رغم كل ما يجري على الأرض والسياسة في الملف السوري فإن نهاية المشهد والوصول إلى الشكل النهائي للأزمة مازال يحتاج إلى وقت وتفاهمات.
لكن فكره التقسيم التي كانت ومازالت إحدى أهم المخاوف يجري استبدالها كليا أو جزئيا بمفهوم التقاسم، وقد لا يجد البعض فارقا كبيرا أو حقيقيا بين التقسيم والتقاسم، لكن التقسيم يعني في أحد مفاهيمه ظهور دويلات أو كانتونات على أسس طائفية أو عرقية بحيث تكون هذه الكانتونات بديلا عن الدوله الجامعة التي ستختفي، وقد تتحول إلى فيدرالية أو كونفدرالية، شكلية أو حقيقية.
روسيا، الطرف الأقوى على الأرض السورية، بدأ تنفيذ فكره التقاسم من خلال سيطرته على أجزاء من الجغرافيا السورية على شكل قواعد عسكرية جوية وبحرية على مساحات هامة من الأرض، فعل هذا مبكرا قبل أن يتبلور شكل الحل السياسي وقبل أن يظهر ولو نظريا شكل الجغرافيا السورية بعد الأزمة.
وإيران التي ترى نفسها صاحبة الفضل في الحفاظ على النظام السوري واستمراره، كما ترى نفسها أهم المنتصرين ميدانيا في سوريا كما في العراق، فضلا عن نفوذها في لبنان، تريد وتعمل على تفعيل فكره التقاسم من خلال الحفاظ على جغرافيا على شكل قواعد عسكرية، سواء كانت لقوات الحرس الثوري أو لحزب الله اللبناني، أو الميليشيات التي استقدمتها طهران لتقاتل في سوريا.
وتهتم إيران بالتواجد على الحدود مع العراق حيث اتباعها في الحشد الشعبي وأيضا في الجنوب السوري فضلا عن دمشق، والطريق إلى بيروت.
أما تركيا التي يزداد قلقها من القرار الأميركي بتشكيل قوه حدودية من الأكراد، معنية بأن يمارس التقاسم لخدمه أكثر من هدف، منها إبعاد الأكراد وأيضا خدمه اتباع تركيا من فصائل المعارضة السورية بما فيها بعض القوى المتطرفة، لكنها تواجه بعض العقبات من القوى الكبرى الفاعلة في الملف السوري، وتحديدا روسيا وأميركا.
مهما يكن التقسيم خطيرا من بوابة الفوضى والطائفية والهويات الفرعية، إلا أن التقاسم يحمل كل أشكال الضعف في الدولة المركزية، التي قد تبقى لكنها تكون متخمة بالضعف والتشتت وخضوعها لمصالح وحسابات أطراف أخرى تقاسمت الجغرافيا والمقدرات وحتى السيادة.