قبل أسابيع من إجراء الانتخابات العامة في بوركينا فاسو وقع انقلاب عسكري، أطاح الرئيس الانتقالي ميشيل كفاندو، في أحدث انقلاب يقع في القارة الإفريقية التي حطمت رقما قياسيا بعدد الانقلابات.

والانقلاب الذي وقع الخميس الماضي، هو الثاني الذي يحدث في البلاد خلال عام واحد، وقاده الجنرال جيلبير ديينديري.

ولا يمر عام واحد على القارة السمراء دون أن يخرج جيش إفريقي من ثكناته ويسيطر على السلطة بدواعي "فساد السلطة"، وتكون النتيجة في الغالب كارثية على البلاد والمدنيين فيها.

وخلال 60 عاما شهدت القارة الإفريقية 83 انقلابا عسكريا، وهو رقم يتفوق على الانقلابات في القارات الأخرى.

وفي عام 2014، فرّ رئيس وزراء ليسوتو، توماس ثاباني، إلى جنوب إفريقيا قبل ساعات من محاصرة الجيش مقر إقامته في العاصمة.

وقبل ذلك بعام، سيطر مسلحو ائتلاف سيليكا في إفريقيا الوسطى على العاصمة بانغي، ما أرغم الرئيس فرانسوا بوزيزيه على الفرار إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة، وفي دولة جنوب السودان الوليد تعرض حكم سلفا كير ميارديت إلى محاولة انقلاب.

وشهد عام 2012 انقلابين عسكريين، حيث سيطرت مجموعة من العسكريين الماليين على القصر الرئاسي في العاصمة باماكو، في حين استولى الجيش في غينيا بيساو على السلطة، بعد أن عزل رئيس الوزراء كارلوس غوميس جونيور من منصبه.

وبدأت الانقلابات العسكرية منتصف القرن الماضي بعد فترة قصيرة من موجة حصول عدد من الدول الإفريقية على استقلالها من الدول الاستعمارية.

وعرفت القارة الإفريقية أشكالا عدة لتداول السلطة، مثل الانتخابات والحروب الأهلية والعصيان المدني، إلا أن الانقلابات العسكرية كانت الوسيلة الأكثر رواجا.

وحتى عام 1978 بات نصف الدول الإفريقية محكومة بواسطة العسكريين. ورغم نجاح بعض تجارب الانتخابات والتداول السلمي في منتصف الثمانينيات، إلا أن هذه الأسلوب لم يلق انتشارا كبيرا، إذا عادت موجة الانقلابات مرة أخرى في فترة التسعينيات.

وأصدر الاتحاد الإفريقي قرارا عام 1999، يرفض بموجبه التعامل مع أي تغيير غير دستوري في السلطة بالدول الإفريقية.

وتؤدي عوامل عدة دورا في استمرار الانقلابات العسكرية في الغارة السمراء، يأتي على رأسها دور المؤسسة العسكرية، التي هيمنت على نصيب كبير من ميزانية الدول الإفريقية ورفضت أن تخضع لإمرة السياسيين.

وأقدمت المؤسسة العسكرية على الانقلاب على السلطة عندما حاولت التدخل في تعيين القادة العسكريين.

ومما ساعد في انتشار الانقلابات، ضعف بنية الأحزاب السياسية التي كانت دون توقعات الشعوب، فسرعان ما شهدت هذه الأحزاب انقسامات وخلافات وتفشى فيها الفساد.

وكانت البنية الإثنية والاجتماعية عاملا محفزا في وقوع الانقلابات، إذ اعتبرت العديد من الجماعات الإثنية أنها تملك الحق في السيطرة على هذه السلطة، وبات الانقلاب وسيلة تستخدمها لتحقيق أهدافها في الاستحواذ على السلطة، خاصة أن الدول الإفريقية تحتوي على تنوع إثني وديني وإقليمي، بحسب مراقبين.

ولم تكن القوى الاستعمارية بعيدة عن لعبة الانقلابات في إفريقيا، إذ مارست تأثيرا على الحياة السياسية والاختيارات الاقتصادية لهذه الدول الجديدة التي كانت تابعة لها، كما لعبت الشركات الدولية سياسات وصلت حد تسليح جماعات من المتمردين لضمان السيطرة على مصادر المواد الخام.