يعتمد هذا التهور المحتمل على درجة طوارئ البقاء التي وصل إليها التنظيم ومن معه من أتباع النظام السابق، خاصةً وأن كمية الخام – إن تسربت – كفيلة بتدمير سواحل شمال اليمن، وزيادة حدة ووتيرة الصراع العسكري لتأمين الغذاء من بحر جنوب اليمن – وبثمن بشري\سياسي فادح على الشمال.

هذا السيناريو مضاعف الأثر إذا ما أضيفت إليه ظروف الجائحة والأزمة الاقتصادية والقتال الأصلي المستمر.

إبتزاز الحوثيين البيئي لمحيطهم المباشر والإقليمي يستدعي تحركاً استباقياً لتأمين نطاق (صافر) عسكرياً وبيئياً، بغطاء دولي مبني على المسؤولية البيئية تجاه سكان اليمن وسائر شعوب الجوار.

فإن لم تحركهم مصلحة الأمن الغذائي والنشاط الاقتصادي المتبقي لقطاع كبير من البشر في تلك المنطقة، فلا بد أن يستنفرهم ما قد يتسبب فيه إغلاق منطقة أوسع تشمل مضيق باب المندب بأكمله، وتعطيل التجارة الدولية لمدة أطول بكثير وأغلى بمراحل مما حدث أثناء انسداد مضيق قناة السويس، وذلك لتنظيف الانسكاب النفطي في عرض البحر وعلى السواحل.

مع توجه الدول الغربية لتخضير الاقتصاد، ومعه السياسات الإدارية والحقوقية والحوكمة في كل المجالات، فلا بد لها من إثبات هذا المفهوم إذا وقعت الحادثة المحتملة. الوضع الحالي مختلف عن حرق الجيش العراقي المنسحب من الكويت لآبار النفط، إذ أن قوات الحوثيين ومن معهم ستكون مستمرة في الإمساك بالسلطة أثناء وبعد حدوث التسرب المحتمل في المستقبل المنظور. خوف هذه القوات من عمل عسكري أو تجسسي بغطاء بيئي قد يدفعها إلى حظر الاقتراب من الخزان المنكوب، وهو المحتوي على قرابة 80 مليون دولار من النفط، وقد تسربت المياه إلى أجزاء منه وتنذر بغرقه أو انشطاره.

مع ازدياد عدد النشطاء الساسة والمستثمرين، أصحاب الحلول الخضراء المبتكرة، والمنتمين لدول نافذة ومتدخلة في أوساط المجتمع الدولي، تقع على دول (حوض صافر) – إن جازت التسمية – مسؤولية استنفار الحلول المبتكرة – محلياً ومن طرف حملة راية التخضير – بهدف التدخل البيئي لمحاصرة الانسكاب الممتد المحتمل، إذ أن التسرب المباشر سيكون قريباً من نطاق مرمى نيران الحوثيين، ولن يسمحوا بتخطيه خشية حدوث اختراق.

الأنسب هو أن يتم نشر مواد حديثة تتشرب النفط الخام لتعزله مبدئياً عن وسط المياه والخطوط الساحلية، تمهيداً لرفعه من صفحة المياه والعمق المتوسط على وجه السرعة، لئلا يفتك بالحياة البحرية والأمن الغذائي، ويعطل الحركة الملاحية لأمد ليس بالقصير. وهي فرصة سانحة لاختبار جدية المنظّرين من النشطاء الساسة والمستثمرين، في التسامي فوق الادعاءات، والتحرك بجدية للحيلولة دون كارثة ستضر الكثيرين، ويشملهم هذا الضرر أيضاً، في سمعة ومصداقية دعاواهم، وفي تعطل التجارة الدولية.