بل أنني كثيرًا ما أصادف منهم من ينتظرون حلول هذه الذكرى للتسفيه منها والحط من قدرها بنشر أكاذيب وقحة تصور أن مصر وجهت الضربة الأولى لكنها تعرضت للهزيمة في نهاية الأمر واضطرت لوقف إطلاق النار خوفًا من تهديد العدو للقاهرة نفسها!

سخف يليق بعقليات هؤلاء القوم الذين يتفننون في نسج الأكاذيب! كيف تعرضت مصر للهزيمة وقد استردت أرضها المحتلة كاملة؟ كيف هُزِمت مصر وقد دمر أبطال جيشها في ساعات قليلة أسطورتا الحائل مستحيل السقوط والجيش الذي لا يُقهَر؟! إن الكذب سُبة لخُلُق الكاذب ولكن الكذب الرخيص المفضوح هو سُبة لعقله كذلك!

كعادتهم يصر الإخوان على الفُجر في الخصومة-وهو من آيات المنافق-فيسقطون كراهيتهم للدولة المصرية وحقدهم على الجيش المصري على أعظم انتصارات مصر الحربية في التاريخ المعاصر.. والمضحك أنهم يظهرون الازدراء لسنوات من التخطيط والإعداد والتدريب والخداع الاستراتيجي للعدو وعبور القنال وتعطيل دفاعات النابالم المطلة عليها وهدم الساتر الترابي المنيع واقتحام خط بارليف ودخول قواتنا لسيناء الحبيبة في 6 ساعات فقط بينما يعتبرون أن مقاومة إرهابييهم للأمن المصري لسويعات في اعتصام رابعة الإرهابي رمزًا لـ"الصمود"!! 

وهم من الانحطاط بحيث لا يبالون بالشهداء الذين قدموا أنفسهم قرابين للوطن عن طيب خاطر، ولا المصابين ومن فقدوا بعض أجزاء أجسادهم بنفوس راضية في معارك حرب 6 أكتوبر المجيدة، فيسفهون من كل ذلك ويسخرون من احتفائنا بذكرى هذا الحدث العظيم ويصفونه بالهزيمة ويدعون أن من يصفونه بالنصر "يخفون الحقيقة"! ولا عجب فإنهم لا يبالون لدم ويعدون صاحبه بطلا أو شهيدا إلا من كان على فكرهم الفاسد كالإرهابيين حسن البنا وسيد قطب الذي يصدعوننا بمراثيهم لهما وهم يصفونهما بالشهيدين! هؤلاء فقط هم الشهداء في أنظارهم، وصدق من قال إن الطيور على أشكالها تقع!

وسبحان الله.. يسفهون نصرا لوطن يحملون جنسيته التي لا يستحقونها في بطاقات هوياتهم بينما هم يهللون ويسبحون آناء الليل وأطراف النهار بمعارك وحروب العثمانلي الذي غزا بلادهم وأخربها لقرون.. فتجدهم ينتظرون أية ذكرى لمعركة تخص المحتل العثماني ليستفيضوا في الحديث عنها وإلقاء المدائح في قادتها وجندها بينما نصر يعتز به أبناء بلدهم يحاولون تشويهه..

على أية حال فليس هذا بالمستغرب منهم.. فهؤلاء المارقون قد مزقوا أواصر ارتباطهم بمصر تاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا منذ أن راحوا يبكون محتلا عثمانيا جثم على أنفاسها قرونا، ومنذ أن ألفوا البحث عن أعداء الخارج لإلقاء أنفسهم في أحضانهم والتآمر معهم على بلدهم، ومنذ أن تكرر منهم تصريحا وتلميحا القول بعدم اعترافهم بالدولة المصرية والانتماء الوطني لها! 

ويالنفاقهم إذ هم يبدون التعاطف مع النظام التركي في تدخله في ليبيا وتهديده أمن حدود مصر الغربية وصياحهم جزعا لفكرة أن يحارب الجيش المصري المعتدي التركي.. ثم بعدها مباشرة هم يصيحون بإتهام مصر دولةً وجيشًا بالجبن والخنوع لتصريح الإدارة المصرية أنها تسعى لحل مشكلة سد النهضة سلميًا!

وإنهم إذ يحاولون النَيل من نصر 6 أكتوبر 1973م لا يدركون أنه حلقة عصية على الكسر في سلسلة مجد بدأها مينا بحروب توحيد مصر، وأحمس بحرب تحريرها من الهكسوس، وتحتمس الثالث ورمسيس الثاني بحروب فرض احترام هيبة مصر على الجميع، واستكملها المماليك في صد الفرنجة في المنصورة والمغول في عين جالوت وإبراهيم باشا في وضع المحتل العثماني في حجمه الحقيقي في نصيبين.. وغيرها من الحلقات لانتصارات قد تقل شهرة عن تلك المذكورة لكنها لا تقل شأنا! بنيان من المجد يحسب هؤلاء السفهاء قدرتهم أن يزحزحوا ولو لَبِنة منه!

وإنني ليتملكني الرثاء لمن يشاء حظهم العاثر أن يولدوا لأسر إخوانية ويتلقوا تربيتهم الفاسدة المضلة فينشئون وقد افتقدوا اعتزازهم بوطنهم وانتصاراته.. فأي بؤس هذا!

وللحديث بقية

-يتبع-