وبحسب القانون الأميركي، فإن حاملات الطائرات تمثل جزءًا من الأراضي الأميركية، كما أن أي اعتداء على أحدها يصبح بمثابة إعلان حالة الحرب على الولايات المتحدة الأميركية. لذلك، جاء القرار الأميركي بإدخال نيمتز ومجموعتها القتالية الضاربة لعمق مياه الخليج العربي، وهذه رسالة تحد واضحة للقيادة السياسية الإيرانية، واختبار صلابة إرادتها السياسية.

تتشكل المجموعة القتالية من مدمرات متعددة المهام من فئة "ألاياه بروكس"، إضافة إلى طرادين من فئة "تكناكوندرا"، ثم غواصات هجومية متعددة المهام من فئتي "فرجينيا" و"سي وولف".

ويصعب على الإيرانيين رصد وتحديد مواقع المجموعة القتالية. أما في حالة الغواصات، فالأمر يضحي مستحيلا، وإذا نشبت أي مواجهة عسكرية، فإن هذه الغواصات القادرة على التخفي حتى في المياه الضحلة، ستكون خيار الجنرال كينث ماكنزي (قائد القيادة الوسطى الأميركية) الأول في توجيه الضربة العقابية، ومن ثم تحييد قدرات القيادة والسيطرة الإيرانية، وعموم قواعدها من الساحل إلى العمق الإيراني.

إيران؛ عبر قياداتها العسكرية، توعدت الولايات المتحدة بالانتقام لمقتل قاسم سليماني، وها هي الولايات المتحدة في تحد صريح، تهدي إيران أكبر هدف سياسي وعسكري قبل تجديد العقوبات عليها.

وبهذه الخطوة، توجه الولايات المتحدة رسائل صريحة لما يتجاوز حلفاء إيران التقليديين، فالرئيس ترمب لا ينوي التراجع عن سياسة "الضغط الأقصى"، وعلى القيادة الإيرانية أن تعي مخاطر الاستمرار في استفزاز الولايات المتحدة.

وربما بات على الصين وروسيا رفع مستويات الضغط على طهران بدل الإفراط في تسيس الموقف السياسي الأوروبي، وافتراض عدم تصويتها لصالح تجديد العقوبات على إيران ومهادنة السياسات الإيرانية العدائية. فهناك توافقات أميركية أوروبية؛ خصوصا في شرق المتوسط وشمال إفريقيا والساحل، مما ينبئ بالمزيد من تقليل الخلافات في ملفات استراتيجية أخرى.

لكن استثمار الصين في التباينات الأميركية الإيرانية ليس بالأمر الجديد، لكنها بالتأكيد لن ترغب في كسر الكبرياء الإيراني في هذا التوقيت. فهي ترغب في المشاركة في إعادة تأهيل وتسليح القوات المسلحة الإيرانية لتكون أكثر قدرة على استنزاف الولايات المتحدة في المحيط الهندي والقرن الافريقي. 

وفي الوقت نفسه، ترغب الصين في إيجاد خيارات إمداد مباشرة لإيران عبر (أوتوستراد الصين العظيم الذي سيربط بين التبت وميناء غوادر في باكستان)، واتفاق التعاون الاستراتيجي الذي أعلنت عنه الصين وإيران لم يتجاوز حتى مرحلة الاعلان عنه.

أما موسكو، فهي منشغلة الآن بالتركيز على جوهرة تاجها على المتوسط (طرطوس، وحميميم)، مخافة تحجيم تواجدها في إفريقيا الوسطى وليبيا تحديدا، وهذا الأمر قد يصبح بالغ التكلفة؛ عسكريا وسياسيا. لذلك قد يناور الرئيس بوتين لإقناع واشنطن في التفاوض المباشر بُعيد الانتخابات، أما في حال خسر ترمب السباق الرئاسي، فإننا قد نشهد جديدة من تجدد العنف في ليبيا إن ترددت أوروبا أكثر في حسم الموقف.

هل ستتيح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قنوات لتسهيل احتواء التصعيد المحتمل في الخليج العربي، وهل ستحاول واشنطن تشجيع حلفائها الأوروبيين على التوصل لصيغة فيها بعض المرونة.

وزارة الدفاع الأميريكية تحس بأن قبول المزيد من التنمر الإيراني للوجود الأميريكي في مياه الخليج العربي، فيه إساءة لتاريخ البحرية الأميركية. والكثير من القادة يميلون باتجاه اختبار الإرادة السياسية الإيرانية. ويبدو أن مجموعة "نيمتز" الضاربة هي رسالة استرضاء للبنتاغون، وفي الوقت نفسه، يجب ألا يفترض الإيرانيون انقضاء أجل التفويض الذي منحه الرئيس ترمب لوزير دفاعه إسبر في تقدير الوضع الميداني واتخاذ ما يلزم من قرارات.