إلى 100 دولار إلى تأثيرات متفاوتة، فهذا الارتفاع سيضر بدخل دول وإنفاقها، وقد يؤدي إلى تسارع التضخم.
وباعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، فإن الصين معرضة للخطر، وكذلك سيكون الوضع للعديد من الدول الأوروبية التي تعتمد على الطاقة المستوردة.
ولن تغيب الآثار الموسمية عن المشهد، فقد تؤثر أيضا على أسعار النفط، خصوصا مع اقتراب صيف نصف الكرة الشمالي، أما الاقتصاد العالمي المتباطئ بالفعل فسيضر بالطلب، وبالتالي سيتحكم في الأسعار.
وكان ترامب أكد أن السعودية وأعضاء آخرين في "أوبك" وافقت على زيادة إنتاجها من الذهب الأسود.
وفي حالة استمرار نمو الإنتاج النفطي، يقول الاقتصاديون إنه سيحتاج إلى الثبات فوق 100 دولار، لكن يعتمد ذلك أيضا على قوة الدولار أو ضعفه، نظرا لأن النفط الخام يتم تسعيره على أساس الدولار.
ووجد تحليل أجرته جامعة "أكسفورد" البريطانية، أن سعر خام برنت عند 100 دولار للبرميل بنهاية عام 2019 يعني أن مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيكون 0.6 بالمائة، أي أقل من النسبة المتوقعة حاليا بحلول نهاية عام 2020، مع ارتفاع معدل التضخم بمتوسط 0.7 نقطة مئوية.
وكتب الاقتصاديان في الجامعة جون باين وجابرييل ستيرن، يقولان: "نرى مخاطر متزايدة من ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ".
وأشارا إلى أن كل ما ستتطلبه السوق النفطية "الضيقة بالفعل" هي دفعة من الإمدادات التي يمكن أن توصل بسعر النفط إلى 100 دولار للبرميل.