بعد احتلال إيران الضفة الشرقية للخليج العربي، أوصى رضا شاه البهلوي ابنه محمد رضا بهلوي وصيته الشهيرة قائلا: "لقد حررت الضفة الشرقية للخليج وعليك أنت تحرير الضفة الغربية منه".
وما كان احتلال الجزر الإماراتية الثلاث "طنب الكبرى" و"طنب الصغرى" و"أبو موسى" عام 1971 على يد محمد رضا شاه بهلوي، ومحاولاته المستميتة لاحتلال البحرين، إلا تنفيذا لتلك الوصية ودليلا على نهج طهران التوسعي.
تغير النظام الملكي العلماني إلى نظام جمهوري إسلامي، نتيجة الثورة التي اندلعت عام 1979، لكن لم تتغير أطماع طهران تجاه المنطقة العربية، وشهدت حكم 8 رؤساء من مختلف التيارات المحافظة والمعتدلة والإصلاحية في عهد النظام الحالي، ورغم اختلاف الحكومات والرؤساء، بقيت سياسة طهران نحو المنطقة العربية ثابتة، مما يدل على أنها عازمة على تحقيق هدفها المنشود، وهو إعادة إمبراطوريتها المزعومة على أنقاض الدول العربية وسيادتها.
وما يحصل في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفي بعض الدول العربية الأخرى، يعتبر بداية لمرحلة خطيرة لن تسلم فيها حتى عروبة أسماء مدنها في مسلخة الاحتلال الفارسي، كما هو الحال في الأحواز.
بعد تأسيس الدولة الإيرانية الحديثة واحتلالها أقاليم الشعوب المجاورة لها، بدأت ملامح تفككها تلوح بالأفق، خاصة بعد فشلها في صهر تلك الشعوب التي تشكل نحو 70 بالمئة من سكانها في البوتقة الفارسية، فضلا على تفاقم الأزمات والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي بقيت عصية على الحل بالطريقة الفاشية التي اعتمدتها طهران طيلة العقود الماضية.
وبما أن إيران تمر بظروف تشبه ما مر به الاتحاد السوفيتي قبيل انهياره، من توسع خارجي وفشل وتقهقر داخلي على جميع الأصعدة، يبدو طرح مثل هذه الأسئلة منطقيا، وهي: ماذا لو تفككت إيران؟ وماذا تستفيد المنطقة من تفككها؟ وأي ملامح يمكن رسمها للمنطقة بعد التفكك؟ يمكن القول إن نتائج ذلك التفكك المحتوم ستكون على الشكل التالي:
* ستنحصر حدود جغرافية إيران (بلاد فارس) في المركز وخلف سلسلة جبال زاكروس، وستشكل الشعوب غير الفارسية حزاما بشريا وجغرافيا يحول دون وصول طهران إلى الدول العربية وغيرها، التي تضررت كثيرا طيلة العقود الماضية نتيجة سياسات إيران التوسعية والتخريبية في المنطقة.
* سيصبح الخليج عربيا بضفتيه الغربية والشرقية، وتتحرر عشرات الجزر في الخليج العربي، بما فيها جزيرتي قيس وجسم والجزر الإماراتية الثلاث، وسوف لن يتبقى لإيران أي وجود في مياه الخليج العربي وبحر العرب، ويصبح شط العرب عربيا بضفتيه، وهو الفاصل بين العراق والأحواز.
* ستعود الأحواز إلى الحضن العربي، وستصبح الدولة السابعة في مجلس التعاون الخليجي، والثالثة والعشرين في جامعة الدول العربية.
وتكمن أهمية الأحواز ليس بمساحتها الجغرافية الواسعة (370 الف كيلومتر مربع) وموقعها الاستراتيجي الممتد على طول الخليج العربي فحسب، بل بثرواتها الهائلة من المياه والنخيل والأراضي الزراعية، وامتلاكها ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا، نحو 34 مليار و20 مليون متر مكعب، بنسبة 15.8 بالمئة من إجمالي احتياطات الغاز في العالم.
وتقدر احتياطات النفط المؤكدة في الأحواز بنحو 160 مليار برميل، وتعادل 10 بالمئة من إجمالي احتياطي النفط العالمي.
* ستنتهي جميع المليشيات والأحزاب الطائفية في المنطقة العربية بعد تفكك إيران بشكل مباشر، لأنها ستخسر كل مصادر الدعم المالي والعسكري واللوجستي والسياسي لها.
* ستستقر المنطقة أمنيا وسياسيا، وستنفق الدول العربية مليارات الدولارات التي كانت تنفقها لشراء السلاح بسبب التهديد الإيراني لأمنها الداخلي، على المشروعات الاستثمارية وتطوير البنية التحتية والخدمية للمواطنين.
* بالنتيجة النهائية ستشهد المنطقة برمتها ازدهارا اقتصاديا، ويحل الربيع العربي بمفهومه الصحيح، وليس كما حل في السنوات الماضية حيث خلف دمارا واسعا نتيجة الحروب والتدخلات الأجنبية السافرة التي مازلت المنطقة تدفع ثمنها غاليا.