الندرة والإجماع على استخدامه جعلت للذهب قيمة وإن كان هناك خلاف حول ماهية القيمة الحقيقية لهذا المعدن الأصفر النفيس.  كما أن الذهب عند بعض الشعوب له قيمة دينية وروحانية، واستخدم كوسيط للتبادل قبل استخدام العملات الورقية.

ولنا تخيل أنّ حجم الذهب الذي اكتشتفته الحضارة البشرية يصل إلى 190 ألف طن على الأقل.
ورغم أن البلاديوم والبلاتين أكثر ندرة، فإن الذهب لا يزال المعدن المفضل بين الناس سواء للاستثمار أو للاقتناء في شكل حلي ومجوهرات.
الذهب يدخل أيضا في العديد من الصناعات أبرزها قطاع التكنولوجيا والذي جعل الذهب في يدي كل منا دون أن نراه، فمثلا يوجد حوالي 0.35 غرام من الذهب كمتوسط في كل هاتف ذكي.

الاستثمار في الذهب

الاستثمار في الذهب شأنه شأن أي استثمار آخر، له فوائد ويحمل بعض المخاطر أيضا. بداية من مزايا الاستثمار في الذهب أنه مخزن للقيمة، ويعني أن الذهب يتمتع بميزة ثبات خصائصه وشكله على مدار التاريخ إذا ما قورن بأي شيء آخر - انظر كيف دفن الفراعنة الذهب معهم منذ الآف السنين ولم تتغير خصائصه أي بقي الذهب ذهبا.

وذلك يعني أن قيمة الذهب تظل ثابتة كمعدن إذا ما قورنت بالعملات الورقية مثلا والتي تقل قوتها الشرائية مع الوقت بسبب التضخم.
التحوط  من التضخم

دائما ما نسمع أن الذهب يعتبر أداة للتحوط من التضخم ويحافظ على الثروة، والتحوط يعني ببساطة الحماية من التضخم.

وللتبسيط تخيل معي أن شخصا يمتلك ألف دولار وبهذا المبلغ يستطيع شراء 5 سلع وخدمات في فترة ما. وهنا فإن ارتفاع الأسعار - التضخم- يعني أن الألف دولار قد لا يكون بإمكانها شراء مقدار السلع والخدمات نفسه، فمثلا قد تستطيع شراء ثلاث سلع فقط.

لذا فإن اقتناء الذهب في هذه الحالة قد يعوض ضعف القوى الشرائية لـ 1000 دولار، وهذا ما تظهره دراسة لمجلس الذهب العالمي، إذ إنه خلال العقود الخمسة الماضية ارتفعت أسعار الذهب سنويا بمتوسط 15% في حالات التضخم الشديدة (ارتفاع كبير لمستويات الأسعار وضعف القوة الشرائية).

سهولة البيع والشراء

ما يميز أسواق الذهب هو تمتعها بحجم سيولة كبيرة مما يسهل عملية البيع والشراء في أي وقت وفي أي مكان، سواء في البورصات أو حتى في المتاجر.

كما تتميز أسواق الذهب بتنوع مصادر الطلب، مع استحواذ مشتريات الذهب في شكل حلي مجوهرات على 52% من الطلب عالميا، كما يظهره الرسم البياني التالي:

المصدر: مجلس الذهب العالمي

الذهب.. عملة نهاية العالم
من المتعارف عليه في أسواق المال أن الذهب يعد أحد أصول الملاذات الآمنة في أوقات الأزمات التي قد تكون في شكل كارثة طبيعية أو أزمة مالية أو حروب.. إلخ، كون أسواق الذهب تتمتع بسيولة مرتفعة تمكن من سهولة البيع والشراء فضلا عن التمتع بقبول عام.

وأبسط مثال على ذلك تضاعف أسعار الذهب بنحو ثلاث مرات بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية في الفترة بين نهاية 2008 إلى 2011.

في مقالي عن {ما علاقة كورونا بالاقتصاد ومؤشر الداو جونز؟} تطرقنا إلى أن السيولة الكبيرة التي ضختها البنوك المركزية لاحتواء أثر تفشي جائحة كورونا قد تذهب إلى أسواق الأسهم على غرار ما حدث بعد الأزمة المالية 2008، (جدير بالذكر أنه تحقق المستهدف الأول لتوقعاتنا وأغلق مؤشر الداو جونز فوق مستويات 24000 نقطة في نهاية تعاملات يوم 17 أبريل 2020).

