وإن كان اللوم قد ألقي على نقص حامض الكبريتيك اللازم للمعالجة، إلا أن في الأمر شبهة انتقامية نظير تفجير خط نوردستريم 2 للغاز، والانتقام طبق تقديمه الأمثل باردا، كما يقول المثل الفرنسي، ولا ضير من تحقيق أرباح استغلالية أثناء ذلك.

كذلك لا يخلو وضع هجمات مليشيات الحوثي في مضيق باب المندب من تحرك نفطي يمكن تسميته جزافا بـ (إيران +)، لعل بمقدور طهران التربح من زيادة ولو عابرة في أسعار النفط، قبل أن يأتي إلى البيت الأبيض من لا يحمد عقبى انتخابه – من منظورهم – ويعاود تضييق الخناق على الانفراجات البايدن-أوبامية المزمنة.

على نفس المنوال، تزامنت التجارب الأخيرة لإطلاق الصواريخ الأميركية والصينية والكورية الشمالية مع استعراض تشغيلها جميعا بالوقود الصلب، لئلا يزعم معسكر تفوقه على الآخر، ولا عجب إن شهدنا تعطيلا لسلاسل إنتاج أو عبثا ببعض الدول المصدرة لمكونات الوقود الصلب، والتي تقول قوائم وكالة الفضاء الأوروبية إنها تتألف من المواد التالية وغيرها: برادة الألمنيوم والكربون وعامل مؤكسِد، ونترات البوتاسيوم (وهذه الأخيرة من مخصبات الأسمدة وأيضا من مكونات العبوات الناسفة)، والكبريت لتحفيز التفاعل المشعل للوقود الثانوي.

أما بالنسبة لوكالة ناسا، فمحركات صواريخها المصممة للعمل بالوقود الصلب تتطلب أغطية عازلة للحرارة مصنوعة من مادة الغرافايت، وأجودها وأكثرها يأتي من الصين، التي حرمت تصديره قبل أشهر ردا على الحظر الأميركي لتصدير الشرائح الحديثة إليها.

وبالعودة إلى إرباك ميليشيا الحوثي للملاحة التجارية في باب المندب، نجد أيضا تعطل واردات أوروبا من الألواح الشمسية الصينية، التي تشكل حوالي 60 في المائة من مكونات مشاريع الطاقة الشمسية في القارة، وهو ما يؤخر استكمال زيادة الاعتماد على هذا النوع في مزيج الطاقة هناك إذا ما سلكت بواخر الشحن مسار رأس الرجاء الصالح، أو انقطاع واردات الألواح الشمسية إذا تصاعدت الخلافات السياسية الغربية مع بكين حول تايوان وملفات أخرى، وتحول هذا الانقطاع إلى ورقة ضغط على الأحزاب السياسية الخضراء المشاكسة في سياسات دول القارة، وبالتالي تستغل بكين فترة السماح المفتعلة لاستكمال تحولها الداخلي إلى الطاقة الشمسية، ودعم حلفائها في التعجيل بذات التحول، وإحراج منظري التخضير في الغرب.