رغم كل مناوراتها الدبلوماسية ، وعلى مدى سنوات، وجدت إيران نفسها أخيرا وجها لوجه أمام حقيقة تعارض اتفاقها النووي مع تجاربها المتكررة للصواريخ الباليستية.
وفيما تتجه عجلة التطورات إلى إضافة بنود جديدة على اتفاق الخمسة زائد واحد، لاحتواء المراوغات الإيرانية، لا تبدو طهران مطمئنة لهذا التطور الذي سيضعها أمام مسؤولية احترام روح الاتفاق، وليس الالتزام فقط ببنوده التقنية.
فإيران قد لا تخرق بنود الاتفاق النووي، لكن تضرب روحه مع كل تجربة صاروخية تجريها، إذ تزعم طهران أن تلك التجارب لا تعد انتهاكا لبنود الاتفاق الذي أبرمته قبل نحو عامين مع القوى الدولية.
لكن تلك القوى باتت تنظر إلى الصواريخ الإيرانية باعتبارها ثغرة في الاتفاق النووي تستغلها إيران، فمنذ إبرام الاتفاق وهناك قلق إقليمي تجاه النوايا الإيرانية خاصة فيما يتعلق بتجارب الصواريخ الباليستية.
وقد حذرت دول المنطقة من عدم وجود ضمانات كافية في الاتفاق النووي لكبح جماح التهديدات الإيرانية المستمرة بالصواريخ تارة، وبالتدخلات في شؤون المنطقة تارة أخرى تهدد طهران أمن واستقرار جيرانها.
والواقع أن طهران تنتهك عبر تجاربها المتكررة روح قرار مجلس الأمن بشأن الاتفاق النووي، فمنذ توقيعها الاتفاق عام 2015، وحتى شهر فبراير الماضي أجرت طهران 14 عملية إطلاق صواريخ باليستية، وذلك في حين ينص الاتفاق النووي على حظر بيع إيران أسلحة تقليدية أو عتاد حتى عام 2020.
وقد دفعت الانتهاكات الإيرانية غير المباشرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقول إن طهران تنتهك روح الاتفاق النووي.
وقد أكد ترامب، مؤخرا، أنه اتخذ قراره بشأن الاتفاق، لكنه قال إنه لن يكشف عن مضمونه في الوقت الحاضر.
وفي المقابل هناك موقف أوروبي تقوده فرنسا، يبدو مغايرا، فعلى الرغم من المصالح الاقتصادية الكبيرة بين فرنسا وإيران، إلا أن الضغوط دفعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الحديث عن استشعار الخطر الإيراني المتنامي.
وقال ماكرون إنه لم يفقد الأمل بعد في إقناع نظيره الأميركي بتغيير رأيه في الاتفاق، لكنه أقر أن الاتفاق غير كاف في ضوء تطور الوضع الإقليمي وزيادة النشاط الإيراني على المستوى الصواريخ الباليستية
وفي هذا الإطار تشير تقارير إلى سعي باريس لإضافة بنود على الاتفاق النووي ستشمل أنشطة طهران الصاروخية.
وبحسب مراقبين فإن هذا يعد تطورا في الموقف الأوروبي، ربما يغير كثيرا من المعطيات إذا صدقت الضغوط على طهران.