بهذه العبارة علقت إحدى الشابات البحرينيات المثيرات للإعجاب اللواتي التقينا بهن خلال تغطيتنا للانتخابات النيابية السادسة في البلاد، وهي تحكي لي عن التطور الاقتصادي والعمراني في البلاد.

وها نحن اليوم، بعد مرور عقدين على أول انتخابات نيابية تعقدها البحرين كمملكة.. نشهد انتخابات أكدت أرقامها ممارسة الشعب بكثافة لحقه في التصويت مشاركاً في العملية السياسية، حيث تفرقت الأصوات في الجولة الأولى بين مرشحين شكلوا رقما قياسيا في الترشح، وصل لـ 561 شخصا، للتنافس على 30 كرسيا في المجالس البلدية و40 مقعدا في مجلس النواب، مجلس ترأسه سيدة بالفعل، وهذا يأخذنا إلى الدور النسائي في البلاد، الذي تلمسه في كل النواحي.. ويتأكد لك مع كل خطوة، أن المرأة البحرينية حاضرة، وبقوة.. حتى أن معدل النساء في القطاع العام تجاوز 56%، بينما وصل لـ 35% في القطاع الخاص، كما أن تاريخ الجمعيات النسوية في البلاد يعود لعام 1955، أي أنه قديم نسبيا في المنطقة العربية.

ولعل أبرز ما يلاحظ بين الأمس واليوم، هو إدراك هذا الدور النسائي، وإن كان الحديث عنه قد يكون متجاوزاً نسبياً، فنحن أمام نساء في العشرينات والثلاثينات من العمر يقدن عملا سياسيا مع أقرانهن من الرجال.. شباب من الجنسين مدركون لحقهم الدستوري في الترشح والانتخاب، وهم خلايا عمل لا تنام، دأبت على تنظيم محاضرات وندوات وورش عمل وحملات انتخابية لأسابيع طويلة لطرح أفكار الشباب، لمن ترشح، لدعم الشباب، ممن ينتخب، الجهود التي أثمرت عن نسبة المشاركة الأعلى منذ انتخابات 2002، حيث وصلت لـ 73% في الجولة الأولى، وأسفرت نتائج الجولة الثانية عن اختيار 11 امرأة ضمن مجلسي النواب البلدية، في رقم جديد غير مسبوق في البلاد.

أذكر أن والدي، قبل عشرين عاماً، روى لنا عن ثراء البحرين وتنوعها إنسانيا وثقافيا.. وهو أمر تلمسه جلياً لدى كل من تتحدث معهم من أهل بلاد "دلمون"، تلك الحضارة التي سادت المنطقة قبل خمسة آلاف سنة، وسنحت لي الفرصة لأطأ تلال مدافنها الشهيرة المصنفة من قبل اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي.

إنها بلاد تمنحك شعوراً بالأمل، وأنت ترى الفتى والكهل كليهما يقف ضمن الطوابير لساعات، فقط ليدلي بصوته لمن اختار.

وشعوراً بالغنى الفكري والمعنوي، وأنت تناقش أبناءها، سواء في مواضيع عميقة أم أحاديث جانبية.

إذاً، هو حراك سياسي مجتمعي، تقوده البحرين بأبنائها ولهم، ومشاريع اقتصادية تتوالى للنهوض بقطاعات عدة في البلاد.

حماس تتلألأ به الأعين، وإيمان بغد أفضل، وخطوات ثابتة حاسمة..

في قلعة البحرين، عاصمة دلمون القديمة، كانت محطتي الأخيرة قبل مغادرة هذا البلد المضياف.. من أعلى قمتها ترى في الأفق امتزاج التاريخ العريق بالمدنية الحديثة... وترى غروب الشمس قبل الخامسة عصرا.. ومع شروقها كل يوم، تتزين البحرين بحضارة ساحرة، ومستقبل تتشكل ملامحه رويدا رويدا.