نشهد اليوم تفاقم عواقب إدمان نتنياهو ورهطه على استدامة الصراع متوسط الاستعار بين حكوماته المتعددة و"حماس"، إلى أن طعّم كوادر حكومته بعناصر متطرفة في محيط عربي يسعى لوأد متطرفيه، استساغ معها ورثة "القسام" غمار السابع من أكتوبر، وهو بذلك قد وضع مقدمات تأجيل التقدم وتحصيل الفوائد المرتقبة للمواثيق الإبراهيمية ليقطفها غيره متى ما سنحت الفرصة، أما هو فليدفع ثمن انفصام شخصيته النيرونية التي قبلت بالسلام الأعم لتضحي بالسلام الأخص، ولا عزاء لطالبان إسرائيل ممثلين في بن غفير.

بالمثل، قرر الحوثيون إطالة قائمة الدول التي يستعدونها على أنفسهم بتكرار وتنويع جنسيات السفن التي يختطفونها تارة ويقصفونها أخرى، فما أن قر لهم حكم صنعاء حتى قرروا تقليل مستوى تمثيل أنفسهم إلى ميليشيا من جديد، وليس من شأن الميليشيات أن تلقى معاملة الدول إن هي اختارت استعداء العالم بتعطيل أو تدمير ملاحته في أحد شرايينها الأساسية. إذن فقد "تصومل" الحوثيون كما جيرانهم قراصنة القرن الأفريقي، إلا أن تعلق بايدن بالملف النووي لإيران سيبطئ إلحاق القرصنة الحوثية بسابقتها الصومالية.

قوام قوة العملية المسماة "حماية الازدهار" ضم عشر دول كانت البحرين الممثل العربي الوحيد بينها لاستضافتها لمقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية والمرفق الإقليمي للبحرية البريطانية، ولسائر دول الخليج العربي أسبابها في عدم الانضمام، لكن على أقل تقدير تنتفع البحرين من خبرة العمل المشترك وتشاطرها شقيقاتها لاحقاً. الغريب في الأمر أن مصر ليست من بين الدول الممثلة في قوة العملية المشتركة، وهي التي تخسر مدخول قناة السويس إن اعتادت الملاحة على مسار رأس الرجاء الصالح، فهل المسألة التحاقها لاحقاً بعد الانتخابات الرئاسية أم استبعاد أميركي يراد به مساومة؟

على أية حال، توأمة الحوثيين لأنفسهم مع حماس مفهومة وفق عضوية محور الممانعة، لكن التعويل هو على تهور ميليشيا صنعاء الحاكمة في استهداف مزيدٍ من السفن وربما التسبب في مقتل طواقم من البحارة متعددي الجنسيات، وبالتالي يستبسل طرف ما ذو ثقل عسكري دولي في استئصال شأفة الحوثيين مثلما تقلب إسرائيل الأرض خلف السنوار ورفاقه، ومحور الممانعة يمعن في الاستناد على المعسكر الشرقي المتجدد في تشجيع وكيليه الحمساوي والحوثي إلى حد التضحية بهما، فيقرر الغرب قطع دابرهما نهائياً نكايةً بداعميهما فعلاً أو صمناً، ولضحايا فلسطين واليمن من المدنيين الأبرياء تفتح أبواب الجنة بإذن الله تعالى.