16 شخصا ماتوا في ما بات يعرف بمخيم كاليه للاجئين في شمال فرنسا، كان آخرهم صاحب أصغر خيمة، وهو شاب سوداني توفي في خيمة أكبر يطلق عليها "مستشفى"، ليكون شاهدا على معاناة المئات غيره من المهاجرين واللاجئين.
بعد أكثر من سنة على سماح السلطات الفرنسية للاجئين بالتجمع في الغابة قررت محكمة ليل جرف قسم من المخيم لـ"أسباب إنسانية"، ولإجبار اللاجئين على تسجيل أسمائهم والدخول إلى مخيم الحاويات الذي أقامته شركة خاصة بالقرب من المكان.
لكن الكهرباء والتدفئة في مخيم الحاويات لا تغري اللاجئين، فشرط الدخول الأول في حال توفرت فسحة في حاوية ما، هو إعطاء البصمات، وهو الأمر الذي يصر المهاجرون على رفضه خوفا من إبقائهم في فرنسا.
وتقول إحصاءات محكمة ليل الفرنسية التي أصدرت قرار ازالة جزء من المخيم، أن ألف لاجىء يعيش في هذا الجزء، وأن إزالته ستشكل حافزا لدخولهم إلى مخيم الحاويات.
لكن الجمعيات تصر على أن العدد أكبر بكثير ويفوق الثلاثة آلاف، علما أنه في الحالتين لا يوجد في مخيم الحاويات أكثر من 150 سريرا جاهزا لاستقبال لاجئين استطاعوا بمساعدة الجمعيات خلال أشهر مضت إقامة ملاجىء ودور عبادة ومدارس ومحلات تساعدهم في البقاء على قيد الحياة بانتظار العبور إلى بريطانيا.
وقد جاء لاجئون من أريتريا وإثيوبيا والسودان وأفغانستان وإيران ومصر وكردستان العراق وسوريا وفلسطين ولبنان ونيجيريا، ليعيشوا في ما يشبه الأحياء، فالحي العربي إلى اليمين والحي الكردي إلى اليسار.
تتداخل الممرات في هذا المخيم، وترتفع الأعلام والكتابات مثل "أوقفوا الحرب في سوريا لأعود الى بلدي"، بالإضافة إلى لافتات تدل على تقديم خدمات مثل "حلاق سوري"و "حمام ساخن" و"شاي للجميع" و"استعلامات المخيم" و"مركز لشحن الهواتف"، بالإضافة إلى "مدرسة" و"مطعم".
حارس الحدود
وتعمل فرنسا حارس حدود لبريطانيا، التي مولت آلاف الأمتار من السياج الشائك، ومنعت بحسب إحصاءات 39 ألف لاجىء من العبور إلى بريطانيا.
وقد أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي التقى رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون في القمة الفرنسية البريطانية السابعة والثلاثين، على نية فرنسا وبريطانيا مكافحة الهجرة غير الشرعية، وضبط حدود الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، تبدو جمعيات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة غائبة تماما عن المشهد، ووحدها جمعية "أطباء بلا حدود" التي بادرت من دون إذن من الدولة، إلى إقامة ملاجىء في مخيم غراند سانت في دنكرك بالقرب من كاليه، وهي حاضرة أيضا عبر خدمات طبية في كاليه.
ولم تحصل سكاي نيوز عربية على إجابة واضحة عن سبب تخلي دولة كفرنسا عن القيام بواجباتها الإنسانية تجاه النازحين، ولم تحصل عن إجابة واضحة من جمعية غوث اللاجئين عن سبب غيابها هي الأخرى وترك المجال أمام فوضى جمعيات ومبادرات فردية في كاليه وغراند سانت.
المشكلة أن فرنسا تريد معالجة القضية ضمن أزمة اللجوء الأوروبية، وبالانتظار تمعن في إهمال اللاجئين الذين يموت بعضهم من البرد، وتريد إرضاء بريطانيا التي تلوح بالخروج من فضاء الاتحاد الأوروبي، فتقوم بدور حرس الحدود بشكل مبالغ فيه.
كما تريد باريس الاستفادة من تصاعد موجة التطرف لمحاولة إنقاذ نفسها سياسيا، وعينها على انتخابات رئاسية قادمة.
أما الوضع الانساني للاجئين ومعاناتهم اليومية، والوحول والصقيع والمرض والهرب من الحرب والقمع والسعي إلى حياة أفضل، فلا تعني أحدا.