الثامن من مارس، يكاد يتحول من يوم عالمي مخصص، للانتصار لقضية المرأة وتحريرها، ومساواتها مع الرجل، إلى مناسبة لتحويل، هذه القضية التحررية والإنسانية التاريخية، الأهم على الاطلاق، إلى مجرد طقس احتفالي واحتفائي، عابق بالشعاراتية والانشاء، والانجازات الاستعراضية اللفظية، وغير المترجمة على الأرض، لجهة تمكين المرأة فعليا، أي قانونيا، وعبر تشريعات ونواميس واضحة وقاطعة، لا تحتمل التأويل، ولا تكون حمالة أوجه، ولا المعكوسة عمليا، في تطوير واقعها الاجتماعي، الاقتصادي، السياسي.

وأكثر أشكال الابتذال والامتهان، لهذا اليوم خطورة تكمن، في تحويله إلى مناسبة روتينية، في التقويم السنوي، قوامها تكرار وترداد، جملة محفوظات مساواتية، وتنظيم مجموعة من الأنشطة، التي تحولت بفعل اجترارها مع الزمن، إلى فعاليات متخشبة، بلا جدوى، وفاقدة لروح المبادرة التجديدية والإبداعية الحقوقية، المواكبة لتطور أشكال التمييز ضد المرأة، وغمط حقوقها.

فنحن إزاء صيرورة ذكورية قمعية، تجدد نفسها، وتراوغ وتحاجج، وتبتكر أشكال وآليات قمع جديدة ومستحدثة، بحق النساء بل وأن تلك الفعاليات، تعطي نتائج عكسية، تسهم حتى في، تتفيه لب القضية ومحورها الأساسي والجوهري، المتعلق بتحرير المرأة، الكامل والناجز، دونما لف ودوران، وتحجج بالظروف المعيقة إياها، وبالخلفيات، والموروثات، الثقافية، والدينية، والاجتماعية المثبطة، وغيرها من حجج وعراقيل، يتم سوقها، للالتفاف على جوهر القضية، والالتهاء بقشورها السطحية.

وتحويلها تاليا، لموضوعة مجاملاتية، لا تعبر عن التغيير الحقيقي والجذري الايجابي، في الواقع المأساوي للمرأة، خاصة في المجتمعات والدول النامية والمتأخرة، حول العالم، بحيث يغدو احياء هذا اليوم فيها، بمثابة ضرب من ضروب، ممارسة العلاقات العامة، والاحتفاء من أجل الاحتفاء، وبحيث لا يسهم في احداث، أي تراكم ايجابي، في طريقة مقاربات تلك المجتمعات، لقضايا المرأة وفهمها، وتعقلها، والتعاطي معها، بلا عقد وبلا أحكام، ورؤى ذكورية استبدادية، مسبقة ونمطية.

ولا يسهم مع الأسف، في بلورة خطط وبرامج، واستراتيجيات جدية، معنية بمعالجة، هذه القضية الحساسة المستعصية، والتي يمثل حلها، بطريقة تحريرية وحقوقية كاملة، أس التطور الاجتماعي، ومدماك التحول الديمقراطي، العميق والمستدام.

كل عام وأنتن بحرية وبخير.