ولكل حدث منهما إرهاصاته في قمة "بريكس" المنعقدة حاليا في جنوب إفريقيا، وقمة المناخ الثامنة والعشرين التي ستنعقد لاحقا هذه السنة في الإمارات.

كان للصين، وهي عضو مؤسس في مجموعة "بريكس"، تصور لقناة تشق نيكاراغوا عوضا عن بنما، وربما تفضل تغير المناخ بإسداء خدمة لهذا التصور وإنعاش جدواه، لكن قناة بنما تمر بها حركة الشحن في وضع مكشوف للولايات المتحدة بضمان حليفتها دولة القناة، بينما الوضع سيختلف في نيكاراغوا الصديقة لكوبا وفنزويلا وإيران.

أما وقد لاحت بوادر تسبب موسم جفاف تاريخي في تبخر مياه مجرى القناة وتدني منسوب العمق الآمن المستوعب لبواخر الأطلسي العملاقة العابرة إلى المحيط الهادئ، فقد نرى التفاتة صينية "بريكسية" للفكرة القديمة.

مثير تداخل الجغرافيتين السياسية والاقتصادية هنا.

كذلك الحال لو تسببت مياه فوكوشيما المعالجة في مجرد وسواس لدى دول الجوار بعدم صلاحية الثروة السمكية للاستهلاك البشري، وبضرورة مراقبة الأثر المشع للبقعة المائية الدخيلة من المصب وبحسب التيارات، فمن شأن ذلك دفع أهمية قنوات الملاحة وخرائط الصيد ومعابر سلاسل الإمداد جنوبا من مضيق ملقه عند سنغافورة ولغاية مضيق تايوان، مع الوضع المتوتر في بحر الصين الجنوبي، وهو ما سيجعل من المساومات أثمن بين الأطراف المتفاوضة، وكأن تسونامي اليابان في 2011 والضحالة المستجدة في قناة بنما من سنن التدافع الكونية التي يسيرها المولى عز وجل للدفع نحو تحقق التعددية القطبية في عالمنا هذا.

الحدثان لهما ما بعدهما، وما سيناقش في قمة بريكس جيواستراتيجيا سينتقل بعدها بصورة أو أخرى إلى قمة المناخ في الإمارات، إما كمقاربة لخطوة متقدمة أو كدراسة حالة لتجربة مريرة. المهم أن بمقدور الظروف الجيوبيئية أن تمكن أعضاء "بريكس" المؤسسين من إحكام السيطرة على سلاسل الإمداد من أقصى الشرق والغرب، والكرة في ملعب أعضاء تشكيلة الناتو-بريتون وودز.