لكن قد لا يحدث ذلك بالضرورة أن تذهب كل السيولة إلى أسواق الأسهم، فإذا استمرت حالة المخاوف بين المستثمرين فقد يكون الذهب المستفيد الأول لا سيما إذا ما استمرت العوائد على الأصول الاقل مخاطرة الأخرى كالسندات الحكومية مثلا ضمن مستويات متدنية أو في المناطق السالبة على نطاق واسع.

الدور المزدوج
في واقع الأمر، يلعب الذهب دورا مزدوجا في الأسواق، فمن ناحية يعتبر استثماراً وسلعة فاخرة في أوقات الرخاء الاقتصادي، ومن ناحية أخرى يعتبر ملاذاً آمناً وسهلَ التسييل في أوقات الأزمات.

وربما هذا يفسر الأداء الإيجابي للذهب خلال العقود الخمسة الماضية، مع تحقيقه ارتفاعات سعرية بـ 10% سنويا كمتوسط منذ عام 1971 بحسب دراسة لمجلس الذهب العالمي.

هذه كانت مزايا الاستثمار في الذهب، أما في الجزء الثاني فسنعرض المخاطر المتعلقة بالاستثمار في الذهب وتوقعات الأسعار.

هذا كان عن مزايا الاستثمار في المعدن الأصفر النفيس، لكن هذا ليس كل شيء، فالاستثمار في الذهب محفوف بالمخاطر أيضا وتشوبه بعض العيوب.

الذهب لا ينتج عوائد دورية
المكسب الوحيد من الذهب يأتي من عملية الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر مرتفع.. أمر بديهي! لكن المشكلة أن الذهب لا يحقق عوائد مثل تلك التي يمكن أن نحصل عليها من وديعة في البنك، أو توزيعات أرباح الأسهم، أو كوبونات السندات.

لذا فإن قرارات الفائدة من البنوك المركزية تكون ذات تأثير في قرارات المستثمرين عند الاستثمار في الذهب، فمثلا عند زيادة معدل الفائدة تقل جاذبية الذهب في هذه الحالة.

أما عند خفض الفائدة وهذا هو الحال منذ الأزمة المالية العالمية فإن الذهب يصبح ذو جاذبية أكبر عند مقارنته بالعوائد المتدنية التي يمكن الحصول عليها من وديعة في البنك على سبيل المثال.

الذهب يحقق عوائد أفضل على المدى الطويل

الذهب شأنه شأن أي سلعة أخرى يتحدد سعرها وفقا لقوى العرض والطلب، لذلك فإنه ليس بالضرورة أن ترتفع أسعار الذهب باستمرار كما يعتقد البعض حتى في أثناء الأزمات.

كما أن تعويض الخسائر في أسواق الذهب قد يأخذ وقتا طويلا يصل إلى عدة سنوات.

وبشكل عام فإن أسعار الذهب تحقق أداء أفضل على المدى الطويل، فمنذ 1971 ارتفعت أسعار الذهب 10% سنويا في حين ارتفعت الأسعار بمتوسط  4.5% سنويا في آخر عشر أعوام.

ونأتي لسؤال المليون دولار.. هل نشتري الذهب؟

أعلم أنك في انتظار الإجابة، لكن بقي شيء أخير فإن أساسيات الاستثمار تقضي بأن المبلغ المستثمر ما هو إلا فائض مالي بعد تأمين الاحتياجات الأساسية، وسداد الديون إلخ..

حتى الاستثمار بشكل عام له شروط متعارف عليها، أهمها {لا تضع كل البيض في سلة واحدة} أي من غير الصحيح أن تضع كل ما تملكه في استثمار واحد فقط، بل يجب التنويع وتوزيع الأموال على أكثر من قطاع ومجال.

وعند الاستثمار في الذهب فإن المتعارف عليه أن تكون حصة الذهب من إجمالي الاستثمارات بين 5% و10%، وذلك بغرض التنويع كون الذهب لا ينتج أي عوائد دورية.

الذهب إلى أين؟

صحيح أنه لا أحد يمتلك كرة سحرية لمعرفة المستقبل، لكن من الممكن استخدام التحليل الفني في التنبؤ بدراسة السلوك السعري للذهب.
وهنا يجيب عن هذا التساؤل، محمد الجندي، الرئيس التنفيذي لشركة بيت الخبرة للاستشارات المالية وعضو الاتحاد الدولي للمحللين الفنيين {IFTA}.
الجندي يتوقع أن أسعار الذهب قد ترتفع إلى المستوى القياسي السابق عند 1920 دولارا للأونصة على المدى الطويل لكن بعد أن يمر بمرحلة من التصحيحات.

الرسم البياني الشهري للذهب

وتفصيلا بدأت رحلة صعود الذهب الفعلية قبل تفشي فيروس كورونا وتحديدا مع اختراق مستوى 1370 دولارا للأونصة في يونيو 2019 لأنه كان يمثل منطقة مقاومة قوية حاول الذهب اختراقها طوال السنوات الست الماضية.

وعندما صعد الذهب بعد تجاوز مناطق المقاومة التي سبقت الإشارة إليها استطاع الارتفاع إلى مناطق 1560 دولاراً للأونصة ثم بدأ في موجة جني أرباح قصيرة بلغت نحو 7%.

ما حدث بعد ذلك كان جديرا بالانتباه، حيث باتت تداولات الذهب تشهد عمليات جني أرباح سريعة بعد اختراق كل مقاومة فبعد الصعود إلى مستويات 1700 دولار، شهد تراجعا بنحو 15% إلى مستويات 1450 دولارا للأونصة.

ثم الارتفاع من مناطق 1450 دولارا متجاوزا مناطق المقاومة 1700 دولار مسجلا مستوى جديداً عند 1750 دولارا للأونصة.

ويرى الجندي أن الذهب يشهد عمليات جني أرباح مع اختراق كل مقاومة لذا فإنه يتوقع أن تحدث عمليات جني أرباح لأونصة الذهب خلال الأسابيع القادمة إلى مستويات ما بين 1580 دولارا و 1550 دولارا (حيث يظهر مؤشر CCI علامات قوية للتشبع بالشراء) ثم الصعود مرة أخرى نحو 1800 دولار ويليه القمة التاريخية للذهب عند 1920 دولارا خلال الربع الثاني من 2020 .

أما عن التوقعات الفنية طويلة الأجل فتتوقف على مدى اختراق الذهب لقمته التاريخية  1920 دولارا والتي سوف تستهدف الصعود بالنجاح في اختراقها نحو 2160 دولارا ثم 2440 دولارا للأونصة.

ويفشل هذا السيناريو الإيجابي لتحركات الذهب بالإغلاق الشهري أسفل مستويات 1500 دولار للأونصة.

الخلاصة
الذهب قد يرتفع صوب 1900 دولار للأونصة بعد أن يتعرض لبعض التصحيحات، في حين أن ارتفاع سعر الأونصة فوق مستويات 1900 دولار قد يفتح الباب أمام الذهب لأعلى من مستويات 2000 دولار للأونصة.، وتبقى هذه التوقعات قائمة طالما لم تغلق الأسعار دون مستويات 1500 دولار للأونصة (إغلاق شهري).

معلومات عن كيفية تحديد سعر الذهب في بلدك:
حجم السبيكة التي يتم على أساسها احتساب أسعار الذهب = 31.1 غرام {أونصة الذهب}
وهذه السبيكة تكون عبارة عن ذهب نقي {99.9%} أي ما يعادل عيار 24
لذا سيكون سعر الغرام من عيار 24 = سعر الذهب في الأسواق العالمية مقسوما على عدد غرامات السبيكة
مثال 1720 دولارا للأونصة/ 31.1   = 55.31 دولارا للغرام الواحد.
سعر الغرام بالعملة المحلية = سعر غرام الذهب بالدولار مضروبا بسعر صرف الدولار.
مع الأخذ في الاعتبار إضافة الرسوم والضرائب والمصنعية.
لحساب عيارات الذهب المختلفة:
عيار 22 = يحتوي على 91.67% من الذهب الصافي
سعر الغرام = سعر الغرام {عيار 24}  * 91.67%
عيار 18 = يحتوي على 75% من الذهب الصافي
سعر الغرام = سعر الغرام {عيار 24}  * 75%.

وفي النهاية عزيزي القارئ، أنت سيد قرارك.