كانت قوة هذه القنبلة في الأساس 100 ميغاطن تم تخفيضها إلى 57 ميغاطن خوفا من نتائج التفجير، وأبدلت في المرحلة الثانية من آلية عمل هذه القنبلة نظائر اليورانيوم 235 بنظائر الرصاص لتقليل كميات الغبار الذري المنبعث عن الانفجار، ونجح ذلك الاجتهاد بنسبة 97% حتى أن قنبلة القيصر صارت توصف رغم قوتها التدميرية الهائلة بأنها واحدة من أنظف القنابل النووية.

ترسانة الأسلحة النووية بين القوتين العظميين في العالم الآن في هذا المجال وهما الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية تحوي قرابة 7000 قنبلة نووية متنوعة القوة يمتلكها كل طرف منهما، لقياس مدى التطور في قوة التدمير فإن قنبلة "الرجل البدين" التي ألقيت على ناغازكي كانت بقوة 21 كيلوطن، والكيلوطن يساوى ألف طن من مادة TNT، ولتصور ما أصبحت عليه قوة القنابل النووية نجد أنها وصلت في قياسها بمعيار جديد هو "الميغاطن"، والميغاطن يساوى مليون طن من مادة TNTوهذا يعنى أن قنبلة موجودة في أعلى سلم قائمة التدمير تصبح قادرة إلى إحداث تأثير يعادل آلاف المرات تأثير أي من قنبلتي هيروشيما وناغازاكي.

رغم إن الألمان كانوا قد بدأوا تجاربهم النووية في ثلاثينيات القرن الفائت إلا أنهم لم لحسن الحظ لم يتبنوا فكرة صناعة سلاح يعتمد على الطاقة النووية، ثم كان للولايات المتحدة التي حققت نهضة علمية كبيرة السبق في استثمار علوم الفيزياء لتطوير الاستخدامات السلمية والعسكرية للطاقة النووية، لاسيما بعد أن هاجر إليها علماء أوروبيين وألمان هربوا من حكم النازي، أنابوا عنهم صاحب النظرية النسبية وكبيرهم "ألبرت أينشتاين" لمخاطبة الرئيس الأميركي عن أهمية ما سبق اكتشافه عن الانشطار النووي في ألمانيا، وأهمية استغلال هذا في بناء سلاح نووي، ومن ثم بدأ في سرية كاملة مشروع مانهاتن لصناعة هذا السلاح الجديد؛ تحت إشراف أستاذ الفيزياء في جامعة كاليفورنيا "روبرت أوبنهايمر"، وبالفعل تم تفجير أول قنبلة تجريبية في 16 يوليو 1945 في صحراء "آلماغوردو" الواقعة في ولاية نيو مكسيكو.

تتلخص فكرة القنبلة النووية في الحصول على طاقة هائلة في زمن متناهي الصغر باستغلال الانشطار النووي لليورانيوم 235 أو البلوتونيوم 239 شريطة أن يكونا مخصبين، حيث استخدمت المادة الأولى في قنبلة هيروشيما والثانية في قنبلة ناغازاكى، وعلى سبيل المثال تعتبر قنبلة هيروشيما بدائية مقارنة بالتطور اللاحق في صناعة السلاح النووي، فبينما كان وزن قنبلة هيروشيما 4 طن بقوة تدميرية 20 ألف طن من مادة TNT صارت القنابل الأحدث متوسطة التأثير تزن 100 كيلوغرام بقوة تدمير تبلغ 200 ألف طن من مادة TNT ، مما سهل تحميلها على الصواريخ الباليستية وبالتالي استخدام أسهل وأسرع.

في مرحلة تالية تطورت آلية عمل السلاح النووي باستخدام خاصية الاندماج فيما صار يعرف بالقنبلة الهيدروجينية، وفيها تتم عملية اندماج بين نظيري الهيدروجين التريتيوم والديوتيريوم لتكوين ذرة هيليوم، وبسبب هذا التفاعل تنتج طاقة مروعة تبلغ ما يعادل انفجار 20 مليون طن من مادة TNT ، أي القنبلة من هذا الجيل تزيد قدرتها التدميرية في حدها الأقصى 1000 مرة مقارنة بالقنبلة الذرية من الجيل الأول، وفى إطار هذا الجيل (الثاني) صنعت فيما القنبلة النيوترونية التي تعتمد على إنتاج سيل هائل من النيوترونات، ما أن تخترق الأجسام الحية تتسبب في قتلها على الفور، بينما لا تؤدى إلى أي دمار في المكون المادي لموقع الانفجار، وتوصف بأنها قنبلة هيدروجينية مصغرة ذات استخدام نوعى ضد الكائنات الحية.

أضحى السلاح النووي مع تناميه وزيادة مخزونه سلاحا أقل ما يوصف به أنه بالغ الجنون لا ينتج عنه سوى الخراب الكامل، لأن اندلاع حرب عالمية نووية في وجود هذه الترسانة المميتة كفيل بتدمير كل ما هو فوق سطح الأرض، وأيضا بدرجة ما العمق في مساحات كبيرة، ونظريا فإن هذا التدمير قادر على إحداث أثره عدة مرات، أي أن البشرية تحت هذا التهديد معرضة للفناء، والعودة إلى الوراء آلاف وربما ملايين السنين.

في عام 1949 استطاع الاتحاد السوفياتي السابق أن يحوز على سلاحه النووي، مما كبح جماح تكرار استخدام هذا السلاح من قبل أي من الطرفين بتأثير قوة الردع المتبادل، وتباعا انضمت على التوالي بريطانيا وفرنسا والصين إلى ما صار يعرف في أدبيات السياسة الدولية بالنادي الذري.. هنا أفاقت البشرية على المخاطر الجمة التي يمكن أن تلحق بالبشرية جراء انتشار الأسلحة النووية.

خوفا من تواصل انتشار السلاح النووي بالغ الفتك تمت صياغة وإنشاء معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ودخلت حيز التنفيذ اعتبارا من عام 1970 بغرض الحد من انتشار الأسلحة النووية، ونزع السلاح النووي، والحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية، لم تنضم للاتفاقية الهند وباكستان، وتاليا أصبح لكل منهما سلاحهما النووي، وأخيرا انسحبت كوريا الشمالية وحازت سلاحها النووي الخاص، ويبقى أن إسرائيل غير المنضمة للمعاهدة تحيط بالغموض سلاحها النووي ونشاطها في هذا المجال حتى بعد أن كشف الخبير النووي الإسرائيلي "مردخاي فعنونو" طبيعة الأنشطة النووية الإسرائيلية.

يعيش العالم الآن كابوس السلاح النووي آخر ما التحق بأسلحة الدمار الشامل، ويحلم العقلاء باليوم الذي تتحقق فيه الركيزة الثانية من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية؛ التي تنص على نزع السلاح النووي، أملا في ألا تعيش البشرية تحت وطأة أهوال أن يقع المحظور.