كما أنه من تكساس وعبرها يأتي القدر الأكبر من إنتاج الطاقة الأميركية من نفط وغاز، وأيضا مصادرها الجديدة نسبيا مثل الغاز والنفط الصخري.

وفي الفترات التي شهدت مظاهرات واحتجاجات اتسمت بالعنصرية الواضحة في وقت رئاسة ترامب، كانت ولاية تكساس الأقوى في موقفها اليميني المتشدد. إذ يطغى على الولاية الكبيرة حجما وتمثيلا في الكونغرس طابع "الغرب البري المتوحش" كما تشاهده في أفلام هوليوود، رغم أنها ولاية جنوبية وليست غربية.

ويزيد من ذلك انها نقطة دخول المهاجرين غير الشرعيين وللاجئين المحتملين من المكسيك القادمين من مختلف دول أميركا الوسطى والجنوبية الفقيرة، بينما تضم الولاية بعض أغنى العائلات الأميركية التقليدية.

وكما المثل القديم، كان رد فعل تكساس على فوز الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة في انتخابات 2020 الأكبر إذ هدد بعض مسؤوليها بانفصال الولاية عن "الاتحاد" الذي يشكل الولايات المتحدة. ومن تكساس جاء زعماء هجمات 6 يناير 2021 على الكونغرس.

كما كانت تكساس الولاية الأكبر في مقاومة اجراءات الحد من انتشار وباء كورونا في الولايات المتحدة. فهي الولاية الأكثر معارضة لارتداء أقنعة الوجه، بل ومنها تأتي القوة الأكبر المعارضة لتلقي لقاحات كورونا. ليس هذا فحسب، بل إنها الولاية الأقوى معارضة لقوانين فيدرالية كثيرة من واشنطن، من قانون الاجهاض إلى قوانين شراء وحمل السلاح.

ولأن النظام الفيدرالي للولايات المتحدة منذ تأسيسها قبل بضعة قرون يسمح للولايات باستقلالية نسبية في وضع سياساتها الاقتصادية والقانونية وغيرها، تجد ولاية تكساس مختلفة إلى حد كبير عن بقية الولايات الأميركية الرئيسية.

كما أنها الأشد معارضة للقوانين الفيدرالية التي تصدر من واشنطن، ويسعى حاكم الولاية ومجلسها التشريعي الذي يسيطر الجمهوريون عليه تقليديا لسن قوانين ولائية تتعارض مع القوانين الفيدرالية.

الآن، يتباهى المسؤولون الجمهوريون في تكساس بأن سياستهم المستقلة عن واشنطن جعلت اقتصاد الولاية رقم واحد بين الولايات الأميركية، ويدللون على ذلك بأن شركات كبرى بدأت تنقل مقراتها الرئيسية وأعمالها إلى تكساس من ولايات أخرى. على سبيل المثال، ومن "وادي السليكيون" في ولاية كاليفورنيا تنتقل شركة أوراكل إلى تكساس. كما بدأ الملياردير إيلون ماسك نقل بعض أعماله إلى تكساس. ويتوقع المسؤولون في الولاية أن تحذو شركات كبرى أخرى حذو أوراكل وتسلا.

صحيح أن تلك الشركات والأعمال تنتقل لأسباب اقتصادية ومالية بالأساس، هربا من الضرائب والرسوم العالية في كاليفورنيا إلى الضرائب القل والرسوم شبه المنعدمة في تكساس، لكن لا يمكن أيضا إغفال أن كاليفورنيا ولاية "ديموقراطية" في توجهها الانتخابي تقليديا بينما تكساس ولاية "جمهورية" عتيقة.

لذا لم يكن مستغربا تبادل التراشق هذا الأسبوع بين الرئيس جو بايدن والملياردير الصناعي إيلون ماسك. ففي تعليق له على التحول نحو السيارات الكهربائية ذكر الرئيس شركات مثل جنرال موتورز وفورد وتجاهل ذكر شركة تسلا، أكبر شركة في العالم لإنتاج السيارات الكهربائية. ورد ماسك ساخرا عبر حسابه على موقع التواصل تويتر متهما بايدن بأنه يعتبر الشعب الأميركي "مغفلا"، وزاد من السخرية بأن تهجى اسم شركته للرئيس ليعرف كيف ينطقه. ولن يكون مستغربا أن ينقل ماسك بقية أعماله إلى تكساس، ويحرم ولايات أخرى مثل كاليفورنيا من مليارات الدولارات من الضرائب والرسوم التي تفرضها تلك الولايات بمعدلات أعلى من ولاية تكساس.

أما سبب تجاهل الرئيس بايدن لتسلا فلأن الشركة لا تسمح لعمالها بتكوين نقابة عمالية أو اتحاد يعبر يطالب بحقوقهم، على عكس شركات السيارات الكبرى التقليدية. وهذا النهج الديموقراطي، الذي يتشدد فيه الجناح اليساري في الحزب، يتعارض تماما مع سياسات ولاية تكساس التي تعتمد نموذجا للأعمال أقرب للرأسمالية التقليدية التي ترى الريادة الاقتصادية في تراكم الثروة وهو ا يحتاج التقليل بشدة من القيود واللوائح البيروقراطية.

في النهاية إذا يمكن النظر لذلك التبادل العلني بين بايدن وماسك على أنه في جوهره تراشق ديموقراطي جمهوري، بغض النظر عن أن ماسك لا يعد متحمسا سياسيا لأي من الفريقين وهو متحمس فقط للمال والأعمال.

والواضح أن ذلك يصب في صالح ولاية تكساس على حساب الحكومة الفيدرالية وولايات صناعية تقليدية مثل ديترويت وشيكاغو وبالطبع كاليفورنيا.

فهل يمكن أن يحدث ما هدد به البعض من قبل من انفصال تكساس لتصبح "جمهورية تكساس" المستقلة؟ يبدو ذلك بعيد الاحتمال الآن، فإذا كان كل شيء في تكساس كبيرا إلا أنه لم يكبر بعد ليصبح جمهورية مستقلة. لكن من يدري في المستقبل!