جاءت تسريبات إيميلات هيلاري كلينتون لتؤكد ما هو معروف من تعاون إدارة الديمقراطين في عهد أوباما و مع جماعة الإسلام السياسي وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة.
ورغم أنها جاءت في إطار المناكفة السياسية بين الجمهورين و الديمقراطين وفي توقيت حرج جدا قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية إلا أن ما نشر كان معروفا للجميع وهو العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين و الإدارة الامريكية.
لكن المهم والخطير لم ينشر بعد وهو ما يخص مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستفرز ستيفينز في مدينة بنغازي. مع ظهور الاهم وهو دعم امريكا لسيطرة ( الفرس ) على البحرين من خلال المعارضة الشيعية.
المقاربة الأمريكية لتوطين الإسلام السياسي جاءت على يد صقور الحزب الديمقراطي مثل جيفري فلتمان وهيلاري كلينتون وديفيد وولش في حكومة اوباما لتوطين الافغان العرب في أوطانهم بنصيحة من مؤسسة راند الشهيرة التي تكتب تقاريرها الاستراتيجية للدوائر المخابراتية و الكونغرس والخارجية في أمريكا.
والفكرة كانت استبدال المقاربة العسكرية والحرب على الإرهاب بالمقارنة السياسية. البريطاني جوناثون باول قدم لهذا الطرح في كتابه ( الحديث مع الإرهابيين ) الذي استعمله في حل المشكل مع الجيش الجمهوري الأيرلندي.
كان يجب علي الأمريكان إيجاد من سيلعب دور المقاول والسايس الذي سيقود البقرة للثور الزراعي، فكانت قطر وحدها متحفزة للعب هذا الدور للخروج من كوابيس عقدة أوديب التي يعيشها حمد وكانت الالية توظيف المال (مال الغاز ) وسلاح الجزيرة الإعلامي من خلال خلق هالة من الأكاذيب و تكرارها.
النموذج التركي طرحه الإنجليز فهو المطلوب الآن نموذج إسلام علماني منزوع الدسم.. مشروع إسلاموي يحلل الخمر والربا... وردد كثيرا زعماؤها أن تركيا اليوم دولة علمانية في محاولة فاشلة لاسترضاء الغرب خاصة الاتحاد الأوروبي للدخول لهذا النادي المسيحي المغلق.
اقترحت بريطانيا جماعة الإخوان لقيادة هذا المشروع لسببين:
أولا لأن لهم مرشد واحد وعنوان واضح يمكن أن يكفي اشكالية التخاطب مع كل الدول عل حده.
ثانيا أن مشروع الإخوان مشروع انجليزي بالأساس. حيث بدأت جماعة الإخوان في مدينة الإسماعيلية بمصر سنة 1928 على يد مدرس الخط العربي حسن البنا الذي كان يملك مهارات تنظيمية عالية و ليست دينية.
بريطانيا التي تسوق تصنيف الإخوان بالمسلم الجيد (المطيع) الذي يمكن أن يسيطر علي المسلم الرديء ( الجهادي).
كما أن الاخوان على علاقة تاريخية موثقة مع أمريكا وهذا ما أشار إليه مؤلف كتاب ((مسجد في ميونخ)) للكاتب الكندي أين جونسون الذي يرصد في مقال نشر في الوول ستريت جورنال تاريخ العلاقة بين الإخوان و الأمريكان و يقول :إنه تحالف سري بدأ في الخمسينات، تم الاتفاق على القتال ضد الشيوعية و تهدئة الثوتر في أوروبا.
وخرجت معظم الجامعات التكفيرية من عبائة الإخوان، فالقاعدة مثلا أسسها عبدالله عزام الإخواني قبل أن يستلمها بن لادن والظواهري.
وتبنتها المخابرات الأمريكية لإسقاط العدو السوفيتي في أفغانستان قبل أن تتحول لعدو لأمريكا بعد أن تركتها للعراء في نهاية الانتصار على الاتحاد السوفيتي الذي تفكك على يد الرئيس الروسي ( يلتسين ).. فوجهت بنادقها لحليف الأمس، أمريكا.. في تفجيرات نيروبي ودار السلام والخبر ثم توجت بغزوة برجي التجارة العالمي في نيويورك في 9/11.
جاء مشروع (أوباما/ هيلاري كلينتون/ ديفيد ولش / فيلتمان ) تتويجا للعلاقة التاريخية لقيادة فصيل الإخوان جماعة الإسلام السياسي في منطقة الربيع العربي وإصلاحا للخطأ الفادح لتعويض الأفغان العرب والاخوان تمكينهم في بلدانهم.
أطلق الرئيس الديمقراطي باراك أوباما مصطلح الربيع العربي علي العملية والمشروع.
بدأت قطر في فتح كل ملفات المنطقة من فلسطين، دعم حماس إلى حوار دارفور، إلى الملف السوري واللبناني، واليمني ودعم الإخوان في مصر وليبيا و النهضة في تونس في وقت واحد وحتى موريتاتيا، وبإمكانيات مالية ضخمة وكوادر قطرية بدائية لا تفقه الكثير من السياسية و العلاقات الدبلوماسية.
كانت اللعبة خطيرة و مميتة ؛ تمددت قطر و حملت علي اكتافها اضعاف ما تستطيع أن تنهض به.
ولكن على الأرض قاوم الشارع المصري والليبي والتونسي مشروع (الأمريكان/ الإنجليز/ تركيا / قطر ) لتوطين الإخوان والإسلام السياسي، كما فشل التكفيرين في السيطرة علي سوريا بفضل الدعم الروسي و الإيراني للرئيس الأسد.
مؤخرا تبدد الحلم الديمقراطي والقطري والتركي في السيطرة على هذه الدول. بعد نهوض مصر التي أخذت قرارا سياديا وقطعت مع هذا التنظيم ( الإخواني) واعتبرته إرهابيا وزجت بقيادته في السجون بعد الجرائم المتكررة والعمل السري والتخابر مع دول أجنبية.
فشلت خطة أوباما/ كلنتون المتورطة مع قطر، فقد فضحت إيميلات كلينتون علاقة قطر بدعم الإرهاب، وأشارت عدة مواقع منها فورن بوليسي لتورط قطري واضح في دعم الإرهاب.
تركيا الداعمة لقطر أصبحت مشغولة بمشاكلها الداخلية بعد الانقلاب الذي أحدث شرخا في المجتمع التركي وإحباطا لدى الجيش والشرطة الذين ذاقما الويل من" زعران" حزب السلطان وفقدان الليرة التركية أكثر من نصف قيمتها والصراع بين تركيا وأمريكا حول شراء الصواريخ الروسية. و فتح اربع جبهات عسكرية في وقت واحد هي سوريا و العراق و ليبيا و مؤخرا أذربيجان في اقتصاد تركي هش لا يستحمل كل هذه الحروب.
قطر شعرت أنها تركت وحيدة و أن أموالا طائلة قد صرفتها في مشروع فاشل، وهي لم تصحى من هول الصدمة حتى هذه اللحظة.
الإعلام الأمريكي و البريطاني يعترف بدور قطر في دعم الإرهاب، فقد نشرت نيويورك تايمز تقريرا تقول فيه إن قطر ذهبت للعب دور أكبر من قدرتها، مستعينة بموارد مالية ودبلوماسية نشطة.
وما نشرته صحيفة التايمز البريطانية من تقرير حول تمويل بنك الريان القطري لجماعات إرهابية في لندن وتساؤل على أن قطر يجب أن تحدد موقفها من حربها على الإرهاب أو دعمه.
أخيرا فشلت المقاربة كلها وفي أمريكا انتصر ترامب الذي قلب الطاولة على كل خطط الإدارة السابقة التي يراها قد استنزفت أموالا طائلة من أموال الناخب الأمريكي ودافعي الضرائب بينما يزداد الإرهاب و يتمدد و لا ينحسر.
في الحليفة بريطانيا نجحت تيريزا ماي وخسر ديفيد كاميرون.. فأصبحت أولوياتها تحت وطأة طلبات الشارع للخروج من الاتحاد الأوروبي ولم تعد ميزانيتها تسمح بالتمدد خارجا.
وبعد وصول جونسون للحكم حليف ترامب الغير متحمس للإسلام السياسي ليزيد من فشل مشروع فلتمان / هيلاري.
تبددت أحلام الديمقراطيي وأحلام حمد وقطر معا، وجاء يوم الحساب بعدما ضاقت الأخت الكبرى السعودية ذرعا بتصرفات حمد الطائشة وقبلها مصر التي كانت الجزيرة تشمت في شهداء جيشها وشرطتها وأمنها في سيناء، و تهلل للعمليات الإرهابية ضدهم.
اجتمع العرب (السعودية، مصر، الإمارات، البحرين) و قالوا لقطر هذا يكفي.
أخير أصبحت قطر مطاردة ومعزولة عن محيطها العربي تصلها المعونات من إيران و إسرائيل وتحرسها تركيا، وأصبح كل من يدور في فلكها مطاردا مذموما مدحورا ومطلوبا للعدالة بعد أن أخذتها العزة بآلاثم ولم تتراجع حتى الان.
غدا إذا ما نجح ترامب للمرة الثانية في انتخابات الرئاسة القادمة سيكون أكثر صراحة وحرية وسوف يقضي على ما تبقى من مشروع الإسلام السياسي في المنطقة بعد ما لفظه الشارع العربي أنفاسه، وأصبحت فضيحة في التاريخ السياسي الأمريكي سببتها هيلاري و مشروعها الفاشل.
ذلك كان حلم الديمقراطيين وعلى رأسهم هيلاري كلينتون التي نشرت إدارة ترامب أيميلاتها لتشكل فضيحة من العيار الثقيل وتصبح هيلاري عرضة للملاحقة القانونية على جرائم القتل وسرقة أموال الشعوب العربية فيما سمي بمشروع الربيع العربي الذي نشر الفوضى، والدم، والرعب في أرض العرب